تُعطّل دولة الاحتلال الإسرائيلي الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق قطاع غزة، بذرائع مختلفة.

ورغم زعم تقارير عبرية عديدة في الآونة الأخيرة أن الولايات المتحدة تضغط عليها للقيام بذلك، إلا أنها تواصل انتهاك الاتفاق واستهداف الفلسطينيين بقصف شبه يومي، وبالتأكيد بموافقة أميركية، استناداً إلى تصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين بأن أي خطوة إسرائيلية تُتخذ في قطاع غزة رداً على ما تعتبره دولة الاحتلال خروقات من قبل حماس يجب أن تحصل على موافقة واشنطن.

إلى ذلك، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الخميس، بأنه رغم الضغط الأميركي على إسرائيل، تصرّ الأخيرة على عدم التقدّم في مراحل خطة النقاط العشرين للرئيس دونالد ترامب قبل استعادة رفات آخر اثنين من أسراها في القطاع، كشرط للمضي قدماً.

ويزعم مسؤول إسرائيلي مطلع على التفاصيل، لم تُسمّه الصحيفة، أنه رغم عمليات البحث الجارية عن الجثمانين المتبقيين، لكنها ليست مكثفة من قبل المقاومة الفلسطينية، وإنما “بحث على نار هادئة”.

وتواصل إسرائيل الضغط على حماس لتحديد مكان الأسيرين القتيلين، بينما ترفض فتح معبر رفح. كما ترفض، بحسب تقرير الصحيفة، زيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع أو مناقشة استمرار الانسحابات من الخط الأصفر. ويتركز الضغط على حركة حماس في أن هناك خيطاً أولياً بشأن مكان وجود الأسيرين. وبحسب المسؤول: “أنا متأكد أن حماس يمكن أن تبذل مزيداً من الجهود. يمكن إحضارهما”. ومن المتوقع أن تعرض إسرائيل على حماس، عبر الوسطاء، الانضمام إلى جهود البحث عنهما.

وعليه، فإن الرسالة الإسرائيلية، بحسب التقرير العبري، هي أنه “طالما لم تتم إعادة جميع الأسرى القتلى، لن يتم التقدم في المواضيع الأخرى ضمن الخطة”. ويصف مسؤولون في إسرائيل شعوراً بالجمود فيما يتعلق بقضية الجثامين، ويزعمون أنه إذا تمت إعادة آخر اثنين، فإن إسرائيل ستبدأ بمناقشة قضايا مختلفة تتعلق بإعادة إعمار القطاع، وذلك بعد أكثر من عامين من حرب الإبادة.

قضية أخرى يتخذها الاحتلال ذريعة لعرقلة التقدّم والانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة، هي مقاتلو حماس في أنفاق رفح. وتزعم إسرائيل أنها كانت مستعدة للسماح لهم بالتوجّه إلى دولة ثالثة دون أن يتعرضوا للأذى، لكن لم يتم العثور على أي دولة توافق على استقبالهم. في غضون ذلك، يواصل جيش الاحتلال محاصرة واستهداف مقاتلي حركة حماس العالقين في رفح. وأفادت القناة 12 العبرية، مساء أمس الأربعاء، بأن إسرائيل نقلت قبل نحو أسبوع عبر الوسطاء اقتراحاً إلى الحركة يقضي بأن يتمكّن جميع المقاتلين الأحياء الموجودين تحت الأرض شرق رفح من الخروج من الأنفاق مقابل الاستسلام والسجن في إسرائيل، بينما يمكن الإفراج عنهم لاحقاً، وأن يعودوا إلى قطاع غزة شريطة أن يعلنوا تخليهم عن أسلحتهم وألا يستمروا بنشاطات المقاومة.

عرقلة القوة الدولية

كذلك، هناك ذرائع أخرى تحول دون انتقال إسرائيل إلى المرحلة الثانية. وبحسب “يديعوت أحرونوت”، فإن الأميركيين يواصلون من جانبهم الاستعدادات للانتقال إلى المرحلة الثانية من الصفقة، لكنهم يواجهون صعوبات خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل قوة الاستقرار الدولية. وزعم تقرير الصحيفة أنه حتى الآن لا توجد دول عربية أو إسلامية كثيرة مستعدة لتقديم آلاف الجنود الذين سيتمركزون في قطاع غزة ويتسلّمون المسؤولية عنه من الجيش الإسرائيلي، ورغم إبداء أذربيجان استعداداً مبدئياً لإرسال جنود، فإنها على ما يبدو تراجعت، وأحد التقديرات هو أن تركيا ضغطت عليها للتراجع عن نواياها لأنها نفسها تريد ملء الفراغ وإدخال قوات إلى غزة. وتعارض إسرائيل، بطبيعة الحال وبشدة، إدخال قوات من تركيا وقطر بحجة أنهما تستضيفان دائماً كبار قادة حماس، لكنها مستعدة لقبول قوات من أذربيجان ومن إندونيسيا. ونقلت الصحيفة قول مسؤول إسرائيلي مطلع على التفاصيل، لم تُسمّه، “حالياً، لا يوجد تقدم في تشكيل قوة الاستقرار”. وأضاف: “ليس واضحاً متى سيصل الجنود الأوائل إلى المنطقة، وفي كل الأحوال سيتعين عليهم الخضوع لتدريب وتأهيل، وبعدها فقط الدخول إلى الميدان. هذه هي القضية المركزية التي سيتعين على الأميركيين حلها”.

رصد

قناة إسرائيلية: تحضيرات لبناء “مدينة خضراء” شرقي رفح جنوبي قطاع غزة

وبحسب ذات المسؤول، فإن الافتراض في إسرائيل هو أنه إذا لم تتولَّ قوة الاستقرار مهمة نزع سلاح حماس، فإن إسرائيل ستضطر إلى القيام بذلك بنفسها. وحول التقارير التي تفيد بأن حماس ترفض نزع سلاحها وتبدي استعداداً للتخلي عن السلاح الثقيل فقط، قال المسؤول الإسرائيلي: “من وجهة نظر إسرائيل هذا أمر غير مقبول، ونحن نصرّ على نزع كامل للسلاح”.

خلافات إسرائيلية والولايات المتحدة تفقد صبرها

ولفت التقرير إلى وجود خلافات في أوساط القيادة الإسرائيلية بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من عدمه، في حال وصلت إسرائيل إلى استنتاج بأنها لا يمكن معرفة مكان آخر جثمانين. ونوقش الأمر في اجتماع للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، وسط شعور بأنه سيأتي وقت لن تتمكن فيه إسرائيل من إيقاف التقدم في الخطة الأميركية بشأن غزة، وأن هذا الوقت يقترب بالفعل.

وزعم التقرير العبري أن الأميركيين يواصلون منع إسرائيل من فرض عقوبات على حماس في قضية العثور على رفات الأسرى الإسرائيليين، ما يخلق إحباطاً في الجانب الإسرائيلي، بحيث إن حماس تماطل، وإسرائيل لا تستطيع أن تتحرك. ورغم الخروقات الإسرائيلية اليومية للاتفاق وارتكاب جيش الاحتلال مجازر جديدة في غزة، تدّعي إسرائيل أن حماس هي من تخرق التزامها بالاتفاق الذي قاده ترامب. وقدّر مسؤولون إسرائيليون، أمس الأربعاء، أن “الولايات المتحدة تفقد صبرها تدريجياً، وقد نرى هنا ضغطاً أميركياً على إسرائيل”.

وتخشى إسرائيل أن يقود الجمود في الوضع إلى إصرار الأميركيين على إدخال جنود أتراك إلى غزة. ومن وجهة نظر إسرائيل، هذا سيناريو إشكالي للغاية، فيما تروّج لمتابعتها بقلق المعلومات الواردة من القطاع حول تعزيز قوة حماس في المناطق التي تسيطر عليها. وتتمسك بذلك ذريعة للإصرار على ضرورة نزع سلاح حماس، وأن إسرائيل لن تبدي تنازلات في هذا الموضوع.

إلى ذلك، نقلت الصحيفة قول دبلوماسيين لم تُسمّهم إنه ليس واضحاً ما سيكون مصير القوة الدولية. وبحسبهم، تقول الولايات المتحدة لجميع الدول المرتبطة بالاتفاق إنها ملتزمة به وتعمل على تنفيذه، وأن الدول يمكن أن تساعد خلف الكواليس ليس فقط عبر إرسال جنود إلى القطاع، بل أيضاً من خلال المساعدة في مقر القيادة في كريات غات، وفي اللوجستيات أو في التمويل المالي. ومع ذلك، شدد هؤلاء على أن الأميركيين يواصلون البحث عن دول توافق على إرسال جنودها إلى القطاع.

شاركها.