هآرتس: بينما نحن منشغلون بحرب غزة يحلم نتنياهو وهاليفي بـ”عملية عنتيبي”
يطرح الكاتب والصحفي الإسرائيلي يوسي كلاين أسئلة عدة عن سبب الشعور المخيف المرتبط بأن وسائل الإعلام لا تنقل إلى الإسرائيليين الحقيقة كاملة، وهل هناك رقابة أخرى بخلاف الرقابة العسكرية؟ وهل هناك شخص ما يقرر ما هو مفيد للإسرائيليين معرفته وما هو ليس كذلك؟ شخص يعزلهم عن العالم ويرى ما لا يرون لذلك يفاجأون بعداوة العالم لهم.
يقول كلاين إن هذه العزلة والانقطاع عن العالم تخلق حالة من عدم الثقة، وشعورًا أنهم مكشوفون ومتروكون بدون حماية لخطابات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
ثم يعود لطرح سؤال آخر عن سبب سعي الحكومة والمسؤولين لتقسيم الشعب، هل لخشيتهم من ضغوط الجمهور عليهم؟ (ضغوط إيقاف الحرب وإعادة المحتجزين). من وجهة نظر كلاين، فإن ضغوطًا كهذه من شأنها أن تهدد مستقبل الحكومة والجيش.
كما يشير إلى أن نتنياهو والجيش -الخصمين اللدودين في رؤيتهما “لليوم التالي للحرب”- يتَّحِدون على هدف واحد، هو “استمرار القتال لكسب الوقت كلٌّ لهدفه، فنتنياهو يسعى لتعزيز حكمه، والجيش لإعادة بناء صورته”.
“المحللون العسكريون يتكلمون باسم الجيش”
ويرى كلاين أن المحللين العسكريين يتماشون معهم -الحكومة- على عكس الجمهور، موضحًا أن المحللين العسكريين هم وسيلة لنقل المعلومات فقط لا غير، لا ينبغي أن يتحدثوا باسم الجيش الإسرائيلي، كما لا يتحدث المحلل الاقتصادي باسم وزير المالية، لذلك من المهم معرفة وجهة نظر المحللين العسكريين بشأن تأثير مقتل المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على المجتمع الإسرائيلي، وما تبعات وقف القتال عليه.
ويؤكد كلاين بعدها أن دور المحللين العسكريين الإسرائيليين لا يقتصر على نقل المعلومات والأخبار من الحكومة والجيش، بل يتعين عليهم أن يسألوا الجيش والحكومة الأسئلة التي تزعج الجمهور، فبدون أسئلة لا إجابات والمحنة تتعاظم، حسب وصفه.
ثم يحث كلاين المحللين العسكريين الإسرائيليين لطرح هذه الأسئلة على الحكومة والجيش:
هل استمرار القتال يعرّض حياة المحتجزين للخطر أم يقرّب من تحريرهم؟
هل وقف القتال يعرّض حياة الإسرائيليين للخطر؟
هل يوجد ثمن باهظ لحياة المقاتلين الإسرائيليين؟
هل يوجد ثمن باهظ لحياة النساء والأطفال الفلسطينيين في غزة؟
هل يصح التضحية بالمقاتلين من أجل جثث الجنود الموتى؟
هل المجتمع الممزق والسوق المتضرر يستطيعان الصمود في حرب ممتدة وأمام ضحاياها؟
هل حقًّا يمكن أن يأتي وقت ويقال فيه: كفى، لا يمكن الاستمرار على هذا النحو؟
وتابع كلاين “نحن نريد معرفة كل شيء -في حدود الرقابة العسكرية- بما في ذلك أعداد الخسائر التي تتراكم حتى يومنا هذا وتُنشر في الصفحة الأولى وليس على موقع الجيش فقط، لكي لا نتهرب من ثمن الحرب الذي ندفعه”.
واستطرد “يجب أن يذكروا كل شيء، حتى وإن كان من السيئ سماعه. يجب علينا معرفة أن نحو 20 ألف مواطن من النساء والأطفال الغزيين قُتلوا، ليس من ضمنهم مقاتلو حماس، حتى ولو أزعجت هذه التقارير المصادر التي يستقي منها المحللون المعلومات”.
“لقد تخلوا عن المحتجزين”
وبخصوص جدل استمرار الحرب أم تحرير المحتجزين، اختار المحللون الإسرائيليون من منظور كلاين جانب الحكومة والجيش في التطلع إلى حسم عسكري يبدو أنه لن يأتي، إذ يرى الكاتب أن “على المحللين أن يكونوا في موضع المشاهد المتشكك أيضًا وبالتحديد في وقت الحرب، فدور المحللين ليس طرح الحلول، بل الإشارة إلى الإخفاقات لإصلاحها”.
وأضاف “فمثلما يشير مراقب الدولة في إسرائيل إلى إخفاقات الحكومة، يجب على المحللين فعل ذلك مع الجيش نيابة عن الجمهور، لا يوجد أي محلل يضع المحتجزين على رأس أولوياته، لقد تخلّوا عنهم”.
عملية عنتيبي
يختتم كلاين المقال بالحديث عن أن الجميع فوجئ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بأن “الجنود القتلى اكتُشف أنهم أسرى، ضابط الاستخبارات الكبير فوجئ باختراق الجدار، نتنياهو فوجئ بانهيار فكرته، المحللون العسكريون هم كذلك فوجئوا، ولِمَ لا؟ فكيف يمكن أن يرى من يلازم الجيش في كل مكان ما لا يرى الجيش؟”.
ربما، وفقًا لكلاين “يحلم المحللون العسكريون سرًّا مع نتنياهو وهرتسي هاليفي رئيس هيئة الأركان باستعادة عنتيبي (عملية عسكرية قام بها جيش الاحتلال عام 1976 لتحرير الطائرة المختطفة من قبل فلسطينيين وألمان في أوغندا والتي كان على متنها 105 إسرائيليين) بعملية عسكرية شديدة الخطورة، ستمحو أو على الأقل ستُنسي عار السابع من أكتوبر”.