اخبار

نازح من شمال غزة: تركت جثمان ابني على “الممر الآمن” بلا وداع ولا كفن

17 يوما تمسّكت فيها عائلة ياسر حمد وغيرها من آلاف الأسر شمالي قطاع غزة بالبقاء داخل مراكز الإيواء في جباليا، ورفض أوامر النزوح الإسرائيلية، حتى كان صباح الاثنين الماضي، إذ حملت طائرة مسيرة مكبرا للصوت ونداء ظل يتردد بالقرب من مركز الإيواء يخطرهم بضرورة “الخروج والاتجاه جنوبا عبر مسار محدد وآمن”.

استجابت عائلة حمد المكونة من 11 فردا، ضمن عائلات النازحين الأخرى وبدأوا بالتجهز والتجمع في ساحة مركز الإيواء الرئيسية حتى باغتتهم قذيفة مدفعية سقطت فوق رؤوسهم، ما تسبب بمقتل عدد منهم وإصابة آخرين، وفق حمد، مضيفا بصوت حزين مقهور: “من بين الشهداء كان نجلي أحمد، الذي لم أتمكن من وداعه أو احتضانه للمرة الأخيرة أو حتى تكفينه ودفنه كما يجب”.

10 كيلومترات قطعها النازحون سيرا على الأقدام، محملة بآلام الفقد ومشاعر من الحزن والقهر، وصولا إلى مدينة غزة، لم يستطع خلالها حمد وداع ابنه بسبب تهديدات رددتها المسيرات الإسرائيلية تأمر النازحين بـ”عدم الالتفات أو الرجوع”، والسير فقط بالمسار المحدد. 

لم ينس حمد وعيناه تودع ابنه كيف حرمه الاحتلال من حمل الجثمان معه، موضحا أن الأمر كان سيكلفه حياته بعد تهديدات جنود الاحتلال بعدم الالتفات أو الاقتراب من جثمان ابنه أحمد، مستكملا: “خرجنا من المكان تاركين خلفنا جثثا ومصابين يطلبون النجدة دون أن نتمكن من إسعافهم”. يصف مشاعره قائلا: “في الطريق شعرت بقهر لا يطاق وكنت أبكي بحرقة شديدة على العجز وقلة الحيلة التي وصلنا إليها”. وخلال رحلة نزوح شاقة ومرهقة حمل خلالها حمد لحظاته الأخيرة مع نجله أحمد وثقل هموم تركه “وحيدا دون كفن وقبر”.

واستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي النازحين عدة مرات أثناء سيرهم بقذائف وإطلاق النيران، وفق حمد، مضيفا أن عددا منهم أصيبوا وأُجلوا بنجاح بحملهم على عربات ونقلهم إلى المستشفى.

عائلة شتات: الممر الآمن لم يسلم من قذائف الاحتلال
عائلة شتات لم يختلف حالها عن عائلة حمد، إذ وصلت مركز إيواء غرب مدينة غزة، بعد أن مرت برحلة نزوح مرعبة أصيب خلالها 3 من أبنائها، إثر قذيفة مدفعية استهدفت ممر النزوح الذي كان مليئا بالنازحين. وتقول أسمهان شتات، والدة الأطفال الثلاثة المصابين، إن الجيش أمرهم بالخروج من مركز الإيواء عبر المسار الذي ادعوا أنه آمن. موضحة: “فاجأنا الاحتلال خلال التزامنا السير عبر المسار الآمن بالقصف، فأصيب 3 من أبنائي بجروح طفيفة إثر قذيفة مدفعية سقطت على بعد أمتار من مكان سيرنا”.

وتفيد بأن عددا من النازحين أيضا أصيبوا بجراح مختلفة بشظايا القذيفة، مبينة أن النازحين تمكنوا من نقل الإصابات بعربة يجرها حيوان لنقطة طبية داخل أحد مراكز الإيواء. وتقول واصفة المسار الآمن: “هذا المسار خطة خداع ومكر ممنهجة وواضحة من الجيش الإسرائيلي هدفها قتل الفلسطينيين عبر استهدافهم بكل الطرق”.

شتات، تشير بصوت متعب ممتزج بالحسرة، إلى إنها نزحت برفقة عائلتها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع نحو 7 مرات، متابعة: “لا نعلم متى يتوقف هذا الإجرام الإسرائيلي بحقنا”. وطالبت في ختام حديثها العالم “بالتدخل لوقف المذبحة الإسرائيلية بحق شمال قطاع غزة ولوقف خطة التهجير التي يحاول الاحتلال تطبيقها دون النظر للقوانين الدولية”.

يذكر أن المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الداخلية بغزة، حذرا أكثر من مرة، من أن جيش الاحتلال ينفذ عمليات إعدام بحق المواطنين في طريق انتقالهم من شمال غزة لمناطق الجنوب عبر الممرات الآمنة المزعومة، كذلك يجري استهداف أماكن النزوح، حيث اعتاد الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب المجازر في المناطق التي زعم أنها “آمنة” جنوب ووسط القطاع، وأسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات، وما زال يقترف مثل هذه الفظائع.

وفي 6 أكتوبر الجاري بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوقة لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع، واجتاح هذه المناطق بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها”.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *