نظام المهداوي يكتب: لماذا يجب أن تُنسف السلطة الفلسطينية وتنتفض الضفة؟ وطن
وطن الفلسطينيون أمام منعطف تاريخي في قضيتهم لم يشهدوه منذ أكثر من سبعة عقود من الاحتلال. الزخم العالمي المؤيد لحقوقهم وصل ذروته، ولو أنفق العرب مليارات الدولارات ما استطاعوا تغيير الرأي العام الغربي، لكن هجمات السابع من أكتوبر فعلت.
العالم وصل لقناعة أنه “لا استقرار في المنطقة دون قيام دولة فلسطينية”.
دولة الاحتلال الإسرائيلي في أضعف حالاتها داخليا على صعيد الانقسام المجتمعي والاقتصاد شبه المنهار لولا المساعدات الأمريكية والعالمية. وخارجيا أصبحت إسرائيل دولة منبوذة وشبه معزولة عن العالم إلا من دول قليلة.
الانقسام الفلسطيني كان مصلحة صهيونية بالدرجة الأولى، كي تمنع إسرائيل قيام دولة فلسطينية وهذا الأمر ليس سراً، بل صرح به نتنياهو علناً بأنه عمل على تعزيز هذا الانقسام.
الانقسام الحاصل ليس بين فصيلين فتح وحماس، بل الانقسام بين سلطة انبثقت عن “اتفاقية أوسلو” وكانت سلطة وظيفية مهمتها جعل الاحتلال الإسرائيلي ينعم باحتلاله مجانياً ويساعد في قرض الأراضي عبر الوقت حتى لا تبقى أي معالم لحدود 67.
“فتح” كحركة جماهيرية شعبية أنهاها محمود عباس وفكك جناحها العسكري “كتائب شهداء الأقصى“، كما انهارت أقاليم فتح حول العالم وتبقى فقط المنتفعين من السلطة والمتسلقين على حركة فتح.
أما اتفاقية أوسلو فقد أعلنت إسرائيل نفسها انتهاءها فيما السلطة باقية في اجهزتها الأمنية، التي مهمتها منع الأعمال الفدائية في الضفة واعتقال المقاتلين.
كواليس المعركة الساخنة بين سلطة محمود عباس والإمارات في قمة المنامة
انتفاضة الضفة المنتفضة في مقاتليها أصلا، لكن أقصد أن الانتفاضة الشعبية قادرة على إنهاء السلطة الفلسطينية وإعادة الصراع إلى معادلته الصفرية والتوحد مع غزة، وحدة الأرض والشعب والروح والتطلعات.
خروج الضفة من عباءة السلطة سيجعل الفلسطينيون هم الذين يستلمون الريادة ويمثلون أنفسهم ويسحبون التمثيل الذي يمثله عباس، وزلمه المتآمر مع الدول المطبعة مثل الأردن ومصر والإمارات والسعودية التي في طريقها للتطبيع.
انتفاضة الضفة تعني أن الصراع لا يخص حماس لوحدها بل هو صراع يخوضه كل فلسطيني، وفي النفير العام تكون فلسطين هي البوصلة وليست الفصائل التي صُنعت أصلاً من أجل تحرير فلسطين.
انتفاضة الضفة ستقوى مواقف معظم دول العالم التي تنادي بإقامة دولة فلسطينية واعترفت بها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وسيزيد من انتفاضة الشعوب والطلبة في أمريكا والغرب مما يحرج حكوماتها ويجعلها مرغمة للخضوع إلى المطالب الشعبية مهما طال الوقت.
لا شيء يعكر الموقف السياسي للفلسطينيين سوى السلطة التي يجب أن يعلن حلها فوراً، مع أن الحل كان مستحقاً منذ الانتفاضة الثانية أو منذ اغتيال الزعيم ياسر عرفات.
الفلسطينيون بحاجة ماسة الآن لمن يمثلهم ويكون صوتهم ويخوض بكل شرف ورجولة معركتهم الساسية في المفاوضات والمحافل الدولية، بعد الصمود العظيم للشعب الفلسطيني وبراعة مقاتليه في كسر جبروت الجيش الأقوى في المنطقة.
دولة الاحتلال الإسرائيلي تعلن أنها تخوض حربا وجودية وحربها الوجودية لا تنجح إلا بقبر القضية الفلسطينية بإبادة الفلسطينيين أو تهجيرهم. بالتالي عدم انتفاضة الضفة وبقاءها تحت حكم سلطة هي أقرب للعمالة من كونها سلطة وطنية يعد هدراً لفرصة تاريخية لا تتكرر بسهولة.
من المهم كثيراً أن يتجاوز الفلسطينيون سؤال “إن كانت هجمات السابع من أكتوبر مضرة أو صالحة للشعب الفلسطيني”. انتهى أي معنى لهذا السؤال فالفلسطيني يواجه اليوم حرب إبادة ومخططات شيطانية بمساعدة عربية لتصفية المقاومة الفلسطينية، وأي صمت تحت مبرر معارضة حماس وهجماتها يعد خيانة لفلسطين في هذا الوقت.