يعيش كيان الاحتلال أزماتٍ كبيرةٍ وعويصةٍ فيما تزداد حركة المقاطعة، وباتت إسرائيل قاب قوسيْن أوْ أدنى من جنوب إفريقيا في عهد الفصل العنصريّ، منبوذة ومُصابة بالجذام (الصراع)، كما صرّحت وزيرة الخارجيّة السابقة، تسيبي ليفني، بالإضافة إلى أنّ الحرب الأهلية، بحسب المُحلّلين والمُختصين، قد بدأت فعلاً بين المستوطنين بدولة الاحتلال.
وفي تحليٍل جريءٍ يُعتبر تغريدًا خارج سرب ما يُطلَق عليه الإجماع القوميّ الصهيونيّ، نشر المُحلِّل الإسرائيليّ روغل ألفر مؤخرًا مقالاً في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أكّد فيه أنّ إسرائيل قد وقعّت على شهادة وفاتها (زوالها)، وما علينا إلّا الانتظار لمعرفة التوقيت، على حدّ تعبيره.
ورأى المُحلِّل الإسرائيليّ، وهو نجل يوسي ألفر، نائب الرئيس الأسبق لجهاز (الموساد) أنّ السبب الرئيسيّ لزوال الكيان يكمن في صراع الثقافات في المجتمع الصهيونيّ، وانفلات الحوار داخل المجتمع الإسرائيليّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ في وسائط التواصل الاجتماعيّ، كما أنّ سيطرة البرامج الترفيهيّة الهابطة في قنوات التلفزيون بإسرائيل يُضيف إلى سوداوية الصورة، حيث اختفت تقريبًا نهائيًا ظاهرة الانتقاد والنقد، على حدّ قوله.
علاوةً على ذلك، فإنّ أمرًا غريبًا ولافتًا للغاية بدأ ينتشِر في إسرائيل كالنار في الهشيم: العديد من الجنرالات السابقين، باتوا يتحدّثون بصراحةٍ عن قرب زوال الكيان، ويُحذّرون علنًا من أنّ استمرار الوضع الأمنيّ على حاله، فإنّ الحرب القادمة، ستؤدّي لكارثةٍ خطيرةٍ جدًا.
أمّا سيناريو الانهيار والهزيمة، سيناريو تدمير العمق الإسرائيليّ لأوّل مرّةٍ منذ إقامة الكيان في العام 1948، فهو السيناريو الذي يرسمه الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك، إذْ أنّه يتحدّث بصراحةٍ متناهيةٍ عن هزيمةٍ نكراء للجيش الإسرائيليّ، غير المُستعّد والمُنضبط، ويقول بالبنط العريض إنّ العمق الإسرائيليّ سيتحوّل لساحة معركةٍ داميّةٍ يسقط فيها القتلى والجرحى، ويُحذّر من أنّ القادم أعظم، كما أكّد في مقال كان نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة.
في سياقٍ ذي صلةٍ، كتب ليئور بن شاؤول المُحلِّل السياسيّ في صحيفة (يديعوت أحرونوت): “إنّها بدايةُ النِّهاية، إسرائيلُ ستنهارُ خِلالَ عامَيْنِ، والإسرائيليونَ يَفِرُّونَ كالفئران”.
وتابع: “مَنْ كان يظن أنّ الدولة التي تأسست على رماد الحرب العالمية، والتي تغذّت على الدعم الغربيّ بلا حدود، ستصل إلى هذه اللحظة السوداء؟ نعم، أقولها بوضوحٍ ودون تجميلٍ: إسرائيل ستنهار خلال عامين”.
وأردف: “ما نعيشه اليوم ليس مجردَ (أزمةٍ أمنيّةٍ) أوْ (تَعَثُّرٍ سياسيٍّ)، بل هو زلزال وجوديّ يَدُكُّ أركانَ المشروعِ الصِّهْيونِي لِلسّيطرةِ على العالم من أساسه. حماسُ لم تنتصرْ فقط في ساحة المعركة، بل فجّرت خرافة “الدولة التي لا تُقهر”، وفضحت هشاشتنا أمام العالم. نحن نغرق، والناس تهرب.”
وشدّدّ المُحلِّل الإسرائيليّ على أنّ “الرحلات إلى أوروبا وأمريكا وكندا تُحجز بالكامل. السفارات ممتلئة بطلبات الهجرة. العائلات تبيع ممتلكاتها بصمت. الآباء يرسلون أبناءهم للدراسة في الخارج، بلا نية للعودة. نحن لا نُهاجر، بل نفرّ. نعم، نفرّ كالفئران من سفينة تتهاوى”.
ورأى أنّ “مشاهد الذل أصبحت يوميّةً: جنود يبكون أمام الكاميرات، مستوطنون يفرّون من الجنوب والشمال، وزراء يصرخون ويهددون بلا أثر، وشعب بأكمله يعيش على الحبوب المهدئة”.
وتساءل بن شاؤول: “أيّ دولةٍ هذه التي تُقصَف عاصمتها ومستوطناتها يوميًا ولا تستطيع الرد؟ أيّ جيشٍ هذا الذي يفشل في “تركيع غزة” رغم آلاف الغارات؟ أيّ قيادةٍ هذه التي تتحدث عن النصر بينما الخراب ينهشنا من الداخل؟”
ولفت المُحلِّل الإسرائيليّ إلى أنّ “حماس كشفت كل شيءٍ. لقد عرّت جبننا، ونفخت في جمرات الكراهية التي تأكلنا. في الضفة الغربيّة، الانتفاضة تقترب. في الداخل، العرب يعيدون الثقة بأنفسهم. أما نحن؟ فمتفرقون، خائفون، متآكلون.”
وجزم المُحلِّل قائلاً: “نحن اليوم كيانٌ بلا مشروع، بلا بوصلـة، بلا مبرر. دولة بلا أخلاق، تقتل المدنيين وتعتقل الأطفال، ثم تطلب من العالم أنْ يصفق لها .خلال عامين، لن تبقى إسرائيل كما نعرفها.”
ومضى قائلاً “ربّما تُصبح “دولة قلاع محاصرة”، أوْ “جيبٍ يهوديٍّ مسلح” يعيش على فتات الحماية الأمريكيّة. وربّما تنهار تمامًا، وتعود الأرض إلى أصحابها.”
“هل أبالغ؟ اسألوا التاريخ. كلّ مشروعٍ استعماريٍّ اعتمد على القتل والكذب، انهار. كلّ كيانٍ قام على الظلم، سقط، والساعة تدق”.
وخلُص المُحلِّل الإسرائيليّ إلى القول إنّه “حين تسقط إسرائيل، وهي ستسقط، سيتحدث العالم عن تلك اللحظة التي تخلّت فيها دولة نووية عن إنسانيتها، فخسرت كلّ شيءٍ. أمّا نحن، فإنْ لم نستفق الآن، فسنُذكر كأغبى أمّةٍ عاشت في وهم القوة بينما العِزُّ يراها تنهار”، على حدّ تعبيره.