منتجات التبغ منخفضة المخاطر ضرورة عالمية
بالرغم من ثبوت فاعلية مفهوم واستراتيجية “الحد من المخاطر” في تخطي تحديات كبيرة تتعلق بالصحة العامة، واعتماد العديد من الحكومات والدول عليه كأحد الوسائل الرئيسية في مكافحة النتائج الضارة للعديد من العادات والسلوكيات التي يتم ممارستها يوميا من مئات الملايين من البشر، إلا أن تطبيق هذه الاستراتيجية في مكافحة تهديدات التدخين التقليدي للصحة العامة، لا يزال يواجه العديد من العقبات.
فعلى سبيل المثال لا تزال منظمة الصحة العالمية، تعارض تطبيق هذه الاستراتيجية رغم ما تمثله من أهمية كبرى لحياة مئات الملايين من البشر الذين لا يرغبون في الإقلاع عن التدخين، ويحتاجون إلى بدائل تبغ منخفضة المخاطر عن السجائر التقليدية، في حين أنها – منظمة الصحة العالمية – تطبق هذه الاستراتيجية ضمن العديد من برامجها الصحية مثل “الإبر والحقن” التي تعتمد على توفير إبر معقمة للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن لتقليل مخاطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والسل والتهاب الكبد الفيروسي، كما تدعم العلاج البديل للمواد الأفيونية، وهو ما دفع البعض لاعتبار ذلك بمثابة ازدواجية غير مبررة في المعايير.
ووفقا لما هو مثبت علميا فالجزء الأكبر من أضرار التدخين التقليدي ينتج عن عملية حرق التبغ والدخان الناتج عنها، وليس بسبب مادة النيكوتين، رغم كونها مادة إدمانيه بطبيعتها، حيث أن الدخان الناتج عن عملية حرق التبغ يكون محملا بـ 6000 مركب كيميائي ضار هي المسئول الأول عن الامراض المرتبطة بالتدخين وليس النيكوتين.
ومن الحقائق العلمية أيضًا أن النيكوتين يمكن توصيله بطرق منخفضة المخاطر، مثل منتجات النيكوتين غير القابلة للاحتراق (السجائر الإلكترونية، والتبغ المسخن، ومضغات التبغ) بالإضافة للاصقات النيكوتين والعلكة.
لذلك أصبح من الضروري على منظمة الصحة العالمية أن تتبني نهجًا مختلفًا لدعم منتجات التبغ البديلة، مع التسليم بأنها ليست خالية تماما من المخاطر، وهو ما يتطلب تشجيع السياسات والقوانين الداعمة لنهج الحد من المخاطر، وتطبيق منظمة الصحة العالمية لمبدأ واستراتيجية الحد من المخاطر في مجال مكافحة أضرار التدخين التقليدي عن طريق تقييد استخدامه وتشجيع المنتجات البديلة المبتكرة.
وتعد النسخة العاشرة من مؤتمر الأطراف لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ المقرر عقده في نوفمبر 2023 فرصة مثالية لتسليط الضوء على دور منظمة الصحة العالمية في دعم سياسات الحد من مخاطر التبغ، خاصة في ظل وجود مليار مدخن حول العالم، ووفاة نحو 7 ملايين شخص بسبب التدخين التقليدي.