غزّة تُباد..غزّة أبيدت..هيام وهبي سما الإخبارية

*أأرثي غزّة أم أرثي ألعرب
أوتعلمون متى يموت الناس..؟؟؟
إنهم يموتون في أللحظة ألتي يقرر فيها الآخرون نسيانهم ..لا حين يُدفنون تحت التراب ..!!
عذابهم الحقيقي حين لا يأبه العالم لدمائهم النازفة ولا يجدون لهم مكاناً في الذاكرة ..!!!
وأهل غزّة يحصد أرواحهم الموت..وكل نقطة دم في شرايينهم تقاوم ..
هم يموتون قبل أن يموتوا ..يموتون من ألم التخلّي والخذلان والنسيان قبل أن تمزقهم نيران العدو ..
هم يموتون
حين يتابع العالم موتهم دون أن يُحاول إنقاذهم ..وتستمر الحياة وكأن لا شيء يحدث تحت الشمس ..
غزّة قد نسيَها العرب وتُرِكت لمصيرها ولموتِها الذي يتجدد يومياً كعقابٍ من إلهٍ وثني مجنون ..من الإله الأمريكي وظلّه الصهيوني ..
غزة التي تُباد منذ أكثر من عام ٍونصف ..تقاوم ، ولا تخضع ولا تركع ..تُباد بشرف ..تموت بإباء ..تستشهد بكرامة ..
فكل ما فيها شهيد تماماً كما وصفها محمود درويش بقوله:
(اذا سألوك عن غزة قل لهم بها شهيد ، يسعفه شهيد ويصورَه شهيد ويودِّعه شهيد ، ويصلي عليه شهيد).
فالسلام على غزّة ..
سلامٌ للأشلاءِالممزقة ..
وللأوصال المبتورة.. للأجسادالمتناثرة ..
وللرؤوس المقطوعة..
للبطون الجائعة ،وللعيون الحزينة التي ترنو الى السماء بانتظار معجزة ..
سلام للشفاه المتمتمة بالشهادتين قبل الذبح..
سلامٌ للمآذن التي تعانق قباب الكنائس ولا تركع.. تفجّر ..تُدّمّر ولا تخضع .. سلامٌ للأشجار التي تحترق وهي تتسامى نحو السماء بصمت ..بعزّة بكرامة ..تموت واقفة ولا تنحني..
سلامٌ لإيمانٍ عميق لم يزلزله الخوف ولا الجوع ولا الفقر ولا القهر ولا الغدر ولا التخلّي .. غزة ..التي أستوطن فيها الموت وعشقها حتى الفناء .. حملت صليبها بصبرٍ تحدّى الصبر ، وسارت على درب الجلجلة الدامي وتحملت الصلب ووطأت الموت بالموت فوهبت الحياة لفلسطين كل فلسطين، من ألفاء إلى النون .لم تساوم ولم تنكسر..
يا الله غزة المصلوبة أمام أعين العرب تتضرع اليك ألّا تغفر لهم فهم يدرون ما يفعلون ..!!!
يا رب غزة تستجير بك فأجِرها
يامن قلت في كتابك الكريم{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ .
فاستجب لدعائها يا رحمن يا رحيم وأنصرها على القوم ألظالمين ..
غزةالآن مقبرة كبيرة هي مدينة الأحزان والدموع والأهوال والتوحش البشري الذي لم تعرفه البشرية .. وعلى أرضها تختبر أمريكا أحدث أسلحتها الذكيةالفتاكة..
غزّة لبس أطفالها أكفانهم البيضاء في العيد وكان عيدها بطعم الخوف والفقد والفراق والحزن ..
يا ألله.. غزة الشهامة والكرم التي منحت هاشم جد الرسول كل قمحها كي تُنقذ قريش من الموت جوعاُ.. تركتها قريش اليوم في محنتها لتموت جوعاً .. وتُباد..
فاستوطن الموت أرضها لا يفارقها ..
..لم ينصفها العالم ..ولم تعرف ألإنصاف حتى من إخوتها الذين رموها في البئر ..وأيديهم الآثمة ملطخة بدمائها..
غزّة ألبهية ذات الحزن المزمن ، لم تلقَ في هذه الدنيا إلّا ألغدر.. كل شيء فيها يحتضر ولا تخضع..
غزة الشجاعة المقاومة ذات الصمود الأسطوري رغم الإبادة تقاوم.. تجوع ولا تركع .. تتحدى الموت بكبرياء ، وكأنها تُلقِّن التاريخ درساً عن الشهادة من أجل الأرض والإيمان بالحق ..
هي كربلاء هذا الزمان.. ففي كل يوم يُذبح فيها الحسين ومع كل فجرٍ يُصلب فيها المسيح ..
فمابين المجزرةوالمجزرة..مجزرة
وما بين شهيد وشهيد شهيد ..!!! وكأن ألموت سيد أرضها الثكلى ..
أكثر من عامٍ ونصف والمحرقة مستمرة ..(هولوكست) سرمدي وحقيقي، لكل ما ينبض بالحياة..بالإنسانية ..ولا من يوقف هذه الوحشية.. لا شيء في غزّة الآن إلّا ألركام والأشلاء والشهداء
والإمعان في قتل النفوس التي حرّم الله قتلها..
أما تعِبْت أيها الموت من حمل الأرواح الطاهرة إلى سماءٍ غصّت بالأرواح النقية ..؟؟ وهل ما زالت السماء تتسّع لكل هذه الأرواح ..!!!
يا موت طالت إقامتك في غزّة فجد لك مكاناً آخر ودعها تلملم أحزانها ..وبقايا أطفالها وتدفن أشلاء أولادها الطاهرة ..
هذه ألبقايا البشرية ألمدفونة تحت ركام ألأبنية .. وهذه ألأشلاء ألممزقة والأطراف المبتورة وألأوصال ألمتناثرة في كل مكان تحت ألتراب والغبار، ليست لأرقام بل لبشر كانوا ينبضون بالحياة والأمل ، وحب الحياة..
لا ليست بأرقام ..بل هي إرواح من نور الله أطفأها الحقد الصهيوني بمباركة غربية ودعم أمريكي .. وتواطؤ عربي ..ليست بأرقام بل أحلام كبيرة قد أندثرت تحت هذه الأنقاض التي تهاوت تحت وقع الغارات الهمجية ..
عام ونصف من القتل وأكثر من خمسين ألف حلم قد دُفِن وتبدد
تحت هذه الأنقاض التي اندثرت معها آلاف الأمنيات والآمال ألكبيرة بمستقبلٍ واعد ..ومشاريع حياة مشرقة..
وإنهارت مئات القصص والحكايا لشبابٍ مثل ألورد كانوا يكافحون من أجل حياةٍ أفضل ..وأمّهات وآباء كانوا يستعجلون ألزمن كي يشهدوا تخرٌج فلذات أكبادهم من جامعاتهم ويطمئنوا على مستقبلهم ..
لا.. هذه ألجثامين ألمباركة ليست بأرقامٍ تتداولونها في سجلاتكم وفي إعلامكم وإحصاءاتكم ألرسمية وكأنكم تتحدثون عن بضاعة ..عن جماد.. إنهم بشر وهبهم الله الحق في الحياة بكرامة على أرض أجدادهم ..
هذا الركام ألممزوج بالدماء ولحم ألأبرياء هو مخزن الدموع والآلام ..هو وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الأممية ..هو إعلان عن موت الضمير الإنساني وموت العرب..
فلك ألله يا غزّة.. يا من تواجهين طُغاة الأرض وحدك ..وأعذرينا لأننا نكتب مأساتك بالحبر وأنت تكتبين تاريخ مجدك ونصرك بالدم ..
ولا تنتظري الرحمة من العرب ..
هؤلاءالذين لن يباهي بهم الرسول الأمم ..وليسوا خير أمّة أُخرِجت للناس .. وسيلعنهم التاريخ ويذكرهم كرمز للخزي والذل والخذلان ..
قاومي الموت يا غزّة وحدك.. وواجهي قدرك وحدك ..
قاومي بصدرك ِ العاري وبطنك الخاوي..
قاومي بحقك في الأرض وبجرحكِ المفتوح على يقين النصر..
فلا سلام بين السيف والرقبة .. لا سلام
كاتبة لبنانية