وطن في خطوة جديدة أثارت غضبًا رسميًا وشعبيًا واسعًا، نشرت مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية تحقيقًا مطولًا عن نشطاء جزائريين من منطقة القبائل يعيشون في المنفى بباريس، يتحدثون فيه عن “الاغتراب، فقدان الهوية، وملاحقة السلطة الجزائرية لهم” بتهم تصل إلى الإرهاب.

التحقيق الذي حمل عنوانًا رمزيًا حول “المنفى الثقافي”، تضمن شهادات فنّانين وشعراء ورسّامين جزائريين تحدثوا عن معاناتهم، وتضييق السلطات الجزائرية عليهم بسبب مواقفهم أو حتى رسومات كاريكاتيرية أو أغاني و”قصائد شعرية”. بعضهم تحدّث عن أحكام مؤبدة غيابية، وآخرون عن تهديدات بالترحيل من دول أوروبية إذا استمرت الضغوط الدبلوماسية الجزائرية.

في المقابل، اعتبرت السلطات الجزائرية هذا التحقيق “تحريضًا سافرًا” ضد الدولة، واتهامًا مبطنًا بأنها تمارس القمع الثقافي ضد منطقة القبائل. ووصف بيان رسمي ما نشرته المجلة بأنه “امتداد لحملة إعلامية أجنبية موجهة” تهدف لزعزعة استقرار الجزائر، وتغذية النزعات الانفصالية في توقيت إقليمي دقيق.

وتصاعد الجدل عبر المنصات الجزائرية ما بين من يرفض المساس بوحدة البلاد، ومن يرى أن المطالبة بحرية التعبير لا يجب أن تُواجه بالتهم الثقيلة أو الإقصاء. في حين دافع النشطاء المعنيون عن موقفهم بقولهم: “لقد فقدنا الحق في العيش داخل أوطاننا، ولم نفقد الرغبة في الكلام”.

تعكس هذه الأزمة الإعلامية توترًا أعمق في العلاقات بين الجزائر وباريس، وهي علاقات طالما شابها التوجّس والاتهامات المتبادلة، خاصة حين تتقاطع الملفات الثلاثة الحساسة: الهوية، والتاريخ، والمنفى. ويأتي هذا في ظل مواقف فرنسية سابقة اتهمتها الجزائر بمحاولة “التدخل في الشؤون الداخلية”.

ومع هذا التصعيد، يتجدّد النقاش حول حرية الصحافة وحدودها، ودور المنصات الغربية في تغطية قضايا الداخل الجزائري، خاصة حين يكون الضيف منفيًا، والكلمة من باريس، لكنها تصفع في الجزائر.

الجزائر تضرب فرنسا في “قلب باريس”.. هل انتهى زمن الامتيازات الاستعمارية؟

شاركها.