اخبار

نيوم السعودية: مشروع المستقبل يتحول إلى أزمة مالية ضخمة

وطن عندما أعلنت المملكة العربية السعودية عن مشروع نيوم، كانت الفكرة تبدو وكأنها قفزة هائلة نحو المستقبل. مدينة ذكية في قلب الصحراء، تضم منتجعات شاملة، محطات تزلج، وأطول ناطحة سحاب في العالم تمتد لمسافة 1600 قدم، وتُعرف بـ ذا لاين.

لكن اليوم، يبدو أن الحلم قد تحول إلى كابوس مالي، حيث تشير التقارير إلى أن التكلفة المتوقعة لتنفيذ المشروع بحلول عام 2080 قد قفزت إلى 8.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 25 ضعف الميزانية السنوية للمملكة، وهو رقم يعكس حجم الأزمة التي تواجهها السعودية لتحقيق هذه الرؤية.

تلاعب بالأرقام ومحاولات لإخفاء الأزمة

وفقًا لتقرير صادر عن وول ستريت جورنال، كشفت مراجعات مالية عن وجود محاولات تلاعب متعمد بالأرقام لإخفاء الزيادة الهائلة في التكاليف. حيث تبين أن بعض مسؤولي المشروع لجأوا إلى التلاعب المالي لطمس الحقائق وإظهار أن الأمور تسير على المسار الصحيح.

ومن بين تلك المحاولات، تم رفع أسعار المنتجعات والفنادق بشكل غير واقعي. على سبيل المثال، تم زيادة سعر الإقامة في أحد الفنادق من 489 دولارًا إلى 1866 دولارًا، بينما قفزت أسعار التخييم الفاخر من 216 دولارًا إلى 794 دولارًا لليلة الواحدة، في محاولة لتضخيم العوائد المتوقعة وجعل المشروع يبدو أكثر ربحية مما هو عليه في الواقع.

وتشير التقارير إلى أن شركة الاستشارات العالمية ماكينزي كانت من بين الجهات التي ساعدت في هذه التقديرات، حيث حصلت على 130 مليون دولار سنويًا نظير خدماتها في المشروع. ومع ذلك، نفت الشركة أي تورط في التلاعب المالي.

“ذا لاين” في أزمة: تعديل المخططات وتقليص الطموحات

من بين أبرز التحديات التي تواجه نيوم هو مشروع ذا لاين، الذي كان من المفترض أن يمتد على 100 ميل عبر الصحراء. إلا أن التكاليف الهائلة أجبرت المسؤولين على تعديل المخططات، حيث تقلصت المرحلة الأولى من 10 أميال إلى 1.5 ميل فقط خلال العقد المقبل.

بل وظهرت توصيات بتقليل ارتفاع البرجين العملاقين من 1600 قدم إلى 1000 قدم لتوفير التكاليف، لكن ولي العهد محمد بن سلمان رفض هذا الاقتراح بشكل قاطع، متمسكًا بالتصميم الأصلي رغم التحديات المالية.

ويُتوقع أن يتم افتتاح المرحلة الأولى من المشروع بحلول 2034، وفقًا لما قاله دينيس هيكي، المسؤول عن تطوير ذا لاين، خلال منتدى دافوس الاقتصادي. لكنه أشار بوضوح إلى أن البناء العمودي لن يبدأ قبل نهاية هذا العام إن سارت الأمور كما هو مخطط لها.

استقالات ومشاكل إدارية تهز المشروع

تفاقمت الأزمة داخل نيوم مع استقالة المدير التنفيذي السابق، نظمي النصر، في نوفمبر الماضي، بعد أسابيع فقط من ظهور فيلم وثائقي يزعم أن عشرات الآلاف من العمال الأجانب لقوا حتفهم أثناء العمل على المشروع، وهو ادعاء لم ترد عليه السلطات السعودية بشكل مباشر.

وفي الوقت نفسه، يواجه المشروع مشاكل كبيرة في استكمال البنية التحتية، حيث لا يزال منتجع سندالة الساحلي غير مكتمل، رغم إنفاق 45 مليون دولار على حفل افتتاح فاخر في أكتوبر، حضره نجوم عالميون مثل الممثل ويل سميث ولاعب كرة القدم توم برادي.

لكن بعد مرور أربعة أشهر على هذا الحفل، لا يزال ملعب الجولف والفنادق في سندالة غير جاهزة لاستقبال الزوار.

ما التالي لمشروع نيوم؟

على الرغم من المشاكل المالية والإدارية، لا تزال السعودية تحاول دفع المشروع إلى الأمام، خاصة مع التمسك برؤية محمد بن سلمان لـ رؤية 2030، التي تسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد.

لكن في ظل التكاليف الهائلة، والتحديات الهندسية، والشكوك المتزايدة حول استدامة المشروع، يبقى السؤال: هل سيصبح نيوم إنجازًا هندسيًا مذهلًا، أم أنه سيتحول إلى أكبر كارثة مالية في تاريخ المملكة؟

ضربة لمشروع نيوم.. تعثر في تنفيذ أضخم مشروعات محمد بن سلمان فما القصة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *