أكد جورج إلومبي الرئيس الجديد للبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد “أفريكسيم بنك” ، في أول خطاب عقب تنصيبه خلفا للبروفيسور بنديكت أوراما ، اليوم السبت، بالعاصمة الإدارية الجديدة ، أن السنوات الخمس إلى العشر القادمة ستشهد تحوّلاً جذرياً في نهج القارة الأفريقية نحو القيمة المضافة والتصنيع المحلي، مشدداً على أن إفريقيا لن تقبل بعد اليوم أن تبقى مجرد مصدرٍ للمواد الخام.

وقال إلومبي : “سنعمل على تعزيز وتسريع عمليات التصنيع المحلي للمعادن الإستراتيجية، وسنضع حداً لتصدير المواد الخام، بتحويل ما ننتجه وبناء سلاسل قيمة خضراء ودعم الصناعات المحلية، سنخلق فرص العمل، وسنوفّر الوظائف لأبنائنا، وسنقود النمو في القارة”.
وأعلن عن إنشاء نافذة تمويلية جديدة عالية الأثر مخصصة لدعم المشروعات التي تقوم بمعالجة المواد الخام وتحويلها إلى منتجات نصف مصنعة أو تامة الصنع، مضيفاً : “لن يكون تركيزنا بعد الآن على تمويل تصدير المواد الخام الإفريقية، بل على التصنيع داخل القارة”.
وأوضح أن إفريقيا ستتجه إلى تنفيذ برنامج لتطوير المعادن الإستراتيجية، بحيث يشمل التمويل الكامل من مراحل الاستخراج والتكرير حتى التصنيع والإنتاج النهائي. وضرب مثالاً بجمهورية الكونغو الديمقراطية، مؤكداً أن الهدف هو تمويل منشآت إنتاج محلية تصنع المنتجات وتضيف القيمة داخل القارة بدلاً من تصدير المواد الخام.
وأضاف أن أقل من 20% من الاستثمارات في قطاع المعادن يمكن أن تذهب إلى عمليات الاستخراج، بينما 80% من الاستثمار الحقيقي لا بد أن يوجّه إلى البنية التحتية، مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الطاقة التي تخدم عمليات التصنيع، مؤكدا أن هذا التوجه سيُحدث نقلة نوعية في التنمية الصناعية والإنتاجية.
وأشار إلى أهمية التعاون مع المؤسسات المالية الشريكة لضمان تنفيذ هذه الرؤية الصناعية الجديدة، مؤكداً أن العمل المشترك مع الشركاء سيضمن نجاح خطط التصنيع الإفريقي.
وفيما يتعلق بالأولويات الأخرى، أعلن جورج إلومبي أن التركيز الثاني في المرحلة المقبلة سيكون تعميق التجارة البينية الإفريقية وتعزيز التكامل الإقليمي، موضحاً أن نجاح استراتيجية التصنيع والإضافة للقيمة يعتمد على قدرة القارة على إيجاد أسواق داخلية لمنتجاتها.
وأكد ، في هذا السياق ، أن اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) تمثل منصة محورية لدفع التصنيع والتصدير داخل القارة، مشيراً إلى أن رؤساء الدول كلفوا المؤسسات المعنية بضمان تنفيذ الاتفاقية بفعالية.
وأضاف : “سنعمل على إزالة الحواجز التجارية وتسهيل حركة البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال عبر الحدود الإفريقية” ، وشدد على أن حرية تنقّل الأفراد داخل القارة تعدّ ركيزة أساسية لتحقيق أهداف النمو ، قائلاً : “نحتاج إلى أن نفتح حدودنا أمام شعوبنا؛ فالتكامل الحقيقي يبدأ عندما يتحرك الناس بحرية داخل إفريقيا .. يجب ألا نخاف من بعضنا البعض”.
واستشهد بتجربة الحدود المفتوحة بين نيجيريا والكاميرون منذ الحقبة الاستعمارية، موضحاً أن هذه الحدود تمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون الإقليمي، حيث ينتقل الطلاب والعمال والصيادون بحرية بين البلدين دون عوائق.
وأكد أن هذا التدفق الحر للعمالة الإفريقية هو المفتاح لتحقيق التكامل الصناعي والبنية التحتية اللازمة للتصنيع والتجارة. أما الأولوية الثالثة التي أعلنها، فهي تطوير البنية التحتية التجارية والحضرية، موضحاً أن القارة لا يمكنها تحقيق التكامل التجاري المنشود دون استثمارات قوية في الطرق، والموانئ، والطاقة، والمراكز اللوجستية الحديثة.
واختتم جورج إلومبي كلمته بالتأكيد على أن إفريقيا تدخل مرحلة جديدة من الوعي الاقتصادي والسيادة الإنتاجية، قائلاً : «لقد ولّى زمن تصدير المواد الخام، المستقبل لإفريقيا التي تصنع، تبني، وتنافس .. إفريقيا التي تضيف القيمة لثرواتها، وتمنح أبناءها العمل والكرامة والازدهار”.
 

شاركها.