زيارة سوليفان للسعودية وإسرائيل .. محادثات وراء الكواليس تضع ملامح نهاية حرب غزة وطن
في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قال “David Ignatius”، إن معايير نهاية حرب غزة وملامحها بات أكثر وضوحًا بعد رحلة قام بها مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، ونائبه لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، إلى السعودية وإسرائيل نهاية الأسبوع الماضي، لافتا إلى أنه حصل على الخطوط العريضة للمحادثات السرية التي أجراها الرجلان هناك.
وبحسب مقال الكاتب بالصحيفة الأمريكية، فإن “سوليفان وماكغورك” لم يرسما خريطة طريق، بل وضعا ما وصفه بمجموعة من إشارات المرور وحدود للسرعة، لكن الأمر يشير بالفعل إلى اتجاه نهاية تدريجية للعمليات القتالية الإسرائيلية وبداية “اليوم التالي للحرب” الذي لا يزال غامضًا، حسب وصفه.
محادثات وراء الكواليس
وتابع “Ignatius” أن أسهل طريقة لوصف الكيفية التي يمكن بها لهذه الحرب أن تنتهي هي من خلال شرح التفاهمات المبدئية بين الأطراف، والتي تم استكشافها من خلال محادثات جرت وراء الكواليس ولكن لم يتم الإعلان عنها صراحة بعد، والنقاط التالية توضح هذا.
اولًا: يبدو أنه قد تم احتواء حرب غزة، مما أدى إلى تجنب اشتعال المنطقة بالكامل، وهو ما كان يخشاه الكثيرون بعد أن هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، ويرجع هذا جزئياً إلى المحادثات الهادئة بين إيران وأمريكا، بما في ذلك الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي في سلطنة عُمان بين ماكغورك، والقائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني الجديد علي باقري كاني، الذي توفي سلفه في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، يوم الأحد، أدى إلى مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي.
طوال هذا الحوار، وجهت الولايات المتحدة تحذيرات صريحة بشأن كيفية الرد على التصعيد الإيراني، وتعززت هذه التحذيرات من خلال الضربات العسكرية الأمريكية على الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، والتي يبدو أنها أوقفت الهجمات ضد القوات الأمريكية في تلك البلدان، ماعدا الحوثيين المدعومين من طهران الذي يواصلون إطلاق الطائرات المسيرة على السفن في البحر الأحمر، لكنهم يتعرضون لهجمات مضادة شبه يومية من القوات الأمريكية هناك.
وجراء هذه المحادثات أيضا وضعت إيران بعض القيود على البرنامج النووي للبلاد، ووافقت سراً على إبقاء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% والحد من مخزونها من الوقود المخصب إلى هذا المستوى، كما حدت إيران من تركيب أجهزة طرد مركزي جديدة ووافقت على مواصلة التعاون مع مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هناك علامة على الحوار بين الولايات المتحدة وإيران، فعندما تحطمت مروحية رئيسي، يوم الأحد، طلبت إيران مساعدة عاجلة من أمريكا في تحديد موقعها، وأرسلت خريطة توضح الموقع المحتمل، بحسب مسؤول مطلع.
وتابع “David Ignatius” في مقاله بـ”واشنطن بوست“: “ولا يرى المحللون الأمريكيون أن وفاة رئيسي كان لها تأثير كبير على التصرفات الإيرانية، داخليًا أو خارجيًا، لأنهم يعتقدون أنه من غير المرجح انه كان سيخلف المرشد الأعلى المتقدم في السن، آية الله علي خامنئي، ويقولون إنه بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يكون خليفة خامنئي هو ابنه، مجتبى، الذي يُنظر إليه على أنه المفضل لدى الحرس الثوري.”
ثانيًا: توصل قادة الاحتلال الإسرائيلي إلى إجماع بشأن الهجوم النهائي على كتائب حماس الأربع المتبقية في رفح، وبدلاً من الهجوم العنيف بفرقتين، الذي فكرت فيه إسرائيل قبل عدة أسابيع، يتوقع القادة الحكوميون والعسكريون هجوماً محدوداً، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه سيؤدي إلى عدد أقل من الضحايا المدنيين، ولهذا السبب، لن يعارض بايدن الأمر، ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ما لا يقل عن 800 ألف من حوالي 1.5 مليون فلسطيني تجمعوا سابقًا في رفح قد غادروا المدينة حاليًا.
ثالثًا بحسب زعم الكاتب، فإنه على الرغم من أن حماس ستحتفظ بوجودها في غزة، إلا أن القادة الإسرائيليين يقولون إن حوالي 75% من قدراتها العسكرية المنظمة قد تم تدميرها، وأن عملية رفح ستقضي على الكثير من القدرات المتبقية، ويبدو أن حماس قررت عدم الوقوف والقتال، بل قررت بدلاً من ذلك الذوبان في صفوف السكان كقوة حرب عصابات، حسب وصف “Ignatius” الذي أكد أن هذا سوف يشكل صداعاً مستمراً لإسرائيل، التي تخطط لشن غارات منتظمة ضد عناصر المقاومة هناك، كما تفعل الآن في الضفة الغربية. وفي الواقع، قد تكون الضفة الغربية نموذجًا لكيفية تطور غزة في المستقبل.
رابعًا: اتفق مسؤولو الاحتلال على استراتيجية “لليوم التالي للحرب” تشمل قوة أمن فلسطينية تعتمد جزئيًا على الرواتب من السلطة الفلسطينية الخاصة بغزة، وسيشرف على هذه القوة الفلسطينية مجلس حكم من الوجهاء الفلسطينيين، تدعمه دول عربية مثل مصر والأردن والإمارات والسعودية، ويقبل بعض المسؤولين الإسرائيليين وليس بنيامين نتنياهو أن يكون لهذا الكيان الحاكم علاقات مع السلطة الفلسطينية في رام الله، يقول كاتب المقال.
وتابع أن هناك مشكلة جديدة مهمة تتمثل في أن مفاوضي حماس أبلغوا مصر أنهم قد يقبلون هذا الكيان الحاكم في غزة كجزء من “الترتيب الانتقالي” المبين في المسودة الأخيرة لاتفاق تفاوضت عليه الولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وفقًا لما ذكره مسؤول مطلع.
تطبيع السعودية مع إسرائيل
خامسًا: وافقت السعودية على مسودة “شبه نهائية” لاتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة تتضمن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وجاء في ملخص محادثات سوليفان، يوم الأحد، مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنه، كجزء من هذه الصفقة، تتوقع المملكة اتفاقًا على “مسار موثوق” نحو حل الدولتين للمشكلة الفلسطينية، وهو ما يمثل تخفيفًا للغة السعودية السابقة وسيكون الدور السعودي حاسما في أي حل نهائي للصراع في غزة.
وبحسب “David Ignatius” ستكون بداية نهاية حرب غزة هي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وهو ما تسعى إليه إدارة بايدن منذ أشهر.
وتابع:”وهنا أيضاً حدث بعض التقدم، ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن المحادثات يمكن أن تستأنف هذا الأسبوع.”
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن عناصر الاتفاق الذي من شأنه أن ينهي الحرب بغزة في نهاية المطاف موجودة على الورق، ولأن ائتلاف نتنياهو اليميني يرفض التعامل مع العديد من التفاصيل، فإن عملية صنع الصفقة النهائية قد تقع على عاتق حكومة إسرائيلية مستقبلية.
وأضاف موضحا:”ولكن يمكنك أن ترى من بعيد الخطوط العريضة لمنحدر خروج محتمل.”