وطن في تطور يكشف أبعادًا جديدة من العلاقات بين إسرائيل والنظام المصري في عهد حسني مبارك، كشفت وثائق بريطانية رُفعت عنها السرية مؤخرًا أن تل أبيب مارست ضغوطًا على الحكومة البريطانية منتصف الثمانينيات لإنقاذ مبارك من أزمة اقتصادية حادة كادت تعصف بحكمه.

الوثائق، التي نشرتها وسائل إعلام بريطانية، بيّنت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، شمعون بيريز، أرسل مستشاره في منتصف الليل للاتصال بمكتب مارغريت تاتشر، راجيًا دعم لندن لمبارك، الذي كان قد وصل إلى أوروبا مستنجدًا بعد تفاقم الوضع الاقتصادي في بلاده.

مبارك، وفق الوثائق، كان يواجه وضعًا “سياسيًا هشًا”، بعد أن بلغ العجز في الميزانية 16٪، ووصل الدين الخارجي إلى أكثر من 50 مليار دولار. صندوق النقد الدولي فرض شروطًا قاسية على القاهرة، ما دفع الرئيس المصري حينها إلى جولة أوروبية شملت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في محاولة لتليين تلك الشروط.

إسرائيل رأت في بقاء مبارك “كنزًا استراتيجيًا” يحمي اتفاق السلام، لذلك تدخلت سياسيًا لإنقاذ نظامه، معتبرة أن انهيار الاقتصاد المصري سيشكل تهديدًا لاستقرار الشرق الأوسط.

لكن بريطانيا، رغم تعاطفها، رفضت تقديم أي التزام مالي مباشر. تاتشر شددت على أن السبيل الوحيد أمام مبارك هو تنفيذ إصلاحات داخلية والالتزام بشروط صندوق النقد الدولي، مؤكدة أن “الإنقاذ الكامل لمصر ليس في قدرة الغرب”.

الوثائق أضاءت كذلك على الانقسام الأوروبي بشأن الاستجابة للأزمة المصرية، ففي الوقت الذي أبدت فيه بعض الحكومات حذرًا من دعم مباشر، رأى آخرون ضرورة المحافظة على استقرار مصر بأي ثمن.

لكن في المحصلة، لم تحظَ مصر بمظلة إنقاذ غربية، وظل مبارك في الحكم بفضل توازنات داخلية وإقليمية حتى سقوطه بثورة 2011.

هذا الكشف يعيد طرح الأسئلة حول حجم تدخل إسرائيل في الشأن المصري، وحدود النفوذ الخارجي في صياغة مصير الأنظمة العربية خلال عقود ما بعد كامب ديفيد.

تسريب لمبارك يلقى رواجا بالتزامن مع أحداث غزة وانبطاح حكام العرب

شاركها.