مروان عرندس.. بطل “وادي عربة” الذي دوّت رصاصته في وجه الاحتلال
![](https://alarabstyle.com/wp-content/uploads/2025/02/مروان-عرندس.webp.webp)
وطن في 8 فبراير 1991، سطّر الشهيد مروان عرندس اسمه في سجل الأبطال والمناضلين الشرفاء، بعد أن نفذ عملية نوعية ضد جنود الاحتلال في وادي عربة، برفقة زميليه الشهيدين خليل زيتون ورائد الصالحي، ليصبح رمزًا خالدًا في مسيرة الكفاح الفلسطيني. لم تكن مجرد عملية فدائية عادية، بل كانت رسالة واضحة بأن المقاومة الفلسطينية لن تنكسر، وأن الاحتلال لا يمكن أن ينعم بالأمان.
نشأة مروان عرندس.. طريق الإيمان والنضال
وُلد مروان عرندس عام 1970 في الأردن، لعائلة فلسطينية هجّرت قسرًا من قريتها “بيت دجن” قضاء يافا عام 1948، بفعل الاحتلال الإسرائيلي. نشأ في بيئة تحمل في طياتها معاني المقاومة والتضحية، حيث كان شاهدًا على معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين فقدوا وطنهم، فكبر محمّلًا بروح النضال والتحدي، وعاش حياته مؤمنًا بعدالة قضيته وضرورة الدفاع عن أرضه وكرامة أمته.
التحق مروان بـكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، حيث عرف بين زملائه بزهده وتقواه وحبه للعلم، لكنه لم يكتفِ بالكلمات والخطب الرنانة، بل آمن أن النضال الحقيقي لا يكون إلا بالفعل والمقاومة. كان قارئًا نهِمًا، يبحث دائمًا في كتب التاريخ والجهاد والشريعة، واستلهم مسيرته من الصحابة الأوائل وقادة الفتوحات الإسلامية.
من طالب علم إلى شهيد مقاتل
لم يكن قرار مروان عرندس بالمقاومة المسلحة وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكمات من الألم والقهر والوعي العميق بحقيقة الاحتلال. تأثر بشدة باستشهاد صديقه وتلميذه علاء الدين حجازي، الذي ارتقى قبل عام من عمليته، فقرر أن يكون الثأر له ولجميع الشهداء دمًا ونارًا في وجه المحتل. كان يرى أن التخاذل والانتظار لن يحرر الأرض، وأن المقاومة هي الحل الوحيد لاستعادة الحقوق.
في ذلك الوقت، لم يكن العمل العسكري المنظم منتشرًا في الأردن أو فلسطين، لكن مروان كسر القاعدة، وخطط لعملية بطولية في ظل أجواء حرب الخليج، التي شهدت بداية وعي الشعوب بضرورة المقاومة المسلحة.
عملية وادي عربة.. ضربة قاسية للاحتلال
في 8 فبراير 1991، عبر مروان الحدود الأردنية إلى الأرض المحتلة، بعدما أعد خطة محكمة لاستهداف جنود الاحتلال. كمن للحافلات العسكرية التي كانت تنقل جنود الاحتلال الإسرائيليين، وفتح نيرانه عليهم، ليتمكن من قتل عدد من الجنود وإصابة آخرين، قبل أن يرتقي شهيدًا في مواجهة غير متكافئة مع قوات الاحتلال.
كانت عمليته واحدة من أبرز العمليات التي خُلدت في التاريخ الفلسطيني والعربي، نظرًا لأنها جاءت في وقت لم يكن فيه العمل العسكري المنظم متاحًا، خاصة من الأراضي الأردنية، لكنها جسدت روح المقاومة الحقيقية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية، فكان شهيدًا عابرًا للحدود من أجل تحرير فلسطين.
مروان عرندس.. رمز خالد في مسيرة الكفاح الفلسطيني
رغم مرور أكثر من 34 عامًا على استشهاده، إلا أن اسم مروان عرندس لا يزال حاضرًا في ذاكرة الأحرار، بوصفه بطلًا ضحى بحياته من أجل قضية عادلة. لم يكن يسعى وراء شهرة أو مجد شخصي، بل كان هدفه إحياء روح الجهاد والمقاومة في نفوس الشباب الفلسطيني والعربي.
كلماته الأخيرة كانت وصيته للأحرار في العالم:
“اعلموا أن سوق الشهادة قد فُتح، فأين المشترون الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة؟”
وهكذا دخل مروان عرندس سوق الشهادة، ليخلّد اسمه في ذاكرة الأحرار، وليبقى رمزًا لكل من يرفض الذل والاحتلال.