16 يوليو 2025Last Update :

صدى الاعلام_كشف موقع بريطاني أن محاميًا مرتبطًا بمستشار لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حذّر المدعي العام لـ “المحكمة الجنائية الدولية” كريم خان من المضي في إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق يواف غالانت، كما حذّره من أي خطوة لإصدار مذكرات ضد وزراء متطرفين في الحكومة الإسرائيلية.
وأعدّ التقرير من لاهاي مدير تحرير “ميدل إيست آي” في لندن ديفيد هيرست مع عمران ملا، حيث حصلا على مذكرة لقاء بين خان والمحامي البريطاني- الإسرائيلي نيكولاس كوفمان.
ووفقًا للمذكرة، فقد قدَّمَ كوفمان اقتراحًا يقضي بإعادة تصنيف مذكرات التوقيف الصادرة بحق نتنياهو وغالانت كمعلومات سرية، حتى تتمكن إسرائيل من الاطلاع على تفاصيل الاتهامات والطعن بها سرًا. واقترح كوفمان مخرجًا لخان “للنزول عن الشجرة” دون أن يتضرر من محاولات إصدار مذكرات الاعتقال.

أحد أهم الأسباب التي حافظت على استمرارية المحكمة هو هذه القيم والفلسفة الأخلاقية التي أبقتها حاضرة في الفضاء العام

وكان مضمون الرسالة والرسائل الأخرى التي قدمها كوفمان لخان هو: “سيدمّرونك ويدمّرون المحكمة”.
وأقرَّ بأنه تحدثَ مع المستشار القانوني لنتنياهو، روي شوندورف، قبل اللقاء، لكنه نفى أن يكون قد نقل تهديدات أو تصرف نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، واعترف بأنه قدم اقتراحات لخان، الذي قال إنه يعرفه منذ زمن طويل، وأنه تصرّف لتحذيره من استصدار مذكرات ضد القيادات الإسرائيلية التي ستدفع الولايات المتحدة لفرض عقوبات على المحكمة وتهدد مستقبلها.
وبحسب مذكرة رسمية للاجتماع تم إيداعها في ملفات المحكمة واطلع عليها موقع “ميدل إيست آي”، أخبر كوفمان خان بأنه “فُوّض” لتقديم اقتراح يسمح لخان بالخروج من القضية دون أي ضرر. لكنه قال إنه في حال اتضح أن خان سيصدر مذكرات اعتقال بحق وزراء متطرفين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لدورهم في دعم المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، فإن “جميع الخيارات ستُسحب عن الطاولة”. وقال كوفمان لخان: “سيدمّرونك وسيدمّرون المحكمة”.
وبحسب المذكرة، فقد حضر الاجتماع أيضًا زوجة خان، المحامية شايامالا ألاجندرا، وأكّدا معًا أن ما قيل كان تهديدًا مباشرًا.
وقال كوفمان للموقع: “لا أنكر أنني أخبرت خان بأن عليه البحث عن وسيلة للتراجع عن أخطائه. لست مخوّلًا بتقديم أي اقتراحات نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، ولم أفعل ذلك”. وأشار إلى أن مذكرات التوقيف الإضافية قد تؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات الأمريكية التي قد “تدمّر المحكمة”، وأضاف أن تبنّي “خيار شمشون” – أي إسقاط كل شيء فوق المحكمة وموظفيها – لن يخدم الغاية التي تأسست المحكمة من أجلها.
وفي وقت الاجتماع، كان خان يواجه تحقيقًا في ادعاءات بسوء السلوك الجنسي. وبعد أسبوعين، خرج خان في إجازة مفتوحة، وذلك بعد أن نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مزاعم جديدة وأكثر جدية حول ارتكابه اعتداءات جنسية. وقد جاءت هذه التهم بعد محاولة فاشلة لعزل خان من منصبه أثناء إجراء الأمم المتحدة تحقيقًا في تلك الادعاءات، بينما كان خان يستعد لطلب إصدار مذكرات توقيف ضد أعضاء آخرين في الحكومة الإسرائيلية.
وينكر خان بشكل قاطع جميع الادعاءات الموجهة ضده.
وكشف موقع “ميدل إيست آي” أن الاجتماع بين كوفمان وخان عُقد في فندق “ديس إنديس” في لاهاي، مقر المحكمة الجنائية، في 1 أيار/مايو 2025. وجاء الاجتماع بينما كان خان يواجه ضغطًا متزايدًا على خلفية تحقيقاته في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي أدت إلى إصدار مذكرات توقيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ضد نتنياهو وغالانت.

ديفيد كاميرون: التقدم بطلب إصدار مذكرات التوقيف سيكون كمن يُسقط قنبلة هيدروجينية

ووفقًا للمذكرة، أرسل كوفمان رسالة نصية لخان في 26 نيسان/أبريل الساعة 10:48 مساء يعرض عليه الاجتماع به والحديث معه حول “رؤى تتعلق بالذهنية الإسرائيلية في ظل الإجراءات القضائية الراهنة”. وقال كوفمان لخان إنه تلقى اتصالًا من مراسل في “وول ستريت جورنال”، وإنه رفض التعاون، لكنه تحدث بإسهاب عن فلسطين، لأن الصحافي سمع أن كوفمان يقوم بشكل غير رسمي أو غير مباشر بتقديم النصح لغالانت. وقال كوفمان إنه لم يكن مهتمًا بمناقشة “الادعاءات الفاضحة التي يثيرها الناس”، وأضاف أنه من المحزن أنه اضطر “للتعامل مع الأفاعي التي في عشب مكتبك أنت”. وقال إنه طلب اللقاء في الأسبوع التالي، وأن خان وافق على ذلك.
وأضاف كوفمان، في تصريح لموقع “ميدل إيست آي”، أنه تحدث مع مراسل “وول ستريت جورنال” ولكنه قال له إنه لم يعلم شيئًا عن المزاعم بأن خان كان قد تحرش جنسيًا بامرأة داخل مكتبه. وأكد أنه أخبر خان بأنه غير مهتم بمناقشة المزاعم. وقال إنه قصد بعبارة “أفاعٍ في العشب” الناس الذين كانوا داخل المحكمة يتفكهون بشأن المزاعم، والذين اعتبر سلوكهم فاضحًا.
وقال، في تصريح لـ “ميدل إيست آي” إنه عرض على خان اللقاء به “لأنه، بوصفه محاميًا إسرائيليًا لدى المحكمة الجنائية الدولية، تعرّض للصدمة بسبب 7 تشرين الأول/أكتوبر، وكان في وضع يؤهله لفهم الأمر”، ولأنه كان يعلم بأن خان يتعرّض للهجوم بسبب التحقيق في الموضوع الفلسطيني. وقال: “كأصدقاء نعرف بعضنا منذ سنوات، شعرت أنه من حقي التعبير عن رأيي الشخصي في الملف الفلسطيني وفي القضية المرفوعة ضد المسؤولين الإسرائيليين، والتي شعرت أنها أضرت كثيرًا بسمعة المحكمة”.
وفي مساء الثلاثاء 29 نيسان/أبريل، أخبر كوفمان خان بأنه تحدث، عصر ذلك اليوم، مع روي شوندورف، المستشار القانوني لنتنياهو. وحسبما ورد في المذكرة، فقد وافق خان على الاجتماع معه على فنجان قهوة أثناء خروجه مع عائلته للنزهة. وفعلاً التقوا بمعية زوجة خان، شيامالا ألاجندرا، عند الساعة 6:30 مساء من يوم الخميس في فندق “ديس إنديس”. ووفقًا للمذكرة، قال كوفمان لخان إنه يعتبره صديقًا، رغم أنه لا يتفق مع نتنياهو، لكنه مضى يقول إنه يرى أن خان كان يجب أن يبدأ بمشتبهين أقل مستوى، لأن اتهام نتنياهو وغالانت، كما قال، هو بمثابة اتهام لإسرائيل بأكملها. وذكر كوفمان أنه كان على تواصل مع مستشار نتنياهو القانوني، شوندورف، وعلم أن خان قابله كذلك. وقال خان لكوفمان إنه ما كان ليؤكد أو ينكر عقده أي اجتماعات. فرد عليه كوفمان قائلًا: “أعلم أنك فعلت”.
وقال: “إن روي شوندورف، مثلي، محامٍ إسرائيلي، وعلى معرفة واسعة بشؤون المحكمة الجنائية الدولية. في الحقيقة، إنه واحد من حفنة من المحامين الإسرائيليين الذين يعرفون كيف تعمل المحكمة. نتحدث كثيرًا عن المحكمة الجنائية الدولية، وقد قلت له إنني سوف ألتقي بكريم خان”.
وجرى الحديث قبل أن يرد الخبر بأن مكتب خان كان يعدّ للتقدم بمذكرات توقيف إضافية بحق الوزيرين اليمينيين المتطرفين بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بخصوص دعمهما للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.
وتوثق المذكرة أنه بعد انتهاء الاجتماع، قالت له زوجة خان، وهي أيضًا محامية: “كان هذا تهديدًا واضحًا”. فوافقها خان على ذلك. وقال كوفمان، في تصريح لموقع “ميدل إيست آي”: “لم يكن هناك أي تهديد على الإطلاق”.
وقال كوفمان إن خان كان “بوضوح خائفًا من اتخاذ هذه الخطوة، ولو كان واثقًا من أدلته لوافق على فعل ذلك”.
وجاءت هذه التسريبات بشأن التحذيرات التي أوصلها كوفمان إلى خان بينما كان المدعي العام والمحكمة يواجهان ضغوطًا غير مسبوقة من الولايات المتحدة بسبب التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة. فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خان في شباط/فبراير، وعلى أربعة قضاة في المحكمة في حزيران/يونيو، بسبب دورهم في إصدار مذكرات توقيف ضد نتنياهو وغالانت.
وحاولت تقارير أمريكية اقتراح أن خان سعى لاستصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت لحرف النظر عن اتهامات التحرش المزعومة. ولكن في حقيقة الأمر، وكما نقل من قبل موقع “ميدل إيست آي”، فإن قرار المدعي العام التقدّم بطلب مذكرات التوقيف تم قبل ستة أسابيع من ظهور تلك الادعاءات ضده في أواخر نيسان/أبريل.

كوفمان: كأصدقاء نعرف بعضنا منذ سنوات، شعرت أن من حقي التعبير عن رأيي الشخصي في الملف الفلسطيني وفي القضية المرفوعة ضد المسؤولين الإسرائيليين

وعلم موقع “ميدل إيست آي” من مصادر متعددة أنه، في 16 آذار/مارس 2024، كان فريق المحامين والباحثين العاملين مع خان قد قرروا بأنهم سيكونون جاهزين لتقديم الطلبات بحلول نهاية نيسان/أبريل.
وفي 25 آذار/مارس، أبلغ خان الإدارة الأمريكية بقراره، وأرسل يعلمهم بالمذكرات التي كان ينوي التقدم باستصدارها في نهاية نيسان/أبريل.
وقد تزايدت الضغوط على خان بعد ذلك، ففي 23 نيسان/أبريل، هدّد وزير الخارجية البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون، عبر مكالمة هاتفية، بوقف تمويل بلاده للمحكمة وبالانسحاب منها إذا مضت في إصدار المذكرات ضد الزعماء الإسرائيليين. وكان موقع “ميدل إيست آي” قد كشف، في الشهر الماضي، عن تفاصيل المكالمة، والتي قال فيها كاميرون لخان إن التقدم بطلب إصدار مذكرات التوقيف “سيكون كمن يُسقط قنبلة هيدروجينية”.
وفي اجتماع افتراضي مع المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، في أيار/مايو، هدّد السناتور الأمريكي الجمهوري ليندسي غراهام بفرض العقوبات عليهم فيما لو مضى خان في التقدم بطلب لاستصدار مذكرات التوقيف.
إلا أن هذه التهديدات لم تمنع خان من التقدّم بطلب استصدار المذكرات.
وفي 29 نيسان/أبريل 2024، بعد أكثر من شهر من قرار التقدم بطلب استصدار المذكرات، ظهرت أول ادعاءات تحرش ضد خان من قبل إحدى الموظفات. وأُحيلت المزاعم إلى آلية الرقابة الداخلية يوم 3 أيار/مايو، ولكن التحقيق أُغلق بعد ذلك بأيام، بعد أن قالت المرأة إنها لا ترغب في التعاون معه.
وهذا يعني أنه عندما أعلن خان عن التقدم بطلب استصدار مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت، يوم 20 أيار/مايو، لم يكن هناك تحقيق رسمي ضده حينها.

شاركها.