اخبار

نيويورك تايمز: ترامب دفع بوقف إطلاق النار في غزة.. وطموحاته بالشرق الأوسط هي رهن نجاحهوماس

نشرت هيئة التحرير في صحيفة “نيويورك تايمز” افتتاحية حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وما بدا من تفاخر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب به، وجاءت الافتتاحية بعنوان: “أنت طلبت وقف إطلاق النار، سيدي الرئيس، فاعمل على تثبيته”.

وقالت إنه قبل أن نفحص المخاطر والضعف في وقف إطلاق النار بغزة، “دعونا نرحب حتى بأقل ما قد يحققه”. فبعد خمسة عشر شهرا من هجوم حماس على إسرائيل، وشن الدولة العبرية للغزو الانتقامي، أصبحت غزة أرضا يبابا كسطح القمر، وبات معظم سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة بلا مأوى وجائعين ويائسين، مشيرة إلى الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة لدى حماس، والذين ظلوا بعيدين عن أهاليهم.

ومع ذلك، فإن إطلاق بعض الأسرى وزيادة المساعدات الإنسانية غير المقيدة إلى غزة ولعدة أسابيع، هي أخبار جيدة في حد ذاتها.

وأكدت الصحيفة أن اتفاق وقف إطلاق النار كان نتيجة للجهود الحثيثة التي بذلتها إدارة بايدن والوسطاء في مصر وقطر والدفعة التي حصلت عليها المفاوضات في اللحظة الأخيرة من دونالد ترامب. وساد نقاش طويل حول من له الفضل بالتوصل للاتفاق في النهاية، ومَن الذي كان مسؤولا عن تأخيره لوقت طويل، إلا “ان الحقيقة التي لا جدال فيها هي تمتع الولايات المتحدة بنفوذ على قوى الشرق الأوسط، بما في ذلك مصير هذا الاتفاق، وهو ما سيتطلب منها جهودا ضخمة”.

وتحدثت الصحيفة عن مراحل الاتفاق المعروفة الآن، حيث تم توضيح المرحلة الأولى بتفاصيل، والتي تشمل على الإفراج عن 33 أسيرا إسرائيليا من المرضى ومَن هم في سن الخمسين أو أكبر.

 وستفرج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وكذا زيادة الدعم الإنساني لغزة، وبداية الانسحاب من التجمعات المدنية. وسيتم التفاوض على المرحلة الثانية أثناء تنفيذ الأولى. ويتم في الثانية الإفراج عما تبقى من الأسرى، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة. وتظل الثالثة غير واضحة حتى الآن، ولكنها تتحدث عن إعادة جثث الأسرى وبداية الإعمار.

وتشير الصحيفة إلى أن السؤال الهام، هو من سيدير غزة بعد وقف إطلاق النار؟ وهو ما سيترك مجالا واسعا لأي من الطرفين للتراجع كما فعلوا في المرات السابقة. وتذكر الصحيفة بالاتفاقات المرحلية في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وتاريخها البائس، ذلك أنها تعتمد على وفاء الطرفين بشروط كل مرحلة، مما يمنح المتشددين على الجانبين الفرصة لعرقلة العملية، كما تشهد مصائر أوسلو، وأوسلو الثانية، والخليل، وواي ريفر، والعديد من “عمليات السلام” الأخرى.

وتقول الصحيفة إنه لا إسرائيل أو حماس كانتا راغبتين بالاتفاق. وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأتباعه في اليمين المتطرف، فحقيقة الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس وعدم تدميرها بالكامل هو أمر لا يطاق.

ولم يتخل المتطرفون القوميون، بمن فيهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير الذي استقال من وزارة الأمن يوم الأحد عن طموحاتهم في توسيع الاستيطان إلى غزة وضم الضفة الغربية، واستثمار النجاحات ضد حزب الله وإيران.

وبالنسبة لحماس، فإنها ستحاول استخدام  الإفراج عن عدد كبير من الأسرى لتعزيز مكانتها بين الفلسطينيين، ورفض أي صفقة من شأنها أن تضعف قبضتها على غزة.

كل هذا يضع مسؤولية كبيرة على إدارة ترامب لمواصلة وقف إطلاق النار ومنعه من الخروج عن المسار. وتقول إن الفضل نسب -وهذا صحيح- إلى الرئيس ترامب، في دفعه نتنياهو إلى قبول وقف إطلاق النار، أولا من خلال التحذير في أوائل كانون الثاني/ يناير من أن “الجحيم سوف يندلع” إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى بحلول الوقت الذي سيتم فيه تنصيبه، ثم بعث صديقه القديم ومبعوثه الجديد إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للضغط شخصيا على نتنياهو. وقد مكّن هذا نتنياهو من إخبار جماعته اليمينية بأنه لم يعد لديه خيار، لأن الرئيس الذي كانوا يتطلعون إليه لا يدعم موقفهم في هذا الأمر.

 إلا أن هذا الجهد ليس مبررا لكي يزعم ترامب أن وقف إطلاق النار حدث بسبب “انتصارنا التاريخي في تشرين الثاني/ نوفمبر” في إشارة إلى فوزه بالانتخابات.

فالصفقة التي دفع بها ترامب إلى المرحلة الأخيرة، هي نفسها التي اقترحها الرئيس جو بايدن في أيار/ مايو، وكان سيتم تبنيها على أي حال. وعليه، فلو كان ترامب يعتقد أنه لعب دورا فعالا في الاتفاق، فعليه تحمل المسؤولية عن استمرار وقف إطلاق النار ومصيره.

ولكن هذا لا يعني أنه سيفعل ذلك، فقد كان المطلب الواضح الوحيد الذي طلبه ترامب من إسرائيل هو إطلاق سراح الأسرى في الوقت المناسب قبل تنصيبه. ويشير تاريخ ولايته الأولى في البيت الأبيض إلى قلة التعاطف مع الفلسطينيين، وعدم الاهتمام بـ”حل الدولتين” الذي كان “الكأس المقدسة” للدبلوماسية الأمريكية لسنوات عدة.

ولعل تصرفاته بعد دخوله البيت الأبيض تقدم صورة عن عدم الاكتراث. فمن بين أول قرارات ترامب التنفيذية، كان رفع العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على العشرات من الإسرائيليين المتطرفين وجماعات المستوطنين. وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن وقف إطلاق النار سيصمد، أبدى القليل من الاهتمام بالصراع، وقال: “هذه ليست حربنا. إنها حربهم”.

وتعلق الصحيفة أن ترامب مهتم أكثر بالبناء على اتفاقيات إبراهيم التي رعاها في ولايته الأولى، ووافقت فيها دول عربية مثل الإمارات على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

 وهو يريد التركيز على تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. وقيل إنه يرى جائزة نوبل في هذا الاتفاق وليس في الجهود غير المجزية المبذولة لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

 وبعيدا عن هذا، سيظل ترامب متسرعا في قراراته وغير قابل للتنبؤ كما كان في ولايته الأولى، وسيراقب نتنياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف، وما تبقى من قيادات حماس، واشنطن بحثا عن إشارات. وبدون ضغط من واشنطن، فإن الاتفاق سيكون عرضة للمخاطر.

وسيُترك الأمر لفريق السياسة الخارجية الجديد لترامب، والمكون من مستشار الأمن القومي مايك والتز، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وويتكوف، لتذكير الرئيس بأن حكومته تتحمل المسؤولية عن اتفاق وقف إطلاق النار، والإشارة إلى أن تجدد الحرب في غزة وضم أي جزء من الضفة الغربية سيقوض على الأرجح طموحات ترامب في الدبلوماسية الإقليمية.

 وبخلاف هذا، فمشروع سلام في غزة وبرنامج دولي لإعادة إعمار غزة تموله دول الخليج سيكون محورا مناسبا لمشروع ترامب في الشرق الأوسط. وهذا من شأنه أن يسهل إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والسعودية، ومن شأنه أن يعزز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لإجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات حول ملفها النووي.

وترى الصحيفة أن برنامج ترامب يمكن تطبيقه في ظل الاضطرابات الحادة بالشرق الأوسط. فإسرائيل في موقع قوة بعد ضربها حماس وحزب الله وإيران وانهيار نظام بشار الأسد. وربما يسرع اتفاق وقف إطلاق النار من نهاية نتنياهو، مما يمنح إدارة ترامب بداية جديدة بقيادة جديدة أكثر اعتدالا في إسرائيل.

ولكن الشرق الأوسط، للأسف، لديه طريقة لإرباك السيناريوهات المتفائلة. وإن عودة الأسرى وفتح غزة أمام قوافل الغذاء والملابس والأدوية التي تشتد الحاجة إليها هي بالفعل إنجازات ضخمة ومرحب بها، لكن يجب ألا يتوقف التقدم عند هذا الحد، وفق رأي الصحيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *