اخبار

سلطات الاحتلال تواصل فرض الحصار على غزة ومخاوف من تفشي المجاعة

استمرت سلطات الاحتلال في إغلاق معابر قطاع غزة، التي كانت تمر منها المساعدات والبضائع للسكان الذين يعانون من ويلات الحرب المدمرة والجوع، وسط تصاعد الدعوات الدولية لإنهاء هذه المعضلة التي تهدد بتوسيع رقعة المجاعة بين أكثر من مليوني مواطن.

استمرار الحصار
ولليوم الرابع على التوالي، لم تسمح سلطات الاحتلال بإدخال أي مساعدات إنسانية أو غذائية أو طبية إلى قطاع غزة، بناء على قرار الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو، والقاضي بفرض حصار محكم على القطاع، بعد انتهاء المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار يوم السبت الماضي، ورفض إسرائيل الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، كما نص الاتفاق الأولي، وفرضها شروطا جديدة رفضتها فصائل المقاومة الفلسطينية.

وتواصل فقدان العديد من السلع داخل القطاع، بما فيها سلع أساسية، خاصة وأن السكان كانوا يشتكون قبل تشديد الحصار، من قلة المواد الغذائية المتوفرة في الأسواق، والتي يتسلموها كمساعدات، لعدم سماح إسرائيل بدخولها بالشكل الكافي.

ومن بين المواد الغذائية التي تشهد شحا الدقيق والخضروات واللحوم، والتي تدخل إلى القطاع بشكل يومي، من خلال استيرادها من الخارج، بعد أن دمر جيش الاحتلال بشكل شبه كامل قطاع الزراعة.

ومن المتوقع أن يتوقف قريبا عمل المخابز في قطاع غزة، والتي بالأصل يصطف أمامها المواطنين في طوابير طويلة، بسبب نفاذ مخزون الدقيق المتوفر لديها، وكذلك نفاذ كميات الوقود القليلة التي كانت متوفرة قبل قرار فرض الحصار الكلي، وإغلاق معابر غزة، مما سيحدث أثرا سلبيا كبيرا على حياة السكان.

المنظمات الدولية تحذر مع نفاذ سلع جديدة والخشية من توقف المخابز في قطاع غزة

ويؤكد المواطنون أن أسعار السلع في الأسواق واصلت الارتفاع، بسبب قرار حكومة تل أبيب بفرض الحصار الكامل، بشكل فاق سعرها الذي كانت تباع به قبل القرار، بأكثر من 200%.

وأعلنت وزارة الداخلية في غزة عن توقيف 8 تجار مخالفين، وتحرير تعهدات بحق 53 آخرين خلال 48 ساعة الماضية، لاستغلالهم حاجة المواطنين في ظل إغلاق الاحتلال للمعابر مع غزة.

وجاء ذلك بعد أن نفذت دائرة مباحث التموين، حملة رقابية على الأسواق والمحال التجارية لمكافحة الغلاء.

خطر المجاعة
وفي السياق، قالت وزارة التنمية الاجتماعية في غزة، إن استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات والسلع، ينذر بكارثة إنسانية خطيرة، حيث يعتمد أكثر من 2.3 مليون مواطن على المساعدات كمصدر وحيد للبقاء، وسط انعدام المواد الغذائية، وتدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وأكدت أن تداعيات وقف دخول المساعدات، ستؤدي إلى تفاقم خطر المجاعة وحرمان الأسر من أي مصدر غذائي، وتوقف المخابز عن العمل بسبب نقص الدقيق والوقود، بالإضافة إلى تهديد حياة أكثر من 289,824 طفلًا و139,764 مسنًا بسبب الجوع والبرد القارس.

وأوضحت أن وقف دخول المساعدات سيؤدي إلى تعطيل عمليات الإيواء بسبب منع دخول الخيام، مما يترك آلاف العائلات بلا مأوى.

وطالبت الوزارة المجتمع الدولي والجهات الإنسانية، بالتحرك العاجل لوقف هذا القرار الكارثي، الذي يتنافى مع كل المواثيق والأعراف الدولية، ويعيد قطاع غزة إلى نقطة الصفر.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي، قال إن استمرار هذا المنع يعني عودة شبح المجاعة من جديد، في ظل توقف عجلة الانتاج والعمل داخل قطاع غزة، واعتماد سكانه على هذه المساعدات في توفير لقمة عيشهم، ‏كما يتسبب منع الوقود بتوقف المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، وعدم قدرة البلديات والمرافق العامة عن تقديم خدماتها الإنسانية للمواطنين، لافتا إلى أن ذلك أيضا يعني مفاقمة الوضع الصحي سوءا، لمنع دخول الأدوية والمستهلكات الطبية، ما يعني حكما بالموت على آلاف المرضى المزمنين والجرحى لعدم توفر الرعاية الصحية، وحكما بالإعدام على المنظومة الصحية المنهارة أساسا بفعل تخريب وتدمير جيش الاحتلال المتعمد لها طوال ١٥ شهرا.

وأشار إلى أن منع إدخال مستلزمات الإيواء المؤقت، يعني بقاء نحو ١،٥ مليون إنسان بلا مأوى بعد تدمير بيوتهم، في ظل أجواء شديدة البرودة، وظروف معيشية قاهرة تنعدم فيها أبسط سبل الحياة من ماء وغذاء وكهرباء.

وكانت منظمات أممية تستعد لإدخال آلاف خيام الإيواء إلى قطاع غزة، المساعدة في توفير أماكن إقامة مؤقتة للعوائل التي فقدت منازلها، وتلك التي اهترأت خيام نزوحها، بسبب مرور وقت طويل وتعرض أقمشتها لفصلي صيف وشتاء منذ بداية الحرب، ولتقديمها لأسر تمزقت خيام نزوحها بسبب رياح الشتاء، وأخرى عادت للإقامة على أنقاض المنازل المدمرة في مدينة غزة والشمال، بعد رحلة نزوح طويلة في مناطق وسط وجنوب القطاع.

تحذيرات دولية
وجاء ذلك فيما واصلت أيضا المنظمات الإغاثية الدولية تحذيراتها من خطر يهدد سكان غزة، بسبب استمرار هذا الحصار، ومنع إدخال المساعدات للسكان.

وقالت كالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا“، في منشور على منصة “إكس”، إن فرقها تستمر في تقديم الرعاية من خلال النقاط الطبية في مراكز الإيواء في قطاع غزة.

وأشارت هذه المنظمة الدولية التي تواجه خططا إسرائيلية تهدف إلى إنهاء عملها، إلى أنها تظل “واحدة من أكبر الجهات الفاعلة في مجال الصحة العاملة في غزة”، لافتة إلى أنها تقدم ما يصل إلى 17 ألف استشارة طبية يوميًا، مع أكثر من 7.6 مليون استشارة رعاية صحية أولية منذ بدء الحرب.

وطالبت باستمرار التكاتف العالمي حتى يتمكن سكان غزة من الحصول على الدعم الذي يحتاجونه، وأكدت أن الوقت حان ليجدد المجتمع الدولي التزامه بإيجاد حل سياسي عادل، وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام.

من جهتها حذرت منظمة “اليونيسيف” من العواقب الوخيمة التي قد يتعرض لها الأطفال والأسر المحتاجة، بسبب استمرار توقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ودعت جميع الأطراف بشكل عاجل إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي بشكل كامل.

وقد أكدت أن في غزة، “تُجبر النساء الحوامل على الولادة في ظروف قاسية، بينما تكافح المستشفيات لإبقاء الأطفال حديثي الولادة على قيد الحياة”، مشددة على أن وقف إطلاق نار دائم واستمرار وصول المساعدات “هما السبيل الوحيد لضمان حصول الأمهات والرضّع على الرعاية التي يحتاجونها”.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، شدد على ضرورة إزالة جميع العقبات التي تحول دون إيصال المساعدات المنقذة للحياة بشكل فعال، وأكد أن المساعدات الإنسانية غير قابلة للتفاوض، وأنه “يجب أن تتدفق دون عوائق”.

وشدد على ضرورة تمويل الاستجابة بشكل كاف، وحماية المدنيين بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني.

ورغم هذا الحجم الكبير من التنديدات الدولية والتحذيرات من الخطر القادم، الذي يهدد حياة السكان بالموت جوعا أو بسبب المرض، إلا أن دولة الاحتلال واصلت فرض الحصار، وجددت تهديداتها ضد القطاع.

وعلى وقع تشديد الحصار، واصلت قوات الاحتلال هجماتها على حدود القطاع، حيث سجل عمليات إطلاق نار نفذتها الآليات العسكرية المتواجدة على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس جنوبا، ومدينة غزة شمالا، استهدفت فيها المناطق السكنية القريبة، كما سمع دوي إطلاق نار من قبل الآليات العسكرية المتواجدة في “محور فيلادلفيا” الفاصل بين الأراضي الفلسطينية ومصر.

وذكرت مصادر محلية أن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، حلقت بشكل كثيف فوق الأجواء الشرقية لمدينة خان يونس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *