خطّة اسرائيل الجهنميّة: تدمير 18 مخيّمًا بالضفة كما فعلت بمخيَّم جنين..

لا تخفي إسرائيل نيّتها تطبيق “نموذج غزة” في الضفة الغربية، مع ما يحمله من دمارٍ شاملٍ، وقتلٍ لكلّ مناحي الحياة وجعلها مستحيلة. وبدا أنّ الإبادة التي نفّذها في قطاع غزة، ستشكّل نموذجًا لعدوانه في الضفة، وفق ما صرّح به مسؤولون إسرائيليون؛ إذ نقلت (القناة الـ 14) العبرية عن مسؤولٍ أمنيٍّ كبيرٍ، قوله: “نحن بصدد شنّ عملية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية، قد تستغرق أشهرًا، وفي نهايتها، لن تكون مخيّمات الإرهاب موجودة. ما فعلناه في غزة، سنفعله بها أيضًا، وسنتركها في حالة خراب”. وبدت تلك التصريحات متطابقة مع ما قاله وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أنّ “العملية العسكرية في جنين ستستمرّ لأشهر، ولن نسمح لأذرع الأخطبوط الإيرانيّ وللإسلام السنّيّ المتطرّف بتهديد حياة المستوطنين وإقامة جبهة إرهاب شرقية ضدّنا”.
في السياق، وصف الكاتب والمحلل الإسرائيليّ، جدعون ليفي، ما فعله جيش الاحتلال في المخيَّم، الذي بات مخيَّم أشباحٍ، علمًا أنّ الأجهزة الأمنيّة التابعة لسلطة عبّاس في رام الله شاركت في العملية العسكريّة ضدّ المخيّم لوأد المقاومة قائلاً: “لم يخضع مخيم جنين قط للاحتلال، ولو حدث هذا النضال من أجل الحريّة في أيّ مكانٍ آخر، لَتحوّل هذا المخيم إلى أسطورةٍ عالميّةٍ، مع أبطالٍ وأفلامٍ تروي ما حدث فيه”.
وتابع المحلل، الذي زار المخيّم: “لقد دُّمر مخيم جنين. وطرد الجيش 21 ألف شخص من سكانه. وجرى تدمير 200 منزل وكل طرقاته، بالإضافة إلى 400 منزل آخر لم يعد صالحًا للسكن. وتواصل جرافات الهدم عملها، على الرغم من أنّ المخيم تحوّل إلى (دبّ من قماش)، حسبما وعد سائق الجرافة العسكرية، متباهيًا بأفعاله. هذا ما حدث في سنة 2002. وفي سنة 2025، أصبح مخيم جنين مخيم أشباح، وتحولت منازله وشوارعه إلى أنقاضٍ ودمارٍ، ومياه الصرف الصحي تتدفق في شوارعه.”
وأكّد: “لم يعد يسكن أحد في مخيم جنين. الجيش يُطلق النار على أيّ شيءٍ يتحرّك، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب من منطقة الموت هذه. مخيم جنين مات، وأصبح سكانه مشردين إلى الأبد. وأعلن الجيش أنّه لن يسمح بإعادة بناءٍ أيّ منزلٍ، أوْ طريق فيه”.
وأكّد أنّ “تدمير هذا المخيم هو جريمة حرب بشعة. ومَنْ يعرف المخيم ويعرف سكانه بصورةٍ خاصّةٍ، لا يسعه سوى البكاء هذا الأسبوع”.
ورأى الكاتب أنّه “من المفيد أنْ نتوقف قليلاً أمام بيانات الجيش التي تداولتها هذا الأسبوع أبواق إعلامية وأشخاص لم تطأ أقدامهم قط طرقات المخيم، إلّا على متن سيارة مصفحة للجيش. يقول المراسلون (إنّ تدمير المخيم ضرورة لضمان حرية عمل الجيش الإسرائيلي)، و(الآن، تتركز العملية على النواحي المتعلقة بالبنى التحتية والهندسية)، وأنّ (المخربين) بنوا المخيم بكثافةٍ، وضيّقوا الطرقات، بحيث لا تسمح بمرور سوى السيارات الصغيرة”، و (كلّ منزل دُمّر باعتدالٍ)”.
وأوضح أنّ “اعتدال الجيش هو الأكبر في الكرة الأرضية. فالمخيم لم يشيّده “المخربون”، بل دولة الإمارات التي ساهمت في إعادة بنائه من جديد، بعد تدميره في سنة 2002. والمفارقة أنّ الذين خططوا لإعادة بناء المخيم، جعلوا عرض الطرقات مساويًا لعرض الدبابة، لكي يتمكّن الجيش من اقتحام المخيم، هذه المرة، من دون أنْ تدمّر الدبابات كلّ ما يعترض طريقها. إنّ الكلمات الشيطانيّة المصقولة، التي تتحدث عن (البنى التحتية والهندسية)، ما هي إلّا لتبرير التدمير الكامل.”
وأكّد الكاتب الإسرائيليّ، المناهض للاحتلال، أنّ “مخيم جنين هو مخيم مقاوم ورمز للنضال ضد الاحتلال. في السنوات الأخيرة، تجمّع فيه العديد من المسلحين، وكان من الصعب التجول في المخيم دون لقائهم. لم يخضع مخيم جنين قط للاحتلال. ولو حدث هذا النضال من أجل الحرية في أيّ مكانٍ آخر، لَتحوّل هذا المخيم إلى أسطورةٍ عالميّةٍ، مع أبطالٍ وأفلامٍ تروي ما حدث فيه”.
وشدّدّ في مقاله، على أنّ: “كلّ سكان المخيم كانوا من اللاجئين، ومن أبناء لاجئين طردتهم إسرائيل من أرضهم في سنة 1948. عاش هؤلاء الناس متمسكين بماضيهم، وكان يشدّهم الحنين إليه. ومجتمع يقوم على التمسك بماضيه ونكباته، وعندما ندمّر مخيم هؤلاء الناس للمرّة الثانية خلال نصف قرن، وبعد 77 عامًا على طردهم من أراضيهم بالقوة، من المستحيل أنْ نتجاهل ماضيهم”.
واختتم: “لقد كان مخيم جنين المخيم التجريبيّ، ومخيما نور شمس وطولكرم على الطريق. ولدى الجيش خطط للمخيمات الـ 18. عندما تُغلق حديقة للحيوانات، تحرص على نقل الحيوانات إلى مكانٍ آمن. بينما عندما نغلق مخيمًا للاجئين، نرمي السكان، الذين لا حول لهم ولا قوة، على الطرقات، للمرة الثانية والثالثة في حياتهم. وهكذا نحلّ مشكلة اللاجئين من خلال تحويلهم إلى لاجئين أكثر”، على حدّ تعبيره.