“وقف الأمة”.. الصندوق الذي تحول من دعم المقدسيين إلى شبكة فساد وغموض مالي

وطن على مدار سنوات، كان وقف الأمة واحدًا من أبرز المؤسسات الخيرية التي تُقدّم نفسها على أنها تعمل لصالح القضية الفلسطينية، وبالأخص لدعم المقدسيين تحت غطاء المساعدات الإنسانية والمشاريع الوقفية المستدامة. تأسست المؤسسة في إسطنبول عام 2013، وسرعان ما حظيت بدعم شخصيات نافذة داخل حركة حماس، إلى جانب تأييد عدد من المنظمات الإسلامية التي رأت فيها وسيلة فعالة لتأمين موارد مالية لدعم القدس والمسجد الأقصى.
لكن مع مرور الوقت، بدأت الشكوك تحوم حول الأنشطة المالية للمؤسسة، وسط تزايد التساؤلات بشأن كيفية إدارتها للأموال الطائلة التي جمعتها من رجال أعمال ومتبرعين حول العالم. كان الهدف المُعلن هو إقامة مشاريع خدمية وتعليمية في القدس المحتلة، غير أن الوقائع كشفت أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال لم يُصرف في المشاريع المعلنة، وإنما تم توجيهه نحو استثمارات خاصة وأصول مملوكة لبعض الشخصيات المرتبطة بالمؤسسة.
الانفجار الحقيقي للأزمة جاء بعد أن نشرت حركة حماس بيانًا رسميًا، حذرت فيه من التعامل مع وقف الأمة ودعت إلى وقف التبرعات الموجهة له، مشيرةً إلى وجود خروقات مالية جسيمة داخل المؤسسة. أثار هذا الإعلان صدمة واسعة في الأوساط الداعمة للمؤسسة، خصوصًا أنه يأتي من جهة كانت من بين الداعمين الأساسيين لها منذ تأسيسها.
التحقيقات الداخلية التي أجرتها حماس أظهرت أن بعض القيادات داخل الوقف استغلت أموال التبرعات لمصالحها الشخصية، وأقامت استثمارات بأسماء أقاربها، وهو ما دفع الحركة إلى التدخل وفضح هذه التجاوزات بعد سنوات من الصمت. ورغم محاولات القائمين على الوقف التغطية على هذه الفضائح، إلا أن الأدلة التي تم الكشف عنها كانت قاطعة، ما دفع الحركة إلى قطع علاقتها بالمؤسسة رسميًا وإعلان موقفها بوضوح.
المثير في القضية أن وقف الأمة لم يتوقف عن جمع التبرعات رغم تحذيرات حماس، حيث واصلت المؤسسة تنظيم حملات لجمع الأموال، مدعيةً أنها ستُخصص لإغاثة قطاع غزة الذي دمرته الحرب الأخيرة. هذا السلوك أثار المزيد من الجدل، ودفع جهات حقوقية إلى المطالبة بفتح تحقيق دولي شفاف لكشف مصير الأموال التي جمعتها المؤسسة طوال السنوات الماضية.
تُظهر هذه الفضيحة مدى خطورة الفساد المالي داخل بعض المؤسسات التي تعمل تحت غطاء الإغاثة والمساعدات الإنسانية، خصوصًا في ظل غياب الشفافية والرقابة المالية الصارمة. في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من حصار خانق وأوضاع إنسانية مأساوية، هناك من يستغل تضحياتهم لإثراء نفسه وبناء إمبراطورية مالية خاصة، على حساب آلامهم.
يبقى السؤال الأهم: كيف سيتعامل المانحون مع هذه الفضيحة؟ وهل ستتم محاسبة المتورطين أم أن القضية ستُدفن كما دُفنت فضائح مالية سابقة في مؤسسات أخرى؟
مافيا وقف الأمة.. مفاجآت جديدة صادمة بالأسماء!