21 أكتوبر 2025Last Update :
صدى الاعلام_نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً أعده ناتان أودينهايمر وآدم راسغون وديفيد إم. هالبفينغر، قالوا فيه إن “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تعرضت لانتقادات واسعة، تقف على حافة الانهيار، ليس بسبب وقف إطلاق النار، ولكن لعدم وجود الدعم المالي الكافي، والمعوقات اللوجستية.
وجاء في التقرير أن المنظمة، التي روّجت لها إسرائيل ودعمتها الولايات المتحدة، علّقت عملياتها مع تدفق منظمات الإغاثة الدولية إلى غزة بعد إعلان وقف إطلاق النار. وتعاني المؤسسة من نقص التمويل، وتواجه عقبات لوجستية جسيمة في استئناف عملها.
كانت “مؤسسة غزة الإنسانية” نتاجاً لجهود ضباط ورجال أعمال إسرائيليين قالوا إن هدفهم حرمان “حماس” من المساعدات، وتحولت إلى تجربة فاشلة عرضت حياة المدنيين للخطر
وقد تعرضت “مؤسسة غزة الإنسانية” لتدقيق واسع من قبل منظمات الإغاثة الدولية على مدار الأشهر الستة الماضية، حيث اتُّهمت بإدارة نظام يعرض حياة الفلسطينيين المحتاجين الذين جاؤوا لتحصيل المساعدات للخطر. وقد روّجت إسرائيل نظام التوزيع للمؤسسة من أربعة مراكز في جنوب القطاع بهدف إضعاف حركة “حماس” الفلسطينية. وقد أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الشهر الماضي، بفشل النظام. وقال: “للأسف لم ينجح”، وحمّل “حماس” المسؤولية.
ووزعت المؤسسة، منذ بدء عملياتها في مايو/أيار، رُزَم الطعام على الفلسطينيين، لكنها عرضت حياة الباحثين عن المساعدة للخطر، بعضها تحت حراسة قوات الجيش الإسرائيلي التي أطلقت النار على الفلسطينيين كوسيلة فتاكة للسيطرة على الحشود. وتقول وزارة الصحة في غزة إن المئات استشهدوا أثناء عمليات التوزيع.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم المؤسسة قوله إن مراكز التوزيع لم تشهد عمليات قتل، وإن الجيش الإسرائيلي فتح النيران على الباحثين عن المساعدات خارج مراكز التوزيع. ويقول الجيش الإسرائيلي إن قواته فتحت النار عندما “واجهت خطراً مباشراً”.
وفي بيان من المؤسسة للصحيفة جاء: “طُلب من مؤسسة غزة الإنسانية تعليق عملياتها خلال عملية تبادل الأسرى المستمرة حتى الآن”، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال استئناف عملياتها. ومن غير الواضح كيف سيحدث ذلك في ضوء انسحاب الجيش الإسرائيلي والتحديات التي ستواجه المؤسسة لاستئناف عمليات التوزيع. وعملت المؤسسة في السابق من خلال أربعة مراكز، ثلاثة منها لا تزال في محيط مناطق السيطرة الإسرائيلية ولا يُسمح للفلسطينيين بالدخول إليها، أما المركز الرابع فهو في وسط غزة ويقع في المحور الذي تسيطر عليه “حماس”.
كما تواجه المؤسسة تحديات مالية وقيادية؛ فميزانيتها ستنتهي مع نهاية العام الحالي، حسب المتحدث باسمها، كما استقال مديرها الأمريكي جون مور قبل فترة. ولم يرد مور، الإنجيلي المسيحي المرتبط بإدارة ترامب، على طلبات التعليق من الصحيفة.
وقال مسؤولان أمريكيان، وثالث مطّلع على الوضع، إن “مؤسسة غزة الإنسانية” لم تكن ناجحة في تأمين الدعم المالي من الولايات المتحدة ومصادر أخرى. وقال السفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكابي، في مقابلة أُجريت معه قبل فترة، إن المؤسسة تواجه “تحديات مالية” تحدّ من قدرتها على مواصلة عملياتها.
ولا يُعرف الكثير عن تمويل المؤسسة السابق الذي لا يزال يلفّه الغموض. وقالت المؤسسة إنها تلقت 30 مليون دولار من الولايات المتحدة وحوالي 100 مليون دولار من “دولة مانحة”. ونفت إسرائيل تمويل أي جهود إغاثة إنسانية لغزة. إلا أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قال، في حزيران/يونيو، إن الحكومة خصصت أموالاً لمساعدة ما أسماه “الشركة الأمريكية” في بناء مواقع توزيع المساعدات، وهو ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه إشارة إلى “مؤسسة غزة الإنسانية”.
أُطلقت المؤسسة بعد أن فرضت إسرائيل حصاراً منع دخول الغذاء إلى القطاع لأكثر من شهرين، وكانت غزة تغرق في كارثة إنسانية متفاقمة مع تزايد الجوع واليأس وانعدام القانون.
وانطلق العديد من طالبي الإغاثة الفلسطينيين في الصباح الباكر، على أمل الوصول إلى مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية” قبل فتح أبوابها. وفي بعض الحالات، أطلقت القوات الإسرائيلية النار عندما رأت فلسطينيين يقتربون في الظلام، أو يحاولون التسلل خلفها عبر الكثبان الرملية أو البيوت الزجاجية المهجورة، وفقاً لأربعة جنود وقادة إسرائيليين أصرّوا على عدم الكشف عن هوياتهم لمشاركة ما شاهدوه أو أُطلعوا عليه.
وكانت “مؤسسة غزة الإنسانية” نتاج جهود ضباط ورجال أعمال إسرائيليين، قالوا إن هدفهم حرمان “حماس” من المساعدات. ولطالما جادل المسؤولون الإسرائيليون بأن حماس تنهب المساعدات الإنسانية وتبيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة، ما يعزز قبضتها على السلطة في غزة. كانت الفكرة هي نقل توزيع المساعدات بعيداً عن متناول “حماس” إلى أجزاء من غزة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية.
أحد سكان خان يونس: كان الأمر بأكمله عملية إجرامية خالية من الإنسانية والكرامة.. الأشهر التي عملت فيها المؤسسة كانت أسوأ أشهر الحرب
ومع ذلك، عبّر العديد من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين لصحيفة “نيويورك تايمز” خلال الصيف عن اعتقادهم بأن “حماس” لا تنهب مساعدات الأمم المتحدة بشكل منهجي، بل أوصوا بتوسيع عمليات مساعدات الأمم المتحدة في غزة.
وعملت المؤسسة مع شركة “سيف ريتش سوليوشنز”، وهي شركة أمريكية خاصة يقودها ضابط كبير سابق في وكالة المخابرات المركزية، حيث قام متعاقدوها الأمريكيون بتوصيل الطعام إلى مواقع تحرسها القوات الإسرائيلية. وكانت إسرائيل تأمل أن توفّر المؤسسة بديلاً عن أحد أهم مقدمي المساعدات إلى غزة، الأمم المتحدة، التي اتهمها المسؤولون الإسرائيليون مراراً بالتحيّز ضد إسرائيل، فيما أكد مسؤولو الأمم المتحدة أنهم يلتزمون بمبادئ الحياد الإنساني الصارمة في غزة.
وقبل انطلاق المؤسسة، كان لدى الأمم المتحدة مئات من مراكز التوزيع في جميع أنحاء غزة. وبعد منع المنظمات الدولية، بما فيها “أونروا”، لم تستطع “مؤسسة غزة الإنسانية” توفير الغذاء للعديد من المناطق، إذ كانت عمليات تسليم المساعدات بعيدة كل البعد عن النطاق الجغرافي للعمليات التي قادتها الأمم المتحدة سابقاً، ما زاد من صعوبة حصول الفئات الأكثر ضعفاً على المساعدات رغم حاجتهم الماسّة إليها.
واتهمت المؤسسة “حماس” بمحاولات تخريب عملياتها، فيما ردت الحركة باتهام المؤسسة بالتحيّز.
وبعد ستة أشهر من العمل والقتل، سيشعر الكثير من الفلسطينيين بالفرح لو لم تعد المؤسسة إلى العمل. وقال إيهاب فسفوس (35 عاماً) من خان يونس: “كان الأمر بأكمله عملية إجرامية وخالية من الإنسانية والكرامة”، ووصف الأشهر التي عملت فيها المؤسسة بأنها “أسوأ أشهر الحرب”.