هجوم واشنطن يعيد تسليط الضوء على ازدواجية الغرب تجاه غزة

في حادثة أثارت ضجة واسعة في الأوساط الغربية، قُتل اثنان من موظفي السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية على يد مسلح أطلق النار وهو يهتف “الحرية لفلسطين”. وأفادت السلطات بأن المشتبه به، الذي اعتُقل فورًا بعد الحادث، قال للشرطة: “فعلتها من أجل فلسطين، من أجل غزة”.
الحادث الذي وقع هذا الأسبوع، سرعان ما جرى تأطيره من قبل الطبقة السياسية والإعلامية الغربية بوصفه هجومًا “معادياً للسامية”، رغم أن دوافع الجاني – وفق رواية الشرطة – بدت موجهة بوضوح نحو السياسات الإسرائيلية، لا تجاه الديانة اليهودية، خاصة أن أحد الضحيتين كان مسيحيًا ويحمل الجنسية الألمانية.
وفي هذا السياق، كتبت الصحافية الأسترالية كيتلين جونستون أن ما جرى في واشنطن، رغم مأساويته، “لا يمكن أن يُقارَن من حيث الأهمية أو التغطية الإعلامية، بالمجازر الجماعية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة”. وتضيف: “إن مقتل موظفَين في سفارة لا يجب أن يحجب الأضواء عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في واحدة من أبشع العمليات العسكرية في العصر الحديث”.
وتُشير جونستون إلى أن بعض الأصوات بدأت تتحدث عن احتمال أن تكون الحادثة عملية “علم زائف” هدفها صرف الانتباه عن جرائم إسرائيل في غزة وتحسين صورتها عالميًا. لكنها تؤكد أنها لا ترى حتى الآن ما يدعم هذا الطرح، معتبرة أن “النتائج الطبيعية للفظائع الجماعية التي تُرتكب على مرأى من العالم هي انفجار موجات من العنف المضاد، مهما كان مؤسفًا”.
الكاتبة لم تتوانَ عن انتقاد استخدام إسرائيل الدائم لأي تعاطف دولي كسلاح سياسي، مؤكدة أن “من يَستخدم التعاطف لتبرير جرائمه يجب أن يُحرَم منه”، مضيفة: “إسرائيل حولت التعاطف إلى وسيلة لإضفاء شرعية على القتل، وعلى العالم أن يتوقف عن منحه هذا السلاح”.
أما عن التغطية الغربية للحادث، فتصفها جونستون بأنها “ليست مجرد انحياز، بل إدانة أخلاقية للمعايير التي تحكم تغطية الأرواح الإنسانية”. وتتابع: “الآلة الإعلامية والسياسية الغربية أعربت عن غضب أكبر لمقتل شخصين مقارنة بإبادة عشرات الآلاف من الفلسطينيين. هذه المفارقة الصارخة تفضح مدى احتقار المؤسسات الغربية لأرواح غير الغربيين، خاصة المسلمين والعرب”.
وفي تغريدة لها، اختزلت الكاتبة الموقف السائد في العالم الغربي قائلة: “لا شيء فعلته إسرائيل في غزة يبرر هجمات 7 أكتوبر، لكن أحداث 7 أكتوبر تبرر كل ما تفعله إسرائيل منذ ذلك الحين، ومع ذلك لا يُبرر أي عنف يُمارس ضدها. هذه هي المعادلة الأخلاقية المقلوبة التي يُروَّج لها حاليًا”.
تفتح هذه الحادثة – وما تبعها من تغطيات وردود فعل – بابًا واسعًا للنقاش حول المعايير الأخلاقية والإعلامية التي تحكم التعاطف في الغرب، وحول السؤال الجوهري: هل حياة الفلسطيني تساوي حياة غيره في نظر المنظومة الغربية؟