اخبار

فضيحة بيع سلاح الشعوب الفلسطينية والسورية للصهاينة: خيانة موثقة بالتاريخ

في عام 1947، تبرع فلسطينيون وسوريون بأموالهم وممتلكاتهم لشراء صفقة أسلحة من تشيكوسلوفاكيا، لمساندة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني. وأشرف على الصفقة رئيس الوزراء السوري آنذاك جميل مردم، ووجه نداءات حثيثة للتبرع، حتى بالذهب والزيتون.

لكن الصفقة، التي واجهت اعتراضات من الوكالة اليهودية، تمت بطرق مريبة، ويُعتقد أن اتفاقًا خفيًا تم بين جميل مردم والوكالة، خاصة أنه تم تجنيده لصالحها سابقًا أثناء عمله سفيرًا لسوريا في القاهرة.

هذه وثيقة وصول السفينة
هذه وثيقة وصول السفينة

الجاسوسة اليهودية وتفجير السفينة

ونُقلت السفينة من تشيكوسلوفاكيا إلى موانئ إيطاليا، حيث كان في انتظارها جواسيس صهاينة، على رأسهم الجاسوسة الحسناءأدا بلماس سريني، التي قامت بتفجير جزء من الشحنة لإعطاب السلاح.

وأرسل جميل مردم ابن شقيقته، المقدم فؤاد مردم، إلى روما، حيث التقى بالجاسوسة وأمضى وقتًا طويلًا معها. وبتوجيه مباشر منها، قام بتغيير مسار السفينة من ميناء بيروت إلى ميناء الإسكندرية، ومنه إلى فلسطين حيث استلمتها عصابات الهاغناة.

تضليل السلطات وتحقيق فاضح

في خضم هذه الأحداث، أبلغ فؤاد مردم السلطات السورية بأن السفينة محتجزة في اليونان، بينما كانت في طريقها للصهاينة. وبعد عودته إلى دمشق، استجوبه محامٍ فلسطيني، فكشف التحقيق تلاعبه وكذبه، مما أدى إلى القبض عليه.

في 24 أبريل 1949، حُكم على فؤاد مردم بالإعدام شنقًا بتهمة الخيانة العظمى. وجاء في مرافعة النائب العام:

لقد طعن قضيتنا بالصميم، وباع فلسطين وسبعين مليونًا من العرب من أجل امرأة يهودية استغلته لصالح الصهاينة.”

لكن انقلاب حسني الزعيم في العام ذاته أنقذه من تنفيذ الحكم، ثم شمله العفو لاحقًا.

اعترافات جديدة ووثائق أمريكية

وكشفت إحدى الصحف اليهودية “Intermountain Jewish News” عن الحادثة تحت عنوان:

اليهودية التي حولت سفينة سلاح سورية إلى الهاغناة وأنقذت الجليل!”

الصحيفة اليهودية التي أورت الخبرالصحيفة اليهودية التي أورت الخبر
الصحيفة اليهودية التي أورت الخبر

وفي عام 1950، أظهرت وثائق من وزارة الخارجية الأمريكية أن مردم وقع تحت تأثير الجاسوسة اليهودية، التي عملت لصالح الهاغناة.

أما في عام 2006، فكشف الجاسوس الصهيوني أمنون يونا عن تفاصيل إضافية، وأبرز بوليصة الشحن المسجلة باسم فؤاد مردم والقنصلية السورية في روما، والتي انتقلت لاحقًا لعهدة الصهاينة.

شبكة خيانة واسعة

لم تكن خيانة فردية، بل تورط فيها شخصيات بارزة، مثل وزير الدفاع السوري آنذاك أحمد الشرباتي، الذي كانت له اتصالات مع الهاغناة أثناء رحلة السفينة، إضافة إلى حسني الزعيم الذي انقلب على الحكم في 1949 وأصدر عفوًا عن فؤاد مردم.

وفي الوقت الذي باعت فيه الأنظمة سلاح الشعوب، كان أبناء فلسطين وسوريا يُرسلون إلى المعارك دون سلاح، أو ببنادق قديمة لا تعمل، وبعضهم دون خرائط أو تنسيق.

خلاصة

إنها قصة منسية من سجل الخيانات الكبرى، تبرع فيها الشرفاء، وباعها الخونة. درسٌ من التاريخ يُظهر كيف أن بعض الأنظمة لم تكن فقط عاجزة عن حماية فلسطين، بل شاركت في تسليمها للصهاينة، قطعة وراء قطعة، وسلاحًا وراء سلاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *