هآرتس: أيهما ستختار السعودية.. نتنياهو أم الشعب الفلسطيني؟
هآرتس – بقلم روغل الفر كيف سيبدو استمرار ولاية بنيامين نتنياهو بدون سلام مع السعودية؟ إن هبوطه في الاستطلاعات عقب محاولة الانقلاب النظامي هبوط مزمن، فهو بحاجة إلى إنجاز يغير الخطاب العام في إسرائيل، وكل التوجه السياسي من أجل فوزه مرة أخرى في الانتخابات. الائتلاف الذي تحصن فيه حتى ينقذ نفسه يرفض الانهيار، ولن يتم إنقاذه من ألمه ولن ينقذه من ألم الشراكة فيه، ولا من ألم محاكمته الأبدية. من يؤيدون الانقلاب من الليكود ومن “قوة يهودية” ومن الأحزاب الحريدية – القاعدة الفاشية، ستستمر في شرب دمائه.
ياريف لفين، مثل كل أيدي اليمين السابقة لنتنياهو في الليكود، الذين طالبوا أو هددوا بتحديه، تمت هزيمته. ولكنه لن يذهب. إلى أين سيذهب؟ لا مكان يذهب إليه. مع نسبة تأييد ضئيلة في أوساط الجمهور، ليس له ما يناضل من أجله. سيبقى. وسيبقى أيضاً سمحا روتمان ودافيد امسالم وتالي غوتلب وشلومو قرعي وميكي زوهر حتى.
إيران ستواصل هزيمة إسرائيل في المعركة الاستراتيجية التي يديرها نتنياهو أمامها منذ عشرين سنة. نتنياهو الذي أقنع دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، هو المتهم بتحويل إيران إلى دولة حافة نووية – دولة إقليمية عظمى تحيط إسرائيل بتهديد صواريخ امتداداتها، حليفة روسيا والصين ومحاورة للسعودية. نتنياهو ليس مهندس الذرة الإيرانية فحسب، بل هو أيضاً مهندس الدولة ثنائية القومية. منذ عشرين سنة وهو يضعف السلطة الفلسطينية ويعمق الاحتلال والأبرتهايد تمهيداً للضم ويقوي حماس في غزة. بسبب أخطائه باتت دولة إسرائيل دولة ثنائية القومية، غير يهودية وغير صهيونية، محاطة بإيران. أبو الفاشية الإسرائيلي هو أيضاً أبو الانهيار الاقتصادي والتدهور إلى اقتصاد العالم الثالث؛ تضخم متزايد، وغلاء معيشة متصاعد، وجهاز تعليم متخلف.
بدون سلام مع السعودية، فإن استمرار ولاية نتنياهو يعني استمرار كارثية “الهوية اليهودية”، وملاحقة الليبراليين والمثليين، وتفكك المجتمع الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي، والمزيد من جولات القتال الزائدة في غزة، والمزيد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية، وتعميق الشرخ مع الإدارة الأمريكية ومعاملته من قبل البيت الأبيض كشخص مجذوم.
السلام مع السعودية سيغير كل ذلك. سيكون هذا إنجازاً سياسياً من الدرجة الأولى، وبحجم السلام مع مصر. السعودية ليست دولة ضعيفة مثل البحرين، بل هي زعيمة العالم العربي. وللأسف الشديد، لإدارة بايدن مصلحة أمريكية كبيرة في الدفع قدماً بهذا السلام. وثمة مصلحة للسعودية أيضاً. وإذا تمت الموافقة على الطلبات التي عرضتها على الأمريكيين، فإن هذا السلام يساوي عندها الكثير. ولنتنياهو مصلحة كبيرة، ولكنه غير قادر على الموافقة على طلبات السعودية مثل تجميد الاستيطان والتعهد بدولتين والدفع قدماً بالمفاوضات مع الفلسطينيين. في نهاية المطاف، هو غير قادر حتى على الوفاء بالالتزام بعد إقامة مدرسة دينية واحدة في “حومش”. لذلك، إذا تم صنع السلام فهذا يعني أن السعودية قد تنازلت عن الفلسطينيين.
أنباء سيئة للفلسطينيين وأنباء سيئة للإسرائيليين. السلام مع السعودية سيعطي نتنياهو رخصة لمواصلة بناء دولة الأبرتهايد ثنائية القومية. الكثير من الإسرائيليين، من بينهم المتظاهرون في “كابلن” ضد الانقلاب النظامي، سيكونون سعداء من إضعاف الفلسطينيين أكثر، وسيُدعى نتنياهو إلى البيت الأبيض، وستحتفل وسائل الإعلام في التيار العام بهذا السلام مع نصف سنة من مقالات نوغا نير نئمان أثناء وجودها في الرياض. سيرتفع نتنياهو في الاستطلاعات، وسيضعف الاحتجاج ضده. مع ذلك، سيكون هناك حمّص في جدة. لذلك، أنا ضد السلام مع السعودية في الوقت الحالي. وأفضل أن يبقى نتنياهو ضعيفاً قدر الإمكان.