فرضت الولايات المتحدة مهلة زمنية مدتها 10 أيام لتحقيق هدنة إنسانية في السودان، مع اقتراب العام الجديد. يأتي هذا الضغط المتزايد في ظل استمرار المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي أدت إلى أزمة إنسانية حادة. وتسعى واشنطن، بالتنسيق مع دول إقليمية، إلى وقف القتال وتسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين في مناطق النزاع، في محاولة لوقف تفاقم الأوضاع الإنسانية.

أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الهدف الفوري هو إنهاء الأعمال القتالية قبل بداية العام الجديد، مشيراً إلى انخراط بلاده المكثف مع السعودية والإمارات ومصر، بالإضافة إلى المملكة المتحدة. وتهدف هذه الجهود إلى الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع نطاق عمليات الإغاثة للمدنيين المتضررين من الحرب الدائرة في السودان.

خطة أمريكا لوقف الحرب في السودان: تفاصيل الضغوط والمهل

وتشكل هذه المهل الزمنية التي وضعتها الإدارة الأمريكية سابقة من نوعها، حيث أنها المرة الأولى التي يتم فيها تحديد إطار زمني واضح لإنهاء القتال بين الطرفين المتنازعين. وتأتي هذه الخطوة بعد تدخلات دبلوماسية مكثفة ولم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن، مما دفع واشنطن إلى زيادة الضغط على الطرفين.

المشاورات الإقليمية وتدخل الرياض

كشف مصدر سوداني مطلع أن القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، تلقى خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض دعوة عاجلة للامتثال لخريطة طريق الرباعية للتوصل إلى تهدئة. وقد طلب البرهان أسبوعاً إضافياً للرد على هذه الدعوة، بعد إجراء مشاورات مع حلفائه داخل السودان وفقاً للمصدر.

يشار إلى أن خريطة طريق الرباعية تشمل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، وتتضمن مقترحاً للهدنة الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى خطوات أخرى تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي في السودان. وتزامن تدخل الرياض مع زيارة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، إلى المنطقة.

الوضع الإنساني المتردي وتصاعد الضغوط

أعرب روبيو عن قلقه البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن تعرض قوافل المساعدات الإنسانية لهجمات، واصفاً الأوضاع في السودان بـ “المروعة والفظيعة”. وأكد أن المسؤولية عن هذه الأفعال ستتحملها جميع الأطراف المعنية، وأن الحقيقة ستظهر في نهاية المطاف.

ويتفاقم الوضع الإنساني في السودان بشكل مستمر، مع تزايد أعداد النازحين واللاجئين الذين يعانون من نقص الغذاء والدواء والمأوى. وقد ناشرت منظمات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، تحذيرات عاجلة بشأن خطر المجاعة والأمراض المعدية في مناطق النزاع.

مواقف الأطراف السودانية

من جانبه، أعلن مستشار قوات الدعم السريع، محمد المختار، عن ترحيبهم بأي مبادرة تهدف إلى وقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان. وأكد على استعداد قوات الدعم السريع للتعاون مع أي جهود تسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، مشدداً على أنهم ظلوا يستجيبون لجميع المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد.

فيما قال دبلوماسي سوداني سابق إن الإدارة الأمريكية عادة ما تضع مؤشرات واضحة واضطراراً قبل تحديد سقف زمني لأي ملف، وأن المهل ضيقة جداً. ويرى الدبلوماسي أن هذه الخطوة قد تدفع الطرفين إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة.

التحركات الدولية ومبادرة الإمارات

جدد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن وقف إطلاق النار الفوري وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين يمثلان أولوية قصوى. ورحب بجهود الولايات المتحدة في هذا الإطار، مؤكداً التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية لدعم مسار سياسي مدني مستدام.

يأتي هذا الدعم الإماراتي في إطار حرصها على استقرار السودان وتخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشها شعبه.

توجه رئيس الوزراء إلى نيويورك

وفي تطور مواز، توجه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك لإجراء مباحثات مع الأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين، بهدف بحث سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإمكانية تحقيق وقف لإطلاق النار. وتأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد المعارك في جنوب كردفان، وتقارير عن وقوع فظائع في مدينة الفاشر.

من المتوقع أن تشهد الأيام العشرة المقبلة جهوداً دبلوماسية مكثفة من قبل الولايات المتحدة والدول الإقليمية، بهدف إقناع الطرفين السودانيين بالالتزام بالهدنة الإنسانية. ومع ذلك، لا يزال مستقبل هذه الجهود غير واضح، ويتوقف على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات وتحقيق مصالح السودان العليا. وسيكون من الأهمية بمتابعة ردة فعل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على هذه المبادرة الأمريكية، وكذلك موقف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالقضية السودانية.

شاركها.