هكذا أجهضت الجزائر “المناورة” الإماراتية لصالح المغرب.. قطعت الطريق على صفقة “ناتورجي” ومدريد ترضخ وطن
وطن أفادت وسائل إعلام إسبانية بتراجع إسبانيا بعد ضغط جزائري عن التجاوب مع عرض إماراتي بمليارات الدولارات للاستحواذ على شركة “ناتورجي” للغاز لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي.
ومنذ أيام تتصدر أحاديث الأوساط السياسية في الجزائر وإسبانيا، المساعي المشبوهة للحكومة الإماراتية عبر شركة “طاقة”، للسيطرة على شركة “ناتورجي” الإسبانية، بالنظر لشراكة “ناتورجي” مع نظيرتها الجزائرية، سوناطراك، التي تزود الإسبان بأكثر من ثلث حاجياتهم من الغاز.
الجزائر تمنع استحواذ أبوظبي على “ناتورجي”
وفي حين ترغب الحكومة الإسبانية في اجتذاب استثمارات من دول الخليج، إلا أنها لا تحبذ سيطرة هذه الاستثمارات على شركات في قطاعات إستراتيجية مثل الاتصالات (كما في حالة “تليفونيكا” والطاقة (كما في حالة “ناتورجي” للغاز والكهرباء) التي تريد الإمارات الاستحواذ عليها مما يسبب قلق الجزائر أكبر مزود لإسبانيا بالغاز.
وكانت شركة “طاقة” المملوكة لأبوظبي قد أبدت رغبتها في الاستحواذ على كامل أسهم “ناتورجي”، وتكرار محاولة شراء “سيبسا” النفطية منذ سنوات.
ويعود تردد الحكومة الإسبانية وقلق الجزائر إلى أن“ناتورجي” تمتلك 49% من أسهم أنبوب “ميد غاز” الذي يحمل الغاز الجزائري إلى السوق الإسبانية والبرتغالية بينما تمتلك الجزائر الباقي.
وكان مجلس الوزراء الإسباني قد صادق، الثلاثاء، على اتفاقية مع الإمارات لحماية الاستثمارات الثنائية وتسهيل الاستثمارات البينية، مما جعل بعض وسائل الإعلام تعتبر ذلك تمهيداً للموافقة على استحواذ “طاقة” على “ناتورجي” مقابل 22 مليار دولار أو حتى 26 مليار دولار.
وأقدمت الجزائر ابتداء من سنة 2022 على تحويل فائض الغاز إلى إيطاليا بدل إسبانيا، وتتخوف حكومة مدريد من قرار جزائري قد يحد من واردات الغاز إلى هذا البلد الأوروبي مستقبلا إذا اكتملت صفقة الإمارات حول “ناتورجي”، لاسيما وأن العلاقات بين البلدين مازالت رهينة أزمة شائكة على خلفية ملف الصحراء الغربية.
وزير الخارجية الإسباني السابق محذرا حكومة بلاده: “هذا أسوأ توقيت للعبث مع الجزائر” (شاهد)
مناورة إماراتية لصالح المغرب
ويتخذ الأمر بعدا سياسيا بحكم أن الجزائر لا تنظر بارتياح إلى دخول دولة مثل الإمارات على هذا الخط، وهي دولة مصدرة للغاز ولديها علاقات متأزمة حالياً معها، كما أنها من ضمن الحلفاء الرئيسيين للمغرب، المنافس القوي للجزائر في شمال إفريقيا.
وكانت تقارير صحف إسبانية وصفت ما يحدث بمناورة إماراتية تصب في صالح المغرب لكي يحصل مستقبلا على الغاز من طرف شركة “ناتورجي” التي ستكون تحت تصرف الإمارات، مبرزة أنه جرى تقديم تقرير في هذا الموضوع إلى رئاسة الحكومة.
يذكر أن الجزائر تشترط في عقودها مع الشركات الإسبانية عدم إعادة بيع الغاز الجزائري لطرف ثالث إلا بموافقتها.
وتنوب إسبانيا في الوقت الراهن عن المغرب في شراء الغاز من السوق الدولية وإعادة تصديره للمعرب عبر أنبوب “المغرب العربي”، لكنها لا تقوم بتصدير الغاز الجزائري.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة الإسباني كارلوس كويربو، صرح بأن “إسبانيا لديها الأدوات اللازمة واللوائح المعززة التي تسمح بتحقيق توازن مثالي بين حماية الشركات الإسبانية والمصالح الإستراتيجية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر”.
وكانت نائبة رئيس الحكومة تريسا ريفيرا قد أكدت حرص الحكومة على تتبع ومراقبة رغبة شركة “طاقة” الإماراتية في الاستحواذ على “ناتورجي” كما راقبت وتتبعت محاولة شراءها من صندوق أسترالي في الماضي، بينما يطالب حزب سومار المشارك في الائتلاف الحكومي بضرورة معارضة الصفقة الإماراتية.