وطن في مشهد عزَّ فيه الموقف الصادق، وقف الرئيس التشيلي غابرييل بوريك ليقول ما لم يجرؤ على قوله معظم الحكام العرب. أعلن رئيس تشيلي سحب الملحقين العسكريين لبلاده من تل أبيب، في خطوة غير مسبوقة تأتي احتجاجًا على المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، واستمرار عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين.

“إسرائيل تقوم بتطهير عرقي في غزة”، هكذا قال بوريك صراحة، محمّلًا الاحتلال مسؤولية الإبادة، ومنددًا بصمت المجتمع الدولي الذي وصفه بأنه شراكة في الجريمة. لم يكتفِ الرجل بالمواقف الرمزية أو التغريدات الفارغة، بل اتخذ قرارًا سياديًا يؤكد أن هناك من لا يزال يملك بوصلة أخلاقية في هذا العالم، حتى وإن لم يكن عربيًا أو مسلمًا أو صاحب مصلحة مباشرة.

خطوة بوريك جاءت في توقيت تتكالب فيه أنظمة عربية على التطبيع، وتتنافس على نيل رضا واشنطن وتل أبيب، بينما غزة تئن تحت نار القصف والتجويع. المفارقة أن رئيس دولة لاتينية مثل تشيلي، التي لا تملك قواعد عسكرية في المنطقة ولا نفوذًا سياسيًا، استطاع أن يُحرج أنظمة عربية وملوكًا وأمراء يزعمون دعم فلسطين بينما لا يدخلون حتى علبة حليب عبر المعابر!

هذا ليس موقفًا عابرًا، بل امتداد لمواقف بوريك السابقة، حيث رفض استقبال سفير الاحتلال، وهاجم الجرائم الإسرائيلية علنًا في مناسبات متعددة. هو صوت الضمير في زمن تلوثت فيه المواقف، وصرخة أخلاقية في وجه آلة القتل والتواطؤ.

وفيما تتواطأ بعض الحكومات العربية مع المحتل أو تصمت صمت القبور، جاءت صفعة بوريك لتذكّر العالم أن الشرف لا يحتاج إلى نسب، وأن نصرة المظلوم لا تتطلب عروبة ولا إسلامًا، بل إنسانية وشجاعة.

لقد قالها بوريك، فهل يجرؤ الباقون على قول كلمة حق واحدة؟

بعد بوليفيا.. تشيلي تستدعي سفيرها من إسرائيل للتشاور احتجاجاً على جرائمها في غزة

شاركها.