وينسلاند: قرار “إسرائيل” بحظر الأونروا يهدد بتقويض العمل الإنساني والسياسي والقانون الدولي
في اللقاء الدوري لمجلس الأمن الدولي تحت بند “قضية الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية”، قدم منسق عملية السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمم المتحدة في فلسطين المحتلة تور وينسيلاند تقريرا شاملا عن الأوضاع في غزة والضفة الغربية ولبنان بما في ذلك المواجهات بين إسرائيل وإيران.
كما أكد وينسلاند أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية واعتداءات المستوطنين توسعت كثيرا بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة.
وقال وينسلاند مشيرا إلى قرار الكنيست حول الأونروا “في الثامن والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول، تبنى الكنيست الإسرائيلي قانونين بشأن الأونروا يحظران على المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين الاتصال بالأونروا أو ممثليها ويحظران عمليات الأونروا داخل ما يشار إليه بالأراضي السيادية لدولة إسرائيل، وتهدد هذه التطورات بانهيار عمليات الأونروا في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة وتقوض بشدة العمليات الإنسانية في غزة، والتي تعتمد على الأونروا، ومن المقرر أن تدخل هذه القوانين حيز التنفيذ في غضون تسعين يومًا”.
وأضاف أن تحديد حقوق اللاجئين الفلسطينيين قد تم في قرار للجمعية العامة سبق إنشاء الأونروا.
ودعا إلى تجنب الخطوات الأحادية الجانب مثل هذا التشريع، الذي لا يسعى إلى تقويض العمل الذي أوكلته الأمم المتحدة فحسب، بل ويهدد أيضًا بإعاقة الحل السياسي للصراع على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وقال منسق عملية السلام “إن التقاء التحديات في جميع أنحاء المنطقة يتطلب منا أن نتحرك على وجه السرعة لوقف الأعمال العدائية وتهدئة الأوضاع يجب أن يكون لدينا وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة الآن”.
وقال إنه بدون وقف إطلاق النار، فإن التحول الأساسي المطلوب لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية القادرة على مواجهة الكارثة الحالية في غزة سيكون مستحيلاً. ويتعين علينا أيضاً أن نعمل بشكل ملموس على التوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك وقف الخطوات الأحادية الجانب التي لا رجعة فيها على الأرض والتي تقوض حل الدولتين.
“نحن بحاجة ماسة إلى مجموعة من التفاهمات لإنشاء إطار سياسي وأمني في غزة يتماشى مع المبادئ التي حددتها مراراً وتكراراً في هذا المجلس. لقد دخلنا الآن العام الثاني من هذا الصراع المروع، والمنطقة على وشك تصعيد خطير آخر. “إن العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة الأوسع لا تظهر أي علامات على التراجع فبالأمس فقط في غزة، قصفت القوات الإسرائيلية مبنى في بيت لاهيا، مما أسفر عن مقتل أو اختفاء ما لا يقل عن 90 فلسطينيًا، بما في ذلك 25 طفلاً على الأقل، وفقًا للأرقام الأولية لوزارة الصحة في غزة. هذه الضربة هي حلقة أخرى في سلسلة مميتة من حوادث الإصابات الجماعية الأخيرة في شمال غزة. إننا لا نشهد كابوساً إنسانياً مروعاً فحسب، بل نشهد أيضاً تفككاً متسارعاً لآفاق التوصل إلى حل مستدام لهذا الصراع”.
وتابع وينسيلاند إحاطته الشهرية قائلا إنه في الأسبوع الماضي، زار قطاع غزة “وما شهدته يتحدى الخيال في الجزء الجنوبي من القطاع، رأيت حجم الدمار الهائل الذي ألحقته هذه الحرب بالسكان. لقد رأيت الدمار الهائل – للمباني السكنية والطرق والمستشفيات والمدارس. لقد رأيت الآلاف يعيشون في خيام مؤقتة، ولا مكان آخر يذهبون إليه مع اقتراب فصل الشتاء. لقد تحدثت إلى زملائنا في الأمم المتحدة وشركائهم الإنسانيين، الذين يواجهون تحديات متزايدة في جهودهم الدؤوبة لتقديم المساعدات الحيوية. لقد وصفوا الوضع الإنساني المزري في شمال غزة، والذي لم يتلق أي مساعدات إنسانية تقريباً منذ بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر. لقد سمعت من المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، التي كانت مطالبها واضحة للغاية: يجب أن تنتهي الحرب. يجب حماية المدنيين، ويجب أن يتمكنوا من الوصول إلى المساعدة لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وحتى في مواجهة مجرد محاولة البقاء على قيد الحياة، فقد أدركوا أنه يجب أن يكون هناك حل سياسي للصراع وإنهاء الاحتلال”.
السفير الفلسطيني منصور: إسرائيل تشن حربا شاملة على الأمم المتحدة
كان السفير الفلسطيني رياض منصور أول المتحدثين بعد إحاطة منسق عملية السلام وقال في كلمته إنه جلس هنا في مجلس الأمن مرارا وتكرارا على أمل أن يقول للشعب الفلسطيني إن المساعدة في طريقها إليكم دونما نجاح. وقال إن إسرائيل تشن حربا على الأمم المتحدة ليس فقط على الشعب الفلسطيني. إنها لا تحترم أيا من قرارات الأمم المتحدة. أعلنت الأمين العام “شخصا غير مرغوب فيه”، قتلت مئات من موظفي الأمم المتحدة، وهاجمت مراكز ومؤسسات الأمم المتحدة، ومؤسساتها والآن قررت منع نشاط الأونروا. وستتابع إسرائيل حرب إسرائيل على الأمم المتحدة لأنها لا تخشى العقاب والمساءلة.
وقال منصور إن الشعب الفلسطيني في غزة الآن محاصر ومجوع ويتعرض للإبادة، “لا مكان يذهبون إليه ويعرفون أنهم إن غادروا لن يسمح لهم بالعودة. وإسرائيل تعترف بهذه الجرائم ولا تخفيها ولكنها تريد إعادة تعريف القانون الدولي ليستوعب جرائمها كالقتل والتجويع والعقاب الجماعي. وهي مسموح لهذه الجرائم إذا ارتكبتها إسرائيل وهي جرائم وحشية وبربرية إذا ارتكبها الآخرون. إنها قوانين عنصرية تحددها هوية الضحية. فهل سيقبل مجلس الأمن هذا التصنيف وهذه الجرائم. متى؟ ربما بعد أن لا يبقى فلسطيني واحد”. وتساءل منصور كيف يقبل المجتمع الدولي استهداف الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لأنها تقف عقبة في طريق خطط إسرائيل لإبادة الشعب الفلسطيني. ليس صدفة أن يكون هذا النزاع هو الأعنف مع الأمم المتحدة وموظفيها ومؤسساتها في تاريخ المنظمة الدولية.
وتابع منصور قائلا: “إن هذا المقعد في مجلس الأمن الذي أجلس عليه يمثل الشعب الفلسطيني ومن خلاله أبعث لكم آلام وأحزان شعب يتعرض للإبادة”.
وناشد السفير أعضاء المجلس أن يستمعوا إلى استغاثات الشعب الفلسطيني المحاصر المدمر والذي زادت ضحاياه عن 42 ألفا وزاد عدد جرحاه عن مئة ألف عدا عن آلاف المدفونين تحت الركام والآلاف الذين يقبعون في الأسر.
وقال إن إسرائيل كسرت كل القوانين وكل المحرمات وتشعر أنها مسموح لها فقط أن ترتكب هذه الجرائم البربرية.
وقال “لقد تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء وكسرت كل القواعد وتحدت كل الممنوعات فمتى ستقولون كفي؟ ومتى ستأخذون خطوة عملية؟”.
السفير الجزائري: دعنا نعلن الآن وقف إطلاق النار بدون شروط
وقال السفير الجزائري عمار بن جامع في كلمته: “إننا نعيش في عالم تملي شروطه القوة وليس الحق”. واقتبس السفير ما قاله وينسلاند حول شمال غزة الذي يتعرض إلى التدمير والقتل والتجويع، حيث تعرض مركز إيواء في بيت لاهيا إلى قصف أدى إلى استشهاد أكثر من 60 ضحية من بينهم 25 طفلا. “هذه العمليات ليست عسكرية بل عمليات إبادة طالت حتى موظفي الأمم المتحدة الذين يُمنعون من إيصال المساعدات الإنسانية”.
وتحدث السفير بن جامع عن خطوات إسرائيل لتدمير الأونروا وقال إن بلاده تدين هذه الإفتراءات. “أونروا تعمل بولاية من الأمم المتحدة وليست خاضعة لإرادة دولة واحدة. إنها شريان حياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين وهي منظمة لا بديل عنها ويجب حمايتها لتستمر في تقديم خدماتها ما دامت القضية الفلسطينية غير محلولة”.
كما تحدث السفير عن استهداف إسرائيل للصحافيين بهدف التغطية على جرائمها ونقل الحقيقة للعالم.
وقال: “إسرائيل منعت الصحافيين الأجانب من دخول غزة لأكثر من عام ثم بدأت تستهدف الصحافيين الفلسطينيين، خلال هذا الأسبوع اتهمت إسرائيل ستة صحافيين بالإرهاب في مقدمة لقتلهم. لقد قتلت 148 صحافيا فلسطينيا لغاية الآن في فلسطين المحتلة وعشرة صحافيين في لبنان”. وتساءل بن جامع “أين تلك الأصوات التي تدعو إلى حرية التعبير وحرية الرأي؟ لماذا هذا الصمت؟”.
وتابع السفير الجزائري قائلا إن معاناة الشعب الفلسطيني ليست إنسانية فقط بل هي سياسية وتعود جذورها إلى عقود بسبب حرمانه من حقوقه الشرعية في الحرية والكرامة والاستقلال الوطني. “إن القضية الأساسية في الشرق الأوسط هي الاحتلال والاضطهاد. دعنا نعلن وقف إطلاق النار فورا وبدون شروط في فلسطين ولبنان ونطلق عملية سياسية حقيقية”.
السفيرة الأمريكية: لا بديل للأونروا
السفيرة الأميركية ليندا، توماس غرينفيلد، قالت إنه ما من بديل للأونروا عندما يتعلق الأمر بإيصال الغذاء وغيره من المساعدات المنقذة للحياة في غزة. وأبدت مخاوف بشأن تنفيذ التشريع الإسرائيلي وقالت: “يجب على إسرائيل والأمم المتحدة التحدث مع بعضهما البعض لمعالجة المخاوف التي أدت إلى التشريع في الكنيست ولضمان أن تفي الأونروا بولايتها الحاسمة، وإعادة بناء الثقة في مهمتها والمئات من الموظفين غير المرتبطين بحماس”.
وأضافت أنه يجب على إسرائيل أن تجري عملياتها في غزة بطريقة تحمي المدنيين وتلتزم بالقانون الدولي، مشيرة إلى أن الجهود التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية لتسهيل المساعدات الإنسانية موضع تقدير ولكن يجب القيام بالمزيد.
وكررت السفيرة الأمريكية الاتهامات التي ما فتئت إسرائيل ترددها حول استخدام حماس للمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف لإخفاء الأسلحة والمقاتلين.
ووصفت التقارير عن اعتقال أفراد من الطاقم الطبي من قبل القوات الإسرائيلية في المستشفيات شمال غزة بأنها مزعجة للغاية، وحثت إسرائيل على معالجة هذه الادعاءات علنا على الفور، وأكدت مجددا ضرورة ألا يكون هناك نزوح قسري ولا إعادة احتلال ولا تقليص لمساحة غزة.
من جهته كرر داني دانون، سفير الاحتلال الإسرائيلي، في كلمته على مهاجمة الأونروا واتهمها بكافة الشرور والضلوع في العمليات العسكرية.
وقال إن أعضاء مجلس الأمن في اجتماع اليوم سيتحدثون عن الأونروا، وكان قد أشار في أحاديثه لسنوات عما وصفه باختراق الوكالة.
واتهم مجددا (الأونروا) في غزة بأنها واجهة إرهابية “تتخفى كوكالة إنسانية”.
وأضاف أن إسرائيل تواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، وأن المشكلة ليست في تدفق المساعدات إلى غزة ولكنها تكمن في حركة حماس. وقال إن إسرائيل ملتزمة بالعمل مع شركائها لتوصيل المساعدات إلى من يحتاجها. وقال إن الجولة الثانية لحملة التطعيم ضد شلل الأطفال في شمال غزة ستبدأ خلال الأيام المقبلة.
وحول المواجهات في جنوب لبنان أكد دانون أن التغيير الإيجابي سيحدث عندما “نقتلع حزب الله من جنوب لبنان لحماية المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالإضافة إلى حفظة السلام أنفسهم” وشدد على ضرورة أن يتذكر مجلس الأمن أن الأعداء الذين نواجههم لا يهتمون بالحياة البشرية ورفاه من يتظاهرون بحمايتهم. إن لهم هدفا واحدا هو الموت والدمار.