19 أكتوبر 2025Last Update :
– الكاتب: باسم برهوم – حماس في عملها وتقديم نفسها بعشرات الوجوه، كما كل الحركات الاسلاموية التي خرجت من تحت عباءة جماعة الاخوان المسلمين يستخدمون المكر والباطنية مع جميع القوى الأخرى خصوصا ان هذه الجماعات تكفر المجتمع، بمعنى انهم يستخدمون المكروالباطنية مع القريب ربما اكثر من البعيد والبعيد.
حماس تقدم نفسها وكأنها تنظيم وطني فلسطيني لكنها لا تؤمن بالوطنية، وبالهوية الوطنية، حماس تدعي انها مع الوحدة الوطنية لكنها وبعد حرب إبادة جماعية دامت لعامين تواصل محاولاتها للسيطرة على الناس، وتتقاسم مع جيش الاحتلال القطاع وتشارك نتنياهو في هدف استبعاد السلطة الوطنية الفلسطينية عنه. حماس، كما جماعة الاخوان تقدم نفسها انها تؤمن بالديمقراطية، لكنها قامت بانقلاب عسكري دموي ووحشي في قطاع غزة راح ضحيته 800 فلسطيني. ليس هذا وحسب، بل انقلبت على حكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت من اتفاق مكة، من أقدس الاماكن عند الإسلام والمسلمين.
اما وجه المقاومة الذي تدعيه حماس فهو أخطر الوجوه.. لماذا؟
هذا الوجه الذي تخفي من خلاله حماس اولا، هويتها الاخوانية وسعيها لخدمة الاخوان ومصالحها وأهدافها، ومصالح واجندات إقليمية، بحجة انها مقاومة. ومن يتعمق بهذه المقاومة يلاحظ ببساطة انها لم تحقق اي هدف وطني واحد، بل تقاطعت اعمال حماس “المقاومة” في كل مراحلها مع اليمين المتطرف الإسرائيلي، ولم تجلب سوى الدمار للشعب الفلسطيني. وفي الفصل الاخير جلبت حرب الإبادة، ثانيا، كل معارك حماس بحجة المقاومة كانت بهدف تمكينها كقوة بديلة لمنظنة التحرير الفلسطينية. والاخطر ان هذه المعارك لم يستفد منها الا حماس وجماعة الاخوان والقوى الاقليمية المتحالفة معها.
ولتوضيح مدى مكاسب جماعة الاخوان يمكن فقط تخيل حجم التبرعات المالية، التي تقدر بالمليارات، جمعت باسم معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعلى حساب دمهم وتضحياتهم وعلى القضية الفلسطينية، فالسؤال: الى اين أخذنا طوفان، الذي تعتبره حماس ذروة مقاومتها. ما الذي حققه الطوفان، هل حقق هدفا سياسيا واحدا يتعلق بالعناصر الأساسية للقضية الفلسطينية؟ حماس لم تطرح اي قضية سياسية وهي تفاوض على وقف اطلاق النار. لم تتفوه بكلمة بما يتعلق بالمسجد الأقصى، الذي حمل الطوفان اسمه، ولا الاستيطان، او حتى إرهاب المستوطنين وغيره، وعلينا ان نتذكر ان إسرائيل لا تزال تحتل نصف قطاع غزة. والغريب ان حماس اوقفت النار مع دولة الاحتلال، وبدلا من تضمض الجراح بدأت حملة تصفيات وإعدامات خارج القانون وما هو الهدف؟
ارادت حماس من خلال سفك الدم الفلسطيني ان تقدم نفسها مرة اخرى كما قدمته في العام 2007، بانها يمكن ان تقمع وتبطش، وانها الجهة القادرة على الامساك بيد من حديد الروح الوطنية للشعب، وهي اليوم على استعداد لجر الشعب الفلسطيني إلى حرب أهلية اذا كان ذلك يخدم مصالحها ومصالح جماعة الاخوان.
وفيما يخص الوجوه التي قدمت بها حماس نفسها مؤخرا، وإعلانها انها لا تريد ان تحكم غزة بعد الحرب. وما ان توقفت الحرب حتى بدأت حماس تمكين حكمها للقطاع معتقدة انها حصلت على إذن من الرئيس ترامب هذه المرة. فهي تعتقد ان مكرها قد انطلى على الجميع، وبالرغم انها تدرك ان مكرها مكشوف لمن هم اكثر منها مكرا.
في واقع الامر حماس وافقت على كل الشروط الإسرائيلية والاميركية لوقف الحرب عندما وافقت على مبادرة الرئيس ترامب، التي فيها بند واضح لنزع سلاح قطاع غزة. وبالمقابل هي لم تنطق بكلمة واحدة انها تقبل بان تسلم السلطة الوطنية بصفتها الجهة الشرعية المسؤولية في قطاع غزة من اجل إعادة البناء.
وبدل ذلك قامت حماس بمد يدها لجميع الاطراف، لكنها لم تمدها لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولم تمد يدها وحسب، وانما بدأت بالتهديد بالقيام باغتيالات. والتهديد باغتيال الرئيس محمود عباس بحجة اوسلو في حين ان الاغتيال هو لرمز الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة، والغريب انهم قبلوا بما هو اقل من اوسلو بكثير، قبلوا بالاستسلام ويقبلون في الواقع بتقاسم القطاع مع الاحتلال، والا لما باشروا عملهم فورا بالتحكم بالناس في المناطق التي انسحبت منها قوات الاحتلال دون الالتفات لمأساتهم، وانهم مروا بأبشع حرب إبادة.
دون شك ان هناك من تعامل مع جيش الاحتلال خلال الحرب، وهؤلاء يجب معاقبتهم بالقانون، وهناك من استغل ظروف الحرب القاسية وارتكب مخالفات وجرائم ولكن معاقبتهم تأتي ايضا عبر القانون.
كما لا يجب الإساءة للعائلات الغزية، خصوصا ان سلطة حماس في القطاع هي سلطة غير شرعية بالأساس.
وباختصار، وجوه حماس جميعها ما هي إلا غطاء لوجهها الاخواني التكفيري. فالاخوان لم يعلنوا لمرة واحدة انهم لم يعودوا يكفرون المجتمع، وما داموا لم يعلنوا، فلا يمكن اعتبارهم لا وطنيين ولا ديمقراطيين، ولا حتى مقاومين لأن اهدافهم في جوهرها غير وطنية، وغير ديمقراطية.