“مناورات” الجزائر ضد المغرب تعري تورط “نظام الكابرنات” في عرقلة تسوية نزاع الصحراء

رغم إصرارها الدائم على تقديم نفسها كطرف “محايد” في نزاع الصحراء المغربية، تعود الجزائر مرة أخرى لتكشف عن تورطها المباشر في هذا الملف، عبر تصعيد دبلوماسي ضد كل خطوة دولية تدعم مغربية الصحراء، آخر هذه التحركات كان الهجوم الحاد الذي شنته الخارجية الجزائرية على زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية ذات الأصول المغربية، رشيدة داتي، إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، واصفة إياها بـ”الاستخفاف بالشرعية الدولية”.
هذا الموقف المتناقض يثير تساؤلات جدية حول مدى اتساق السياسة الخارجية الجزائرية، إذ في الوقت الذي تدعي فيه الحياد، تبقى الدولة الوحيدة التي تسارع إلى التنديد بأي دعم دولي للوحدة الترابية للمغرب، بل وتضع نفسها في مواجهة القوى الكبرى التي تبنت موقفا واضحا لصالح مقترح الحكم الذاتي المغربي.
هذا، وحطت وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، الرحال في الأقاليم الجنوبية للمغرب قبل يومين، لتدشن بذلك أول زيارة رسمية لمسؤول حكومي فرنسي إلى المنطقة.وقالت الداتي “هذه زيارة تاريخية لأنها المرة الأولى التي يأتي فيها وزير فرنسي إلى الأقاليم الجنوبية”، وهي “تؤكد أن حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية، كما سبق أن قال رئيس الجمهورية” إيمانويل ماكرون.
تورط الجزائر
التصعيد الجديد الذي تعتمده الجزائر في مواجهة المواقف الدولية الداعمة لمغربية الصحراء، من خلال إصدار بيانات “هجومية” تعكس حسب سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، انخراطها الواضح في النزاع، وتجاوزها لدورها المزعوم كـ”طرف محايد”، وهو ما يؤكد تورط النظام الجزائري كطرف رئيسي في القضية، خاصة بعد فشل المشروع الانفصالي الذي أصبح متجاوزا بحكم التطورات الميدانية والسياسية.
وأوضح عبد الفتاح أن الجزائر لم تكتف بتصعيدها التقليدي ضد المغرب عبر البيانات العدائية، وغلق الحدود، وقطع العلاقات الدبلوماسية، بل باتت تصعد حتى ضد شركاء المملكة وحلفائها الاستراتيجيين، مسجلا أن هذه السياسة التصعيدية، التي سبق أن انتهجتها ضد إسبانيا بعد الموقف الداعم لوحدة المغرب الذي أعلنه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، لم تؤت ثمارها، إذ اضطرت الجزائر إلى إعادة العلاقات وإرجاع سفيرها إلى مدريد، دون أن تتمكن من التأثير على الموقف الإسباني.
وحسب المتحدث ذاته، فإن الجزائر تكرر اليوم، نفس الأسلوب ضد فرنسا، إلا أن تأثيرها يبقى مستبعدا نظرا للطبيعة السيادية للموقف الفرنسي، الذي يعكس إجماعا مؤسساتيا نابعا من المصالح الاستراتيجية المشتركة بين باريس والرباط.
أوراق الضغط
وأشار رئيس المرصد الصحراوي إلى أن الأحداث التي شهدها ملف الصحراء منذ تدخل القوات المسلحة الملكية في الكركرات، في 13 نونبر 2020، كشفت عن احتراق جميع أوراق الضغط التي كانت بحوزة الجبهة الانفصالية، حيث سقطت ورقة التهديد بالحرب، بعد فشل محاولات التصعيد العسكري وعدم تحقيق أي مكاسب ميدانية، كما فشلت محاولة غلق معبر الكركرات، حيث لم يعد لعناصر الجبهة أي وجود في المنطقة العازلة.
هذا الوضع، وفق عبد الفتاح، دفع الجزائر إلى الخروج للواجهة كطرف مباشر في النزاع، وهو ما يفسر رفضها المتكرر لدعوات الأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، للمشاركة الجادة والفعالة في الطاولات المستديرة، وبدلا من الانخراط في المساعي الأممية، تستمر الجزائر في التصعيد السياسي والدبلوماسي، متجاهلة مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في هذا النزاع.
وعلى المستوى الدولي، أكد عبد الفتاح أن مواقف القوى الداعمة للمغرب تتماشى مع الشرعية الدولية، حيث يأتي الدعم الدولي لوحدة المغرب في سياق احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، علاوة على ذلك فإن هذا التأييد يعكس إدراكا متزايدا لحالة الحسم التي رسخها المغرب على جميع الأصعدة، سواء من خلال فرض سيادته على أقاليمه الجنوبية، أو عبر توسيع قاعدة التأييد الدولي، حيث تدعم المملكة اليوم أكثر من 113 دولة عضو في الأمم المتحدة، من بينها 30 دولة افتتحت قنصليات في العيون والداخلة.
وفي المقابل، يشير عبد الفتاح إلى أن المشروع الانفصالي يعيش حالة انهيار غير مسبوقة، مع تزايد الدول التي تسحب اعترافها بالجبهة الانفصالية، وكان آخرها غانا، وبنما، والإكوادور، هذا التراجع الدولي حسب المتحدث يعكس عزلة متزايدة للطرح الانفصالي، في وقت يواصل المغرب تكريس سيادته ميدانيا ودبلوماسيا، بدعم متزايد من القوى الدولية والإقليمية.
المصدر: العمق المغربي