اخبار

سؤال اليوم التالي أساسي في قمة القاهرة

يفضل الأكاديمي والمحاضر في العلوم السياسية الدكتور أمجد أبو العز تقديم مقاربة طازجة في مقاربة القضية الفلسطينية وعلاقتها مع الدول العربية قبل انعقاد قمتهم الاستثنائية 2025 أو القمة العربية الطارئة، في مقابل المشهد الأوروبي وعلاقته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ويرى أبو العز أن المشهد المقبل من أوروبا حمل الكثير من الدلالات بعد اللقاء العاصف بين زيلينسكي وترامب، وهي دلالات يمكن مقاربتها عربيا في الحالة الفلسطينية، التي تبدو متقاربة مع الأوكرانية في الواقع الصعب والموقف الأمريكي الحاد والمتهور منها.

ويقول أبو العز في حديث مع “القدس العربي”، إن من يمتلك القوة ومصادرها والقرار السياسي “وقفوا صفا إلى جانب أوكرانيا، اجتمعوا وتشاروا وأحضروا زيلينسكي إليهم، وقرروا دعمه بالمال والجهد السياسي، واشتغلوا على تقديم خطة بديلة للطرح الأمريكي، ومنحوا الرئيس الأوكراني الشرعية والدعم السياسي بعد أن حاول الرئيس الأمريكي ترامب قلب الطاولة على الدولة الضعيفة التي لعبت مع نادي الكبار”.

خطط عربية؟

أما الصورة عربيا فبدت مختلفة. يقول أبو العز: “لك أن تتخيل أن يجتمع ثمانية من القادة العرب من دون أن يحضر الطرف الفلسطيني الذي يعتبر اللاعب الأساسي، إنها مسألة ذات دلالة كبيرة، بحيث قرروا من دون أن يشرك الفلسطينيون في مستقبلهم”. ويرى أن الجميع في انتظار الإجابة عن أسئلة مثل: “هل سيتم دعم الشرعية الفلسطينية؟ هل سيتم طرح خطط جديدة مختلفة عن الخطط الأمريكية؟ أم سيتم تبنى الخطة الأمريكية أو التعديل عليها؟ وهل سيتم دعم القيادة الشرعية الفلسطينية على غرار ما فعلت أوروبا بدعم زيلينسكي في مواجهة أمريكا؟”.

وحول ما يطلبه الفلسطينيون قال أبو العز إن “الفلسطيني يطلب أن يكون جزءا من صنع القرار الذي يتعلق بمستقبلهم، ومن أي مبادرة أو خطة تطرح على الطاولة في مقابلة خطة ترامب”.

وأكد أن الانقسام بشكله الحالي أثر على قوة الفلسطينيين وقدرتهم على صياغة سياسة واحدة تتعلق بقضيتهم، “لقد تم إضعاف الفلسطينيين، وأصبحوا جزءاً من مشاريع أخرى وتنسيقات إقليمية تؤثر في أمن الدول المجاورة، وهو ما دفع الدول المجاورة للبدء بأخذ زمام المبادرة حفاظا على أمنها الإقليمي ومصالحها القومية من دون تنسيق كافٍ مع الفلسطينيين”.

وقال: “الفلسطينيون يطمحون بالتنسيق في مجال القضية الفلسطينية، وألا تكون القضية هامشية أمام موضوع التطبيع، والسلطة تريد عودة الروح للمبادرة العربية التي كانت تقوم على إقامة دولة فلسطينية، وفي المقابل إجراء تطبيع عربي شامل، أما الآن فقد انعكست الصورة فيما الموقف الرسمي الفلسطيني يطالب بأن تعود الصورة كما كانت سابقا”.

وقال أبو العز إن الفلسطينيين اليوم بحاجة إلى المساعدة في قضية تقديم جهات فلسطينية للعالم، فـ”بعض الدول لديها قوة وتأثير على بعض الفصائل، وهناك أمل أن يلعب العرب دورا في تعزيز الوحدة الفلسطينية من جانب، ومساعدة العربية لبعض الفصائل الفلسطينية من أجل طرح خطاب سياسي يمكن أن يكون مقبولا بالنسبة للمجتمع الدولي”.

الخارجية الفلسطينية

لكن ماذا عن الموقف الرسمي الفلسطيني؟

يؤكد السفير أحمد الديك المستشار السياسي لوزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في حديث لـ”القدس العربي”، أن الفلسطينيين يذهبون إلى قمة القاهرة بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعلى قاعدة واضحة وهي أخوية العلاقات العربية العربية، والأهم أن “الذهاب يأتي بعد تنسيق وعمل عربي مشترك وعال بين الفلسطينيين والأشقاء العرب جميعا وتحديدا جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية والعربية السعودية”.

ويشدد الديك على أن التشاور والحوار تصاعد في الآونة الأخيرة في ظل التحديات الكبيرة، التي تمر بها القضية الفلسطينية. ويؤكد أن “الرئيس يذهب للقمة، وهو يمتلك رؤية حددها بشكل سابق، وأعلن عنها وتقوم على أساس حل الجوانب كافة، وجاءت من خلال التعاون مع كل الأطراف، وفي مقدمتها الجهد العربي الذي يسعى إلى التنسيق الكامل لضمان تحقيق مجموعة من الأهداف، التي من ضمنها، استمرار وقف إطلاق النار والاستمرار في الأعمال الإغاثية ومن ثم تهيئة الظروف لإعادة إعمار غزة لضمان بقاء المواطنين الفلسطينيين في غزة على أراضيهم وفي أماكن وجودهم”.

 خطاب عباس

ويشدد على أن خطاب الرئيس في القاهرة سيركز على ضرورة عدم اكتفاء الجميع بمعالجة قشور الصراع، والانتقال الفوري بفتح مسار سياسي لتطبيق القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام والرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية لحل المشكلة والقضية الفلسطينية من جذورها.

وردا على بعض الأصوات الإسرائيلية التي تنادي بدور مصري كبير ورئيسي في إدارة قطاع غزة، قال: “قطاع غزة لا يتجزأ عن دولة فلسطين، هذا موقف واضح لدينا ولدى الأخوة في مصر ودولة فلسطين يجب أن تمارس مهامها كافة وسيطرتها على قطاع غزة، وذلك يعتبر رافعة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض”. 

خلافات فلسطينية وعربية؟

وعلق على وجود خلافات ما بين الدول العربية والسلطة الفلسطينية بالقول، إنه “قد يكون هناك تباينات وتصورات مختلفة عربيا، لكن الموقف العربي دوما موحد في الموقف من القرار الفلسطيني، فيما هناك لغة حوار وهي سيدة الموقف في العلاقة مع الأطراف العربية.. هناك حرص من الدول العربية على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. وليس هناك أي خلافات عليها مغزى”. وقبل نحو أسبوع، أعلنت الرئاسة الفلسطينية أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، سيقدم “الرؤية الفلسطينية لمواجهة التحديات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية” في القمة.

وشملت الرؤية: “تمكين الحكومة الشرعية من تولي مهامها ومسؤولياتها في قطاع غزة، كما هو في الضفة”، وفق تعبيرها. مؤكدةً على “وجوب استلامها للمعابر كافة، بما فيها معبر كرم أبو سالم، ورفح الحدودي مع مصر وتشغيله بالتعاون مع مصر والاتحاد الأوروبي وفق اتفاق عام 2005”.

غياب عن قمة السعودية

في مقابل موقف السلطة الفلسطينية الحريص على التضامن العربي، ورغم الحديث الإيجابي عن العلاقة الفلسطينية العربية، أكدت مصادر فلسطينية أن هناك أسبابا كثيرة تدلل على أن العلاقة، لم تعد كما كانت في السابق، حيث استبعدت دولة فلسطين من المشاركة في اجتماع السعودية، الذي ضم مجموعة من الدول العربية لأسباب من ضمنها، عدم رضى بعض الأطراف العربية عن مجمل الوضع الفلسطيني الداخلي.

ويقول مصدر فلسطيني مطلع، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ”القدس العربي”: “إن هناك عدم رضى من أطراف عربية على أداء السلطة الفلسطينية وطبيعة التحرك الداخلي على صعيد ترتيب البيت الفلسطيني والموقف من الإصلاح والتغيرات السياسية”.

ويقول المصدر إن الخطة المصرية حول إدارة غزة وإعمارها، تختلف عن رؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن غزّة؛ إذ ترفض القاهرة والدول المانحة والداعمة، منح السلطة الفلسطينية إدارة مباشرة للأموال المخصصة لإعادة الإعمار، وهو ما يتمسك به الرئيس الفلسطيني، حيث ينصب الخلاف على الجهة التي ستتولى ملف الإعمار في غزّة.

وترفض السلطة الفلسطينية أي صيغة لا تتضمن دورا أساسيا لها، وهو دور بات أيضا موضع شكوك عربية وأمريكية. وتساءل المصدر: “كيف يمكن النظر إلى أن مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف لم يلتق بالرئيس محمود عباس ولا لمرة واحدة، إنه موقف أمريكي واضح”.

 إشعال الضوء الأحمر

وحسب المحلل السياسي هاني المصري، فقد أصبحنا في مرحلة مسك الختام. ويقول “في الوقت نفسه الذي يتم فيه البحث عن لجنة إسناد عربية تشير التسريبات إلى أن أمريكا جددت محاولاتها مرة ثانية بشأن طرح اللجنة الخاصة بها، ومن خلالها يتم فرض قيادة فلسطينية جديدة بحجة قيادة عملية الإعمار في غزة، بحيث تكون مركز الحركة الفلسطينية الجديدة. ومعها قوات عربية وأمريكية كما كانت الصورة في النسخة الأولى من اللجنة الأمريكية”.

والمتغير الجديد برأي المصري، هو أن هناك استعدادا أمريكياً للعب دور مباشر من خلال أطراف عربية.. والهدف هو تحقيق ما لم يتحقق من أهداف إسرائيلية”.

واعتبر المصري أن عدم مشاركة السلطة في قمة السعودية مسألة ليست بالهينة، “فهي أولى أن تشارك بالاجتماع، لكنها لم تتمكن من أن تكون هناك رغم سعيها إلى ذلك، وبالتالي علينا جميعا أن نشعل الأضواء الحمراء”.

وقال المصري في ندوة “شؤون إسرائيلية” بعنوان: “السياسة الإسرائيلية شمال الضفة الغربية النتائج والأبعاد” بإنه أصبح لدينا خطة عربية تقول إن هناك حاجة إلى تأهيل السلطة عبر فترة انتقالية، وهذه الفكرة بدأت أمريكية وصارت عربية.. وجميعنا نعلم أن المؤقت هو مسألة دائمة”. وتابع: “إنهم لا يريدون سلطة تمثل الهوية الوطنية الفلسطينية أو دولة فلسطينية كأنها شيء مش مهم”.

وكانت حركة “حماس” وجّهت رسالة للقمّة عبّرت فيها عن استعدادها للتعاون مع أي مبادرة تهدف إلى التصدي لمحاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مع التأكيد على حماية الحقوق الفلسطينية. وشدد رئيس المجلس القيادي في حركة “حماس”، محمد درويش على أهمية استكمال مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، وإعادة إعمار القطاع ورفع الحصار، مشيدًا بموقف الدول العربية الرافض لمشروع تهجير الفلسطينيين.

كما دعا درويش في رسالته إلى تشكيل حكومة توافق وطني أو لجنة إسناد مجتمعي لإدارة شؤون غزة وفق القوانين الفلسطينية، رافضا أي تدخلات أو وجود قوات أجنبية في القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *