اخبار

صحيفة عبرية: حماس لن تكتفي بدفع “الخاوة” لها

 إسرائيل اليوم بقلم أيال زيسر     في الوقت الذي تلاحق فيه العملية عملية أخرى في “المناطق” [الضفة الغربية]، كان يخيل بالخطأ أن بشرى الهدوء والتهدئة ستخرج من غزة، وأن الهدف الاستراتيجي الذي وضعته إسرائيل لنفسها – الفصل بين غزة والضفة، من حيث المنطقتين أو حتى الكيانين اللذين لكل منهما منطق وسلوك خاص به – قد تحقق.

غير أنه بخلاف تقديرات وآمال إسرائيل، وظاهراً أيضاً بخلاف كل منطق، ها هو الهدوء يخترق حدود القطاع مرة أخرى. يدور الحديث في هذه الأثناء عن نار تحت السيطرة، من خلفها إرادة واضحة من جانب حماس للحفاظ على مستوى اللهيب. لكن تجربة الماضي تفيد أن ليس في هذا ما يكفي، وأنه عندما يكون اللعب بالنار يتحول هذا إلى مواجهة واسعة.

تفتقر السلطة الفلسطينية إلى السيطرة في الضفة، وعمليات “الإرهاب” المتواترة في هذه المنطقة غير مرة من فعل أيدي منفذين أفراد لا يد موجهة ومنظمة من خلفهم. أما في غزة فالصورة مختلفة؛ فهناك رب البيت، حماس، فإن أرادت أبقت الهدوء، وأن أرادت اخترقت. فبعد كل شيء، ينبغي لأحد ما أن يجلب جموع المتظاهرين إلى السياج الحدودي، وأن يسمح، وقبل ذلك أن ينظم ويزود خلايا الإرهاب في طريقها إلى إطلاق بالونات الاشتعال أو إطلاق النار على استحكامات الجيش الإسرائيلي.

تضع الأحداث على حدود القطاع علامات استفهام فوق الفرضية التي تقول إن لحماس ما تخسره من اللعب بالنار، وإنها منصة لدقات قلب السكان الفلسطينيين في القطاع، التواقين للهدوء والتهدئة. لعل حماس تؤمن بأن الطريق إلى تثبيت مكانتها في القطاع والحرص على رفاه السكان يستوجب اللعب بالنار وليس الحفاظ على التهدئة، كما تريد إسرائيل وكما تتصرف السلطة الفلسطينية في الضفة.

الادعاء دارج بأن تنظيم “حزب الله” اللبناني هو الذي رسم نموذج حماس في الإلهام والتقليد فيما يتعلق بطريقة التصدي لإسرائيل، وبحفر أنفاق “الإرهاب” على طول الحدود واختطاف جنود لأغراض المساومة أو ببناء ترسانة صواريخ بعيدة المدى فيها ما يردع إسرائيل. غير أن حماس كما يبدو تختار السير في طريق عائلات الجريمة في الوسط العربي، التي طريقها هو طريق العنف والخاوة، وهي تتعلم منها كيف تتصرف تجاه إسرائيل كي تنتزع منها ما تطلبه.

حماس لا تريد تغيير جلدتها وهجر طريق الكفاح المسلح ضد إسرائيل، بل تريد أن تحافظ وتحسن ضخ الأموال النقدية التي تحولها لها قطر تحت عيون إسرائيل، وربما أيضاً أن تسهل الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. والطريق إذن التهديد والضرب في كل مرة لا ترضى فيها أو تعتقد أنه يمكنها تحسين الشروط التي تحصل عليها مقابل الهدوء الذي تمنحه لنا.

هذا هو المنطق الذي يوجه خطى حماس، وهذا هو طريق سلوكها، ويخيل أنه سيكون دائماً. وللحقيقة، فإن اللعب بالنار من ناحيتها هو رهان آمن؛ إذ إنه يمسك بإسرائيل كمردوعة، والدليل ضبط النفس الذي يرد به الجيش الإسرائيلي على التصعيد في الجنوب.

ينبغي الافتراض بأن جولة المواجهة المحدودة على حدود القطاع ستنتهي في الزمن القريب القادم. ستحصل حماس على ما تريد، أي المزيد من المال القطري، وربما امتيازات وتسهيلات إضافية، وسيعود الهدوء إلى غزة حتى المرة التالية، التي لن تتأخر. إذاً، بخلاف أمل إسرائيل في أن تتصرف حماس ككيان دولة، فإنها تتصرف كعائلة جريمة تدخل أموال الخاوة إلى جيوبها، لكنها لا تغير طريقها. وللحقيقة، يجب أن تنهي إسرائيل الموضوع بسرعة، وإلا فإنها تشجع حماس بهذا لمواصلة عادتها ورفع مطالبها، وهكذا فإنها تقصر فترات الهدوء بين التصعيد والتصعيد.

حماس غير مردوعة، وهي مستعدة للعب بالنار. ويتبين في السطر الأخير أن التفاهمات والتوافقات التي تقوم على أساس دفع الخاوة لحماس لا تحل المشكلة في الجنوب، ولا ترفع حماس إلى طريق الاعتدال الذي يحولها في نهاية اليوم إلى شريك بالنسبة لإسرائيل. جولة المواجهة التالية على حدود القطاع مسألة وقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *