يديعوت: غزة والحليب يعريان نتنياهو
يديعوت أحرونوت بقلم سيما كدمون ها هي توصية من رئيس الوزراء لا يعتزم وزير الأمن القومي إيتمار بين غفير تبنيها: فهو لا يعتزم الاستقالة من الحكومة. وها هو اقتراح لا يعتزم رئيس الوزراء نتنياهو تبنيه: لن يقيل بن غفير من حكومته.
ما رأيناه في اليومين الأخيرين كانت رصاصات فارغة من الاتجاهين خدمت الطرفين أكثر مما أضرت. يحاول بن غفير إرضاء قاعدته الآخذة في التضاؤل عقب خيبة الأمل من إنجازاته. تهديد رئيس الوزراء بألا يدخل إلى التصويت في الهيئة العامة للكنيست فيجعل الحكومة حكومة أقلية – بدا له ناجعاً. أما نتنياهو من جهته، فقد حاول استعادة الحوكمة لنفسه بإظهاره لبن غفير بأن تهديداته لا تؤثر عليه، وأشار له إلى طريق الخروج.
كل شيء بدأ حين تخلى نتنياهو عن حضور بن غفير مداولات تقويم الوضع الأمني، فقضى بذلك أنه غير ذي صلة. مس بكرامة الوزير، وكرامته، كما هو معروف، هي الأهم لبن غفير. يبدو أن هذا ما تبقى له بعد أن تبددت وعوده قبل الانتخابات وبخاصة وعده بفرض النظام في الأمن الداخلي. منذ الوعود ارتفع عدد المغدورين في المجتمع كله وفي المجتمع العربي بخاصة ضعفين ونصف الضعف. فأول أمس، مر علينا يوم مع خمسة قتلى. فما الذي لدى بن غفير لينشغل به في غزة حين يكون هذا هو الوضع في وزارته؟ فليعن بشؤونه.
لكن بسبب شخصيته الصبيانية وخوفه من الاختفاء عن الوعي، بات وزير الأمن القومي ملزماً بخلق الاستفزازات دائماً. وكل من يعرف في الساحة السياسية، يعرف بأنه إذا ما انسحب أحد ما من التصويتات في المرحلة الأولى، يمكن لهذا ففي المرحلة التالية أن يتدحرج، بحيث يفضل بن غفير أن يكون نائباً ويفعل ما يعرف كيف يفعله بالشكل الأفضل: التوجه إلى ساحات العمليات والصراخ أمام الكاميرات.
وحتى لو انسحب بن غفير من الحكومة، فإنه لا يعتزم مغادرة الائتلاف. ومع ذلك، عند الحديث عن أربعة أشهر ونصف فقط من قيام الحكومة، فهذا مبكر بعض الشيء. فما بالك أننا نعرف قدرة صمود نتنياهو: في الأزمات السابقة، تلقى بن غفير تعويضاً بشكل قانون عقوبة الموت للمخربين، والذي أجيز بالقراءة التمهيدية، والحرس القومي. من يدري ما الذي سيحصل عليه كحافز لإنهاء الأزمة الحالية.
نتنياهو ملّ. مع كل احتكاك، يخلق بن غفير مشكلة إعلامية حين يهزأ من قدرات حكومة “اليمين بالكامل” التي تتكشف كفشل ذريع. كما أن نتنياهو يعرف الاستطلاعات التي تظهر أن أكثر من 70 في المئة يعتقدون أن الحكومة فشلت في موضوع الأمن. ويدور الحديث عن الأسبوع الأول لدورة الكنيست، بينما يقف على جدول الأعمال عدة مشاكل غير محلولة منذ قانون التجنيد الذي يحاول نتنياهو، بالتشاور مع درعي وغفني دحرجته إلى زمن آخر، وهذا بخلاف اغودات يسرائيل والأموريين من بعلاز وغور، ولمئير باروش، ووزير القدس وتقاليد إسرائيل الذي دعا نتنياهو هذا الأسبوع إلى الرحيل لأنه غير قادر على الالتزام بالاتفاقات (صباح الخير أيها الوزير باروش).
لقد فعلت الأحداث في غزة معروفاً كبيراً لبن غفير. كان هذا هو الأسبوع الأسوأ من ناحية الأمن الداخلي. عدد الجرائم والأمن الشخصي، نجحت غزة نجحت في إزاحتها عن جدول الأعمال. في الحكومة السابقة كان موضوع الجريمة في الشارع العربي على جدول الأعمال بشكل دائم، حين كانت اللجنة الوزارية تنعقد مرة في الشهر. أما هنا فلم نسمع عن أي بحث في الموضوع. لكنه ليس الأمر الوحيد الذي نحتاجه هذا الأسبوع لنقارن به مع الحكومة السابقة: فبعد كل التحذيرات الكبرى من حكومة اليمين مليء – مليء، تعرض الجنوب في ليلة واحدة لأكثر من مئة صاروخ، بينما سقط في الحكومة السابقة 15 صاروخاً على مدى سنتين. وعند مقارنة حملة “بزوغ الفجر” لحكومة بينيت ولبيد وغانتس، إلى جانب “الإخوان المسلمين”، حين صفي كبار مسؤولي الجهاد الإسلامي في غضون بضعة أيام، بشكل معالجة الحكومة الحالية للوضع الأمني – فلا غرو أن الائتلاف يخرج ضد الحكومة التي هم جزء منها.
لقد تعرضت حكومة نتنياهو هذا الأسبوع لضربات قاضية في العلمين اللذين رفعتهما قبل الانتخابات: العلم الأمني – مع الحدث في غزة، وغلاء المعيشة – مع غلاء الحليب. يمكن القول إن الحكومة انكشفت بكل عريها ويبدو هذا جيداً.
بات نتنياهو في مشكلة حقيقية في الموضوع الأمني؛ فهو يعرف بأن كل عملية أو حملة له ستصطدم باشتباه أنه يحاول صرف الانتباه عن الموضوع القضائي. وحقيقة أنه أوقف التشريع وكانت تسهل على ادلشتاين وغالنت وربما أيضاً على ديختر وبركات، وأوقفت الانزلاق الذي بدأ في الليكود، لكنها تخلق له مشكلة مع اليريف لفينيين. لكن رأس نتنياهو في مكان آخر: أمام ناظريه الآن إقرار الميزانية التي ستجاز كما يبدو الحال الآن دون أي صعوبة.
المشكلة التي تقلق المعارضة هي ما الذي سيحصل بعد أن تجاز الميزانية، حين تكون قوانين الانقلاب النظامي على مسافة بضع ساعات من التشريع، بما في ذلك قانون تغيير لجنة تعيين القضاة، الذي سيغير النظام في إسرائيل؟
معضلة المعارضة غير بسيطة: هل تترك المفاوضات في مقر الرئيس والتي هي على ما يبدو في مأزق، أم تضع موعداً نهائياً لإنهاء المداولات وبعده تنسحب؟
يعتقد المعسكر الرسمي أنه سيكون من الخطأ التوقف ما بقي الحديث جارياً – التشريع لا يجاز، والزمن في هذه الحالة عنصر مركزي. مسؤولو الحزب لا يؤمنون بالجملة القائلة “كلما كان أسوأ بدا أفضل”. هم يؤمنون بأنه كلما هبط الطرف الآخر في الاستطلاعات، سيلين أكثر، وستكون طريقة طرح إنذار والخروج من المباحثات برأيهم خطأ. ودليل ذلك هو الصعود الصاروخي لغانتس في الاستطلاعات. يبدو أنه قام بعمل ما صحيح، يقولون هناك. إذا انسحب فسيسمح للائتلاف بالعودة فوراً إلى التشريع ويعرض الطرف الآخر كمن لا يريد الاتفاق.
أما الجمهور، كما يدعون، فإنه يريد الاتفاق. كما أن معظم متظاهري الاحتجاج يريدون برأيهم أن يستنفدوا فرصة الحل الوسط. أو كما قال لي هذا الأسبوع مسؤول كبير في المعسكر الرسمي: هذا الجمهور يريد أن يأكل العنب دون أن يقاتل الناطور.