أبرز الإعلام العبريّ اليوم الأحد في عناوينه الرئيسيّة الطلب الذي تقدّمت به ميلشيا (أبو شباب) في غزّة لمن نعتتهم بالإرهابيين من (حماس) بتسليم السلطة لهم في قطاع غزّة، وجاء هذا التطوّر بعد قنبلةٍ من العيار الثقيل فجّرها أفيغدور ليبرمان، وزير الأمن الأسبق، وزعيم حزب (إسرائيل بيتنا) المعارض، بكشفه أنّ الحكومة “زوّدت ميليشيات ومجموعات إجرامية في قطاع غزة ببنادق هجومية وأسلحة خفيفة لمحاربة حماس، بأوامر من رئيسها بنيامين نتنياهو، ودون موافقة مجلس الوزراء، ولا قائد الجيش، بل اقتصر الأمر على موافقة رئيس جهاز (الشاباك) فقط”.
حديث ليبرمان هو الأول من نوعه لمسؤولٍ إسرائيليٍّ يعتبر بالنسبة لأهل قطاع غزة كشفاً لسِرٍّ معروفٍ منذ أواخر 2024، لأنّهم يعلمون أنّ سلطات الاحتلال تقف خلف مجموعات مسلحة يقودها المدعو ياسر أبو شباب، ولئن كان الاعتقاد السائد بين الفلسطينيين أنّ الأمر قد يقتصر على سلوكٍ إجراميٍّ يقوم على سرقة مساعداتهم، وجباية أموال طائلة منهم بصورة ابتزازية، لكن ليبرمان وضع النقاط على الحروف، وكشف بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الموضوع أمنيّ سياسيّ من العيار الثقيل، ويتعلق بتحضيرات اسرائيل لليوم التالي في غزة.
وتزامن هذا الاعتراف مع صدور دعوات من ياسر أبو شباب ومجموعته لسكان مناطق شرق رفح للعودة لمنازلهم، وأنه يوفر لهم الأمان والملجأ والطعام والوقود.
وعلى وقع هذه القنبلة تتبادر إلى الذهن العديد من الأسئلة، منها: ما هي الأهداف الحقيقية وراء تشكيل هذه المجموعة ومن يقف ورائها وكيف تحصل على أسلحتها؟ ما طبيعة الشكل المؤسساتيّ لها؟ وما علاقتها بالسلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال؟
يائير لابيد زعيم المعارضة، سارع لاتهام نتنياهو “بتسليح جماعات مرتبطة بداعش في غزة من تحت الطاولة، بدون أيّ تخطيطٍ استراتيجيٍّ، فيما اعتبر الجنرال يائير غولان رئيس حزب الديمقراطيين، أنّ نتنياهو “يبيع أمن إسرائيل مقابل يوم إضافي في السلطة”.
في السياق عينه، قال موقع (عربي بوست)، كشف أريئيل كهانا محرر الشؤون السياسية لصحيفة (إسرائيل اليوم) العبريّة أنّ ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، والمسؤول عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، عبّر عن دعمه لتعزيز الميليشيات التي تسلحها إسرائيل ضد حماس.
أمّا بن كاسبيت، المحلل السياسي الأبرز في اسرائيل، فقال إنّ “حكومة نتنياهو تدير الفوضى في غزة عن بُعد، في محاولة منها لاختراق الجبهة الداخلية الفلسطينية من الخاصرة، من خلال تسليح العصابات والعشائر والجماعات الإجرامية التي تجوب غزة الآن، في مسعى منها لإنشاء حكومة بديلة لحماس”.
إلى ذلك، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول أمني تأكيده أنّ “تسليح الميليشيات في غزة خطوة مخطط لها مسبقًا، وقد أنقذت بالفعل أرواح الجنود، ويجب منح الوقت لتقييم نجاحها، لأنّ كلّ ضررٍ يُلحق بقدرة حماس على الحكم يخدم مصالحنا، وقد نقلت إسرائيل أسلحة ومعدات وأموالاً لعناصر أبو شباب في غزة، لأنّ الأمر يتعلق بقوة عسكرية تحصل على تعليمات من مستويات عليا، وتسلح عصابات بغزة، وتتلقى تعليمات من ضباط الشاباك المرافقين للجيش، وهناك أنشطة مماثلة في نقاط مختلفة في غزة تنفذ بطلب من الاستخبارات والشاباك”.
أمّا دورون كدوش المراسل العسكري لإذاعة الجيش الاسرائيلي، فقدم تفاصيل جديدة عن التعاون بين إسرائيل وميليشيا أبو شباب، بالإشارة إلى أنّها قامت بتسليمها أسلحة تمّ مصادرة العديد منها من مقاتلي حماس الذين استشهدوا في المعارك، ومعظمها بنادق كلاشينكوف، وتتركّز أنشطتها حاليًا بمنطقة رفح، التي يسيطر عليها الجيش، ومن بين المهام الموكلة إليها حماية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع، والمشاركة في القتال ضد حماس”.
وكشف مصدرٌ عسكريٌّ إسرائيليٌّ أنّ “ميليشيا أبو شباب تعمل شرقي رفح في مناطق سيطر عليها الجيش، وأنّ تسليحها جاء بمبادرة من أجهزة الأمن والقيادة السياسية”.
في الختام كشف المُستشرق، ميخائيل ميليشتاين، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لجيش الاحتلال، كشف النقاب عن أنّه “في خضم المناقشات حول وضع حماس في غزة، وفعالية آلية توزيع المساعدات الجديدة، فإنّ نشاط ميليشيا أبو شباب المسلحة جنوب القطاع يتم بالاشتراك مع إسرائيل، التي قد تعتبرها بمثابة بديل لحماس، لأنّها ما زالت تشكل لها تحديًا متزايدًا، خاصة من خلال السرقة والاستيلاء على قوافل المساعدات القادمة للفلسطينيين”.
وقال أنّ “الجديد في هذه الميليشيات أنّه أصبح لها شكل مؤسساتي، وعلاقاتها وثيقة، وربّما تحظى مستقبلا برعاية أجهزة الأمن الإسرائيليّة، والولايات المتحدة، والسلطة الفلسطينية التي نفت اي علاقة لها بتلك الميليشيا .