اخبار

خاشقجي يُحذّر من قبره: لا تعودوا إلى السعودية.. إنه فخ قاتل!

وطن في خطوة غير متوقعة، فتحت السلطات السعودية الباب أمام المعارضين في الخارج للعودة إلى المملكة، متعهدة بعدم ملاحقتهم قانونيًا أو التعرض لهم بأي مساءلة، إلا في حال كانت لديهم “حقوق خاصة” مثل قضايا القتل أو السرقة.

هذه الدعوة، التي أثارت الجدل، تأتي وسط سياق سياسي مشحون، حيث لا تزال البلاد تشهد حملات قمع مكثفة ضد النشطاء والمعارضين داخلها، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذا العرض، وما إذا كان يشكل فرصة حقيقية للمصالحة أم مجرد فخ لاستدراج المعارضين وإسكاتهم.

بين الوعود والواقع.. هل تغيّر النظام؟

لطالما قدمت السلطات السعودية وعودًا بالإصلاح والانفتاح، لكن التجارب السابقة تجعل هذه التصريحات محل شك كبير. لا يزال عشرات المعارضين قابعين في السجون بتهم سياسية، وبعضهم صدرت بحقهم أحكام مشددة تصل إلى الإعدام، لمجرد تغريدات أو تعبير عن آراء معارضة. إذا كانت النية الحقيقية هي طي صفحة الماضي، فلماذا لا تبدأ الحكومة بإطلاق سراح هؤلاء السجناء كإثبات على حسن النوايا؟

على مدار السنوات الماضية، واجه العديد من العائدين إلى المملكة مصيرًا مجهولًا بعد أن صدّقوا وعود السلطات. بعضهم اختفى تمامًا، بينما تعرض آخرون لمحاكمات غير عادلة بتهم تتعلق بالإرهاب أو تقويض أمن الدولة. هذه الحالات تجعل المعارضين في الخارج أكثر حذرًا، فالدعوة إلى العودة قد تكون مجرد وسيلة جديدة لإعادة المعارضين إلى البلاد ثم إخضاعهم لمزيد من القمع بعيدًا عن أعين المجتمع الدولي.

جمال خاشقجي.. الدرس الذي لا يُنسى

لا يمكن الحديث عن عودة المعارضين دون التذكير بجريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018. خاشقجي كان يعيش في المنفى الاختياري، لكنه لم يكن يتوقع أن يقع ضحية استدراج مخطط له بعناية من قبل أجهزة الدولة. تم استدراجه بحجة استخراج أوراق رسمية، لكنه لم يخرج من القنصلية أبدًا، حيث تم اغتياله وتقطيعه داخلها في واحدة من أبشع الجرائم السياسية في العصر الحديث.

خاشقجي، الذي دفع حياته ثمنًا لكشف الوجه الحقيقي للنظام، لطالما حذّر من تصديق الوعود الرسمية. لو كان هناك نية حقيقية للإصلاح، لبدأت السلطات بالإفراج عن المعتقلين الحاليين بدلًا من دعوة آخرين للعودة. كلماته ورسائله لا تزال تُسمع بين المعارضين في الخارج، وكأنها تحذرهم من السير في الطريق ذاته الذي قاده إلى مصيره المظلم.

العودة.. هل هي نهاية المنفى أم بداية الكابوس؟

بالنسبة لكثير من المعارضين، الغربة ليست خيارًا سهلاً، لكنها رغم صعوبتها تظل أكثر أمانًا من العودة إلى المجهول. التاريخ الحديث مليء بحالات تم فيها استدراج معارضين عبر وعود كاذبة، ثم تعرضوا لمحاكمات قاسية أو اختفوا قسرًا فور عودتهم.

إذا كانت السعودية صادقة في سعيها إلى طي صفحة الماضي، فعليها اتخاذ خطوات ملموسة تثبت حسن نواياها، وأولها الإفراج عن المعتقلين السياسيين، ووقف حملات القمع، وضمان حرية التعبير داخل المملكة قبل دعوة المنفيين إلى العودة. أما بدون ذلك، فإن هذه المبادرة لا تعدو كونها مصيدة جديدة، قد يقع فيها من يصدق أن النظام تغيّر بالفعل.

خاشقجي من قبره المجهول: لا تعودوا.. إنها مصيدة!

لو كان جمال خاشقجي بيننا اليوم، فماذا كان ليقول؟ على الأرجح، كان سيحذر كل معارض يعيش في الخارج من تصديق أي وعود دون ضمانات حقيقية. كان سيذكرهم بأنه نفسه كان يحاول فقط استخراج وثائق رسمية، لكنه انتهى مقطّعًا داخل القنصلية.

كان سيقول لهم: “لا تكونوا الضحية التالية.. النظام لم يتغير، والأبواب التي تفتح أمامكم الآن قد تغلق خلفكم إلى الأبد.”

فهل يستمع المعارضون لنصيحة خاشقجي، أم أن بعضهم سيجد نفسه قريبًا داخل الزنازين التي هرب منها قبل سنوات؟

“عودة بلا محاسبة”.. ابن سلمان يدعو معارضيه للرجوع إلى السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *