رأت مصادر محلية في محافظة اللاذقية أن التطورات الأخيرة المتعلقة بالاحتجاجات، والتي دعا إليها الشيخ غزال غزال، تمثل استغلالاً لما يكفله القانون السوري من حق التظاهر السلمي، وتحويله إلى أعمال تتجاوز القانون وتهدد الاستقرار الداخلي. وقد بدأت الاحتجاجات في اللاذقية وبانياس، وتصاعدت لاحقاً إلى اشتباكات وأعمال عنف، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل المنطقة.
وأكدت المصادر أن قوات الأمن السورية تعاملت بحذر في بداية الاحتجاجات، محاولةً استيعاب التجاوزات ومنع الاحتكاك مع المتظاهرين المؤيدين للحكومة. ومع ذلك، تطورت الأحداث بشكل غير متوقع، وشهدت إطلاق نار على سيارات الشرطة، ثم على عناصر الأمن أنفسهم، مما استدعى رد فعل أمني أكثر صرامة.
تداعيات الاحتجاجات في اللاذقية وتأثيرها على الأمن القومي
صرح نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، بأن الأحداث الأخيرة تمثل انتصاراً للثورة السورية، مشيراً إلى أن هجوم ما وصفه بـ “فلول النظام البائد” على المتظاهرين السلميين يعكس وحشية هذه الجماعات. وأضاف البابا أن قوى الأمن تتعامل مع الوضع بانضباط وأخلاق عالية، وأن الاحتجاجات هي نتيجة لدعوات انفصالية تهدف إلى زعزعة الاستقرار.
وأشار البابا إلى أن النظام السابق أهمل الخدمات في المنطقة الساحلية، واستغل السكان لتحقيق مكاسب سياسية. وشدد على أن الدولة السورية تعمل على معالجة هذه المشكلات وتلبية احتياجات السكان في جميع المناطق.
تصعيد العنف ودور الجهات المتطرفة
وتزامن تصاعد العنف مع تفجير استهدف مسجداً في حمص، وهو ما اعتبرته السلطات السورية محاولة لإثارة الفتنة الطائفية. وأكدت المصادر أن هناك جهات معينة تسعى إلى استغلال هذه الأحداث للإضرار بالشعب السوري وتقويض جهود الاستقرار.
من جانبه، اتهم الدكتور أوس فائز عثمان، النائب المنتخب في مجلس الشعب عن محافظة اللاذقية، الشيخ غزال غزال و”فلول النظام” باستغلال تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب، بهدف إثارة الفتنة. وأضاف عثمان أن هذه الجهات تسعى إلى تقسيم البلاد وإعلان الفيدرالية، وهو ما يرفضه الأغلبية الساحقة من السكان في المنطقة الساحلية.
وأضاف عثمان أن اللغة الطائفية هي لغة خارجية، وأن غزال يتواصل مع عناصر من النظام السابق لإشعال الفتنة. وذكر أن الدولة السورية تعمل على تنفيذ اتفاقيات مع المنطقة الساحلية، بما في ذلك إطلاق سراح الموقوفين وتسوية أوضاع العسكريين وإعادة الموظفين إلى وظائفهم.
اللقاءات الحكومية وجهود التهدئة
في منتصف ديسمبر، التقى الرئيس السوري أحمد الشرع بوجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس في قصر الشعب بدمشق، وذلك في إطار جهود القيادة لتعزيز الاستقرار والمشاركة الشعبية في تطوير البلاد. وناقش اللقاء التحديات التي تواجه المنطقة الساحلية، والسبل الكفيلة بتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
وأكد عثمان أن الأغلبية الساحقة في المنطقة الساحلية لا تطالب بالتقسيم أو الفيدرالية، وأنها تؤمن بوحدة سوريا وسلامة أراضيها. وشدد على ضرورة قيام الأجهزة الأمنية بدور أكثر فعالية في اعتقال العناصر المتطرفة التي تمول وتدفع إلى أعمال العنف والفتنة.
وأشار عثمان إلى أن أعداد المشاركين في الاحتجاجات كانت متواضعة، ولا تمثل سوى نسبة ضئيلة من عدد سكان المنطقة الساحلية. وذكر أن الدولة السورية تعمل على تلبية احتياجات السكان في جميع المناطق، وأنها لن تتسامح مع أي محاولة لزعزعة الاستقرار أو تقويض الوحدة الوطنية.
وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان المنطقة الساحلية من العلويين يبلغ حوالي 4-5 ملايين نسمة، وأن المشاركين في الاحتجاجات لم يتجاوزوا العشرين ألفاً. وهذا يؤكد أن الاحتجاجات لا تحظى بدعم شعبي واسع، وأنها تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية ضيقة.
في الختام، من المتوقع أن تستمر الجهود الحكومية لتهدئة الأوضاع في اللاذقية وبانياس، ومعالجة مطالب السكان المحليين. ومع ذلك، لا يزال الوضع غير مستقر، وهناك خطر من تصاعد العنف والفتنة. ويتعين على الأجهزة الأمنية أن تتوخى الحذر الشديد، وأن تتعامل مع أي تهديد أمني بحزم وقوة. ومن الضروري أيضاً أن تعمل وسائل الإعلام على نشر الوعي بين السكان، وتجنب إثارة المشاعر الطائفية أو السياسية.
