تتصاعد المخاوف بشأن برنامج إيران الصاروخي والنووي، مع تحذيرات أمريكية وإسرائيلية متزايدة من سعي طهران لاستعادة قدراتها التي قد تكون تضررت في المواجهات الأخيرة. تشير التقديرات الأمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال الفترة الماضية لم تقضِ على التهديد بشكل كامل، بل قد تكون حفزت إيران على تسريع جهود إعادة البناء والتطوير. هذا التوتر المتزايد يضع المنطقة على حافة مواجهة جديدة، ويتطلب تقييماً دقيقاً للخيارات المتاحة.
وفي حين تؤكد واشنطن أن طهران لم تستجب بشكل كامل للرسائل التحذيرية، وحذرت من أن إيران لم “تستوعب الرسالة كاملة” بعد قصف منشأة فوردو، تعرب تل أبيب عن قلقها إزاء ضيق النوافذ الزمنية لاتخاذ إجراءات، وتدرس خيارات عسكرية قد تعيد التوتر إلى مستويات خطيرة. هذا التطور يأتي في ظل مخاوف مستمرة من سوء تقدير قد يؤدي إلى تصعيد غير مقصود.
مخاوف أمريكية وإسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية
صرح السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، بأن إيران لم تفهم بشكل كامل التحذيرات التي أرسلتها الضربات الأخيرة، خاصةً تلك التي استهدفت منشأة فوردو باستخدام قاذفات الشبح “بي 2”. وأشار هاكابي إلى أن طهران تقوم الآن بجهود لإعادة تأهيل قدراتها النووية والصاروخية، مما يشير إلى عدم اكتراثها بالتداعيات المحتملة لأفعالها.
وأضاف هاكابي، في إطار مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على محمل الجد حتى تلك اللحظة. وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا في التوترات، مع تزايد المخاوف بشأن التزام إيران بتعهداتها الدولية.
وتتزامن هذه التحذيرات مع قلق متزايد لدى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إزاء برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. وتتهم هذه الأطراف إيران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، خاصةً مع إمكانية الوصول إلى إسرائيل من خلال هذه الصواريخ.
وبحسب شبكة “إن بي سي” الأمريكية، فإن المسؤولين الأمريكيين يخشون بشكل متزايد من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني. وتشير التقارير إلى أن المسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأمريكي على “الخيارات المتاحة” للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة. هذا التحرك يعكس مدى خطورة الوضع الذي يراه واشنطن، ويؤكد على أهمية إيجاد حل دبلوماسي يمنع إيران من تطوير قدراتها الصاروخية.
اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب
من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 ديسمبر في ميامي. ووفقًا لمصادر إسرائيلية، سيبحث نتنياهو مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، بالإضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. كانت قناة “إن بي سي نيوز” قد كشفت سابقًا عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترامب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.
وفي رد على سؤال حول إمكانية حصول إسرائيل على “ضوء أخضر” أمريكي لشن هجوم جديد، أكد هاكابي على موقف الرئيس ترامب الثابت تجاه إيران، مشيرًا إلى أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أو امتلاك سلاح نووي.
وأشار هاكابي إلى أن استئناف إيران لبرامجها النووية والصاروخية لا يهدد إسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل يمثل أيضًا خطرًا حقيقيًا على أوروبا بأكملها. وفي نبرة حادة، انتقد الأوروبيين لعدم فهمهم الخطر، مؤكدًا أن إعادة تفعيل العقوبات “سناب باك” ضد إيران هو دليل على هذا القلق.
تصعيد في الخطاب وتنسيق عسكري
السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عبر عن دعمه لشن هجوم على إيران، محذرًا من أن جهود طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية تشكل تهديدًا مماثلًا للبرنامج النووي. جاءت تصريحات غراهام خلال زيارته لإسرائيل، حيث التقى بالرئيس نتنياهو ومسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي.
وأكد غراهام أن أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضًا، ودعا إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مستقبلية. وأشار إلى أن الصواريخ الإيرانية قد “تغرق القبة الحديدية”، معتبراً أن السماح لإيران بإنتاجها أمر غير مقبول.
في الوقت نفسه، أفادت تقارير بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترامب بقلقهم المتزايد بشأن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة، على الرغم من أن المعلومات الاستخباراتية تشير حاليًا إلى تحركات قوات داخل إيران. ويرى الجيش الإسرائيلي أن هامش تحمل المخاطر قد تقلص بشكل كبير بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
يُذكر أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، أجرى اتصالًا مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، لإبلاغه بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها “الحرس الثوري”. وأشار زامير إلى أن هذه التحركات قد تكون ستارًا لهجوم مفاجئ، ودعا إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأمريكية والإسرائيلية.
بشكل عام، الوضع الحالي يتسم بالتوتر وعدم اليقين. من المرجح أن يركز اللقاء بين نتنياهو وترامب على إيجاد حلول دبلوماسية لمنع إيران من تطوير قدراتها النووية والصاروخية، مع عدم استبعاد الخيارات العسكرية في حال فشل الجهود الدبلوماسية. ما يجب مراقبته في الأشهر القادمة هو رد فعل إيران على الضغوط المتزايدة، وتطورات البرنامج النووي والصاروخي، ومستوى التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
