belbalady.net دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) كسرت اللوحة الذاتية للفنانة المكسيكية فريدا كاهلو الأرقام القياسية كأغلى عمل لفنانة يُباع في مزاد، بعدما بيعت مقابل 54.7 مليون دولار، في مزاد نظمته دار سوزبيز للمزادات بنيويورك.
وبذلك، تراجعت كل من لوحة الفنانة الأمريكية الراحلة جورجيا أوكيف “Jimson Weed/White Flower No.1“، إلى المركز الثاني مقابل 44.4 مليون دولار، ولوحة “دييغو وأنا” لكاهلو إلى المركز الثالث مقابل 34.9 مليون دولار.
تبدو هذه الأسعار مرتفعة، إلا أنها تبقى متدنية مقارنة بمبيع أعمال الرجال الفنية. إذ بيعت لوحة الفنان الإيطالي ليوناردو دا فينشي، “سالفاتور مندي”، مقابل مبلغ مذهل بلغ 450.3 مليون دولار في مزاد كريستيز العام 2017.
ولا تقتصر الفجوة بين الجنسين على الفنانين المتوفين فقط. في وقت سابق من هذا العام، حققت الفنانة مارلين دوماس من جنوب إفريقيا رقمًا قياسيًا لأعلى سعر دفع مقابل عمل لفنانة حية. إذ بيعت لوحتها الكبيرة “مس جانيواري”، التي تصوّر امرأة نصف عارية، مقابل 13.6 مليون دولار في مايو/أيار، متجاوزة لوحة جيني سافيل “بروبد” التي بيعت مقابل 12.4 مليون دولار في 2018.
تجدر الإشارة إلى أنّ رقم دوماس لا يشكل حتى 15٪ من الرقم القياسي الحالي لأعمال فنانين رجال أحياء؛ إذ بيع تمثال جيف كونز “رابيت” مقابل أكثر من 91 مليون دولار في العام 2019.
يعتقد الخبراء أنّ أسباب هذه الفجوة الكبيرة هي التحيّز ضد النساء، والتمييز العمري، وسيطرة الرجال على دور المزادات والمتاحف.
وأظهرت دراسة أجريت في العام 2021، وجود تحيّز واضح بين الجنسين في كيفية تقييم المجتمع للأعمال الفنية. وقادت رينيه ب. آدامز، أستاذة التمويل بكلية سايد للأعمال في جامعة أكسفورد.
عرض الباحثون في التجربة على مجموعتين من المشاركين سلسلة من الأعمال الفنية المُولَّدة بالذكاء الاصطناعي وطلبوا منهم تقييمها. عُرضت الأعمال على مجموعة مع توقيع فنان رجل، وأخرى مع توقيع فنانة. فأظهرت النتائج أن الأعمال المنسوبة لفنان رجل حصلت على تقييم أعلى من قبل زوّار المعارض مقارنةً بالأعمال المنسوبة إلى امرأة.
تدرس آدامز حاليًا مزادات البطاقات البريدية السرية، حيث يُفترض أن يكون الفنان مجهول الهوية. ووجدت أنه “إذا لم يستطع المشترون معرفة هوية الفنان، لا يوجد فرق في السعر بين الجنسين، لكن بمجرد معرفة هويّته، يظهر فرق السعر بحسب الجنس”. وأشارت إلى أن حجم الفجوة في سوق الفن يفوق ما يُسجّل في القطاعات الأخرى.
اتبعت الفنانة والكاتبة ومؤرخة الفن هيلين غوريل، كجزء من بحثها لكتابها “Women Can’t Paint” الصادر في العام 2020، منهجًا تحليليًا لأعمال المزادات. أنشأت جدول بيانات يضم 5,000 لوحة في السوق الثانوية بمزادات كبيرة مثل “سوزبيز” و”كريستيز” و”فيليبس”، ووجدت أنّ قيمة الأعمال الموقّعة من رجال ترتفع مقارنةً بالأعمال غير الموقّعة، بينما تنخفض قيمة أعمال النساء عند توقيعها.
وترى غوريل أن المؤسسة الفنية تبرز نجاح فنانات مثل جيني سافيل، وفريدا كاهلو، وبريدجيت رايلي، ويايوي كوساما لتظهر تقدّمًا، لكنها تؤكد أن الواقع مختلف، وأنّ النجاح كان أكبر في التسعينيات، أما الآن فهو يقتصر على عدد أقل من النساء، لكنه أوسع نطاقًا.
تعمل غوريل حاليًا على كتابين آخرين حول فجوة الجنسين في الفن، وأكدت أن أحدث أبحاثها تُثير القلق. فقد تحدّثت مع فنانات تم تجاهلهنّ بعد إنجاب الأطفال، وأُخبرن أن أعمالهنّ لا يمكن بيعها، مضيفة أنه “يقول التجار أنّ المشترين يفقدون الثقة في النساء بعد الإنجاب لأنهنّ لن يتمكنّ من التركيز بالكامل على فنّهن”.
تلقي غوريل جزءًا كبيرًا من اللوم على المتاحف، مؤكدة أن قلة جمع المتاحف لأعمال الفنانات يؤثر على قيم الأعمال في السوق الثانوية ويشكّل تصور المشترين لقيمة الفن.
حتى أنّ بعض الفنانات أنفسهنّ تبنّين هذا الاعتقاد، مثل تريسي إمين، التي صرحت في العام 2014ـ بأنها كانت تعتقد أن إنجاب الأطفال سيؤثر على عملها الفني. كما أشارت غوريل إلى أنّ العمر ومعايير الجمال تمثل تحديات إضافية؛ فقد نصح أحد التجار فنانة بحقن البوتوكس لأنها “تبدو منهكة”، مضيفة: «لكن الرجال يُسمح لهم بأن يكونوا كبار السن وقبيحي المظهر”.
من جانبها، قضت فاليريا نابوليون، قيّمة فن إيطالية، ثلاثة عقود في جمع أعمال الفنانات، مؤكدة أن هدفها كان البحث عن أصوات نسائية تم إسكاتها عبر تاريخ الفن، وتضم مجموعتها الآن حوالي 560 عملًا لكنها لاحظت أنّ الرجال ما زالوا يهيمنون على عالم الفن المعاصر.
ومن ناحية أكثر تفاؤلًا، قالت هارييت لوفلر، أمينة مجموعة الفن النسائي في كامبريدج، إن مزاد كاهلو الأخير سلّط الضوء على تمثيل النساء، وبدأت المتاحف باتخاذ خطوات لتصحيح هذا التفاوت.
كما تأسّس المتحف الوطني للفنون النسائية في واشنطن في الثمانينيات لتصحيح نقص تمثيل النساء في تاريخ الفن. وقالت كاثرين وات، أمينة المتحف ونائبة المدير: “ما زالت التفاوتات في البحث العلمي، ومحتوى مجموعات المتاحف، والقيمة السوقية قائمة، ولكن تظل مهمتنا في المناصرة والعرض أساسيّة”.
اتفقت آنا دي ستاسي، رئيسة قسم الفن الأمريكي اللاتيني في سوذبيز، قائلة: «شهدنا تحولًا حقيقيًا في الوعي، وثقة السوق، وزيادة تمثيل الفنانات في المعارض والدعم المؤسسي». وأشارت إلى أن أعمال الفنانات حقّقت نتائج رائعة ومبشّرة.
