belbalady.net في حادث مأساوي جديد يعيد إلى الواجهة أزمات النقل الريفي وحقوق العاملات القاصرات في مصر، لقي 19 شخصاً على الأقل مصرعهم، غالبيتهم فتيات في سن المراهقة يعملن باليومية، وذلك إثر تصادم مروّع بين شاحنة نقل وحافلة صغيرة بمحافظة المنوفية شمال البلاد.
ووفق ما أفادت به وسائل إعلام مصرية رسمية، وقع الحادث على طريق “السادات كفر داود” عندما اصطدمت شاحنة بسيارة نصف نقل كانت تقل الفتيات من قريتهن “كفر السنابسة” إلى أحد مصانع دلتا النيل، على بُعد 100 كيلومتر شمال العاصمة القاهرة. وخلّف الحادث، إلى جانب القتلى، عدداً من المصابين بحالات حرجة تم نقلهم لتلقي العلاج بمستشفى السادات العام.
بحسب صحيفة “الأهرام”، فإن معظم الضحايا كنّ فتيات قاصرات تتراوح أعمارهن بين 14 و17 عاماً، بعضهن لا يزلن في المرحلة الإعدادية، اضطررن للعمل اليومي بأجور زهيدة لا تتجاوز 130 جنيهاً (ما يعادل 2.6 دولار يومياً)، بهدف إعالة أسرهن في ظل ظروف معيشية صعبة.
وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي داخل مصر وخارجها بتعليقات الغضب والحزن، حيث وصف كثيرون الفتيات بـ”شهيدات لقمة العيش”، وانتقد آخرون بشدة استمرار تشغيل القاصرات في بيئات غير آمنة وتحت ظروف نقل عشوائية.
كتب أحد الحسابات على منصة “إكس”:
“19 عروسة مصرية، كان حلمها تتجوز وترتاح، بس للأسف انتهى الحلم وخلص الكلام”.
فيما قال آخر:
“طفلات بدل ما يكونوا في المدرسة أو في بيتهم، رايحين يتبهدلوا ويتعرضوا للموت عشان لقمة عيش بـ130 جنيه!”.
تداول مستخدمو وسائل التواصل مقاطع فيديو من جنازات الفتيات في قرية كفر السنابسة، حيث شيّع الأهالي بناتهم وسط أجواء من الحزن والانكسار، ورفعت صورهن في الشوارع مع لافتات كُتب عليها “وداعاً شهيدات لقمة العيش”، فيما عمت القرية حالة من الصمت والذهول أمام فداحة المأساة.
وفي أول رد فعل رسمي، نعى رئيس الوزراء المصري ضحايا الحادث، ووجه بتقديم الدعم الكامل لأسر الضحايا والمصابين. وقال بيان مجلس الوزراء إن وزيرة التضامن الاجتماعي أمرت بإرسال فرق من الهلال الأحمر والمساعدات اللازمة، وصرف تعويضات عاجلة للضحايا.
كما نعى الأزهر الشريف الحادث، داعياً إلى اتخاذ إجراءات جادة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، التي وصفها بأنها “مأساة متكررة تستنزف أرواح البسطاء”. من جهته، كتب الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، عبر حساب وزارة الأوقاف:
“الوعي المروري والالتزام بالقواعد من صميم مقاصد الشرع.. ما حدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام”.
الحادث سلط الضوء على ملف تشغيل الأطفال واستغلال النساء في بيئات خطرة. وأشار حقوقيون إلى أن استمرار استخدام وسائل نقل غير آدمية وغير مرخصة، مع غياب الرقابة على ظروف العمل وسنّ العاملات، يُعد تهاونًا كارثيًا.
وطالب نشطاء ومنظمات مجتمع مدني بإعادة النظر في قوانين العمل، وتفعيل آليات حقيقية لمكافحة عمالة الأطفال وضمان وسائل نقل آمنة ومؤمنة للعاملين بالمصانع، لا سيما في المناطق الريفية والصناعية.
بحسب إحصاءات وكالة فرانس برس، يُقدَّر عدد الأطفال العاملين في مصر بنحو 1.3 مليون طفل. وأشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير له إلى أن نسبة عمالة الأطفال بين سن 5 و17 عاماً بلغت 5.6% على مستوى الجمهورية، مع أعلى نسبة في محافظات الصعيد (7.4%) وأدناها في المناطق الحضرية (2.7%).
فيما لا تزال التحقيقات جارية لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤولين عن التقصير، يتساءل المصريون:
“كم من الأرواح يجب أن تُزهق قبل أن تتحرك الدولة لفرض رقابة جادة على المصانع والنقل؟ هل بات الموت هو ثمن لقمة العيش؟”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
وفاة وإصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بحادث مأساوي في البحيرة
وفاة لاعب كرة مصري محترف في حادث مأساوي في السودان
إخلاء مسؤولية إن موقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
“جميع الحقوق محفوظة لأصحابها”