قائد الوحدة 8200 في جيش الاحتلال: حماس تغلبت علينا في 7 أكتوبر ولم نبحث فشلنا

قال قائد الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، يوسي شارئيل، إن “الجيش الإسرائيلي كان مشلولاً لساعات طويلة” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يوم تنفيذ حركة حماس عملية طوفان الأقصى، مضيفاً: “كان هناك الكثير من المدنيين والقوات التي وصلت، لكن المؤسسة العسكرية بأكملها لم تعمل”. وأدلى شارئيل بتصريحاته في قاعدة بلمحيم العسكرية، هذا الأسبوع، أمام نحو 600 من قادة الجيش، وكشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الأربعاء.
وكشف شارئيل، الذي هاجم قادة الجيش ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، خلال استعراض تحقيقات الجيش أمام هيئة الأركان والقيادات العسكرية، عن أنه حتى اليوم لم تجتمع قيادة الجيش والاستخبارات معاً للتباحث في أسباب الإخفاق: “لم نجلس معاً، (نحن) جميع القادة والعاملين في الاستخبارات، للسؤال كيف فشلنا هكذا؟”.
وأضاف شارئيل الذي سبق أن أعلن تحمّله المسؤولية إزاء الإخفاق، واستقال من منصبه، وسينهي مهامه بعد نحو أسبوعين: “حتى إذا كان يُعتقد في تلك الليلة أن ما يحدث مجرد تدريب لحماس، أليس من الأفضل أن نكون مستعدين له؟”. ووصف ما حدث صباح 7 أكتوبر بمباراة كرة قدم يخوضها فريقان بينهما فجوات كبيرة من حيث الإمكانات، ومع هذا سيطر الفريق الذي لديه إمكانات أقل: “صعدنا إلى أرضية الملعب، الجيش الإسرائيلي مقابل منظمة حماس. للمقارنة، صعدنا مثل (نادي) برشلونة مقابل مكابي حيفا (اسم نادي كرة قدم إسرائيلي إمكاناته أقل بكثير من برشلونة)، وفي 7 أكتوبر تلقينا 15-0”. وكان يشير بذلك إلى وجود أفضل الكوادر في الجيش وشعبة الاستخبارات، “ومع ذلك تغلّبوا علينا لساعات طويلة”.
وتابع: “طوال حياتي كبرت على اللقاء بين العالم الاستخباراتي والعالم العملياتي. بين ضباط الاستخبارات والقادة. هذا اللقاء يختبر الأمور، خاصة عندما تكون هناك علامات استفهام. عندما نأتي بمعلومات بأن حزب الله سيطلق النار، لا حاجة إلى لقاء بين الاستخبارات والقادة. المعلومات تصل وسلاح الجو يعرف كيف يستعد. عندما نأتي بمعلومات بأن إيران ستطلق النار، لا حاجة إلى لقاء، ويجب الاستعداد. اللقاء هو عندما تكون هناك معلومات وغير واضحة السبب. عندما يتم استخدام أصول طارئة (من حماس) ولا نعرف لماذا، يكون السؤال كيف نستعد. طوال حياتي كبرت على اللقاء بين ضباط الاستخبارات والقادة العسكريين، وهو جوهر استخدام القوة في الجيش الإسرائيلي”.
وأضاف: “منذ بداية الحرب، لم يجتمع القادة الكبار لطرح الأسئلة المطلوبة. الأمر الأكثر تعقيداً والأصعب هو أن هذه المجموعة لم تتوقف لمدة 507 أيام، حتى ولو عشر دقائق، للسؤال كيف فشلنا باعتبارنا مجموعة. لم يجتمع جميع اللاعبين الأساسيين، القادة وضباط الاستخبارات معاً، للسؤال كيف فشلنا بوصفنا مجموعة. عندما انتصر الجيش الإسرائيلي على حزب الله، كانت المؤسسة العسكرية كلّها تعمل بأفضل حالاتها، وكلهم انتصروا معاً تحت قيادة الأركان العامة، ولكن عندما هزمونا (أي حماس)، فجأة لم تعد ذات المجموعة… ولم تكن المجموعة حتى تجرؤ على الجلوس معاً ولو لمدة 15 دقيقة، بدون تسجيلات وبدون محققين، والسؤال ماذا حدث لنا؟ ليس فقط السؤال ماذا حدث لهذا اللاعب أو ذاك، ولكن ماذا حدث لنا باعتبارنا مجموعة”.
وأوضح أن “المجموعة الاستخباراتية فعلت ذلك تحت قيادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق. كان ذلك صعباً ومخيفاً، ولكن لهذا السبب توجد تحقيقات عميقة وناقدة. ماذا حدث للمجموعة، ماذا حدث للقاء بين العالم الاستخباراتي والعالم العملياتي؟ هذا لم يُطرح ولم يُحقق فيه. الجزء الرئيسي مفقود من الكتاب (الذي جُمعت فيه التحقيقات). وللأسف أعتقد أن هذا لم يحدث بالصدفة”.
وقدّم مثالاً من حديث قيادة حماس قبل 7 أكتوبر، موضحاً أهمية استعداد الجيش الإسرائيلي لكل سيناريو: “في 5 أكتوبر، عندما اتخذ (يحيى) السنوار القرار النهائي لانطلاق للهجوم، قرر أمرين إذا تحققا، سيتم إلغاء الهجوم لأن المفاجأة ضرورية. الأول هو وجود دبابات في المواقع، والثاني طائرات مسيّرة في الجو”. بعد ذلك، تحدث شارئيل عن العمى في القيادة العسكرية: “فجأة كل القادة أصبحوا عميان، عبروا في الضوء الأحمر لأن كلب الإرشاد أخبرهم بالعبور في الضوء الأحمر”.
وعاد شارئيل للحديث عن العلامات التحذيرية في الليلة التي سبقت الهجوم: “جميع القادة كانوا على علم أنهم في حماس استخدموا شرائح الاتصال في جميع أنحاء القطاع واستخدموا الأصول الطارئة الخاصة بهم… كانت هناك أيضاً إشارات مهدئة، هذا صحيح، ولكن إذا سألنا شخصاً عاقلاً في الشارع، ليس خريج دورة ضباط الاستخبارات أو دورة قادة الألوية، هل عندما تكون هذه هي العلامات، من الأفضل أن تنتظر الدبابات في المواقع وتكون المُسيّرات في الجو، ماذا سيقول؟ وحتى إذا كان يعتقد في الليل أن هذا مجرد تدريب لحماس، أليس من الأفضل أن نكون مستعدين في مواجهة تمرين العدو في المنطقة الحدودية؟ كل هذا يتطلب عقلاً سليماً ولقاء بين الاستخبارات والقادة، والذي لم يُحقق فيه حتى الآن”.
وتحدّث شارئيل عن أن “حماس” فكرت في إلغاء الهجوم في اللحظة الأخيرة، قائلاً: “أحد كبار المسؤولين في حماس أخبر صديقه بعد ثلاثة أيام من 7 أكتوبر أنهم فكّروا في إلغاء الهجوم ساعة قبل التنفيذ، لأنهم لم يروا أي قوة، فظنّوا أن الجيش الإسرائيلي ربما كان يجهز لهم كميناً”. وهكذا، حدث أن الجيش كان مشلولاً لساعات طويلة: “كانت هناك العديد من الأنشطة، سواء في الميدان أو في هيئة الأركان العامة، وخاصة الكثير من المدنيين والقوات التي وصلت، لكن المؤسسة العسكرية بأكملها لم تعمل لساعات طويلة. وفي كل يوم من التحقيقات، من الصباح حتى مرحلة الردود، الوحيدون الذين أظهروا حدوث ثغرات كانوا من الاستخبارات. كل القادة الآخرين (قالوا إنهم) ارتكبوا فقط بعض الأخطاء. باستثناء الاستخبارات، في الجيش بأكمله لم يُظهر (التحقيق) خطأً واحداً”.
وانتقل شارئيل بعد ذلك إلى الخلاصة، والتي كانت حادة وواضحة: “هذه ليست حادثة، هذا مرض خطير انتشر. لم ننظر في الجيش إلى الحروب التي قد تحدث بشكل مفاجئ كاحتمال ممكن، ولم ننظر إلى الجناح العسكري لحماس كجيش، وبالتالي سمحنا له بأن يكون على حدودنا على مسافة دقائق معدودة من البلدات، واعتقدنا أن لدينا بوليصة تأمين مزدوجة مكوّنة من عائق (متقدّم ومزوّد بتكنولوجيا متطورة على الحدود) واستخبارات، والتي لم تكن لتوقظنا فقط، بل ستوضح بالضبط ما يحدث. هذا يعود إلى مشاكل في الثقافة، والقيم، والبنية”.