في غزة، لم تعد الكاميرا أداة لنقل الحقيقة، بل سلعة تُستبدل بكيس دقيق. الصحفي الفلسطيني بشير أبو شعر عرض كاميرته للبيع، لا بسبب عطلٍ فني، بل لأن الجوع كان أقوى من المهنة، وأقسى من العدسة.
في وطن تُقتل فيه الحقيقة بالصمت، اضطر صحفيٌ أن يخلع سلاحه النبيل — كاميرته — ليطعم أطفاله، بعدما غلبه الحصار، وخذله العالم. إنها صورة تختصر مأساة غزة اليوم: أطفال جائعون، وآباء منكسرو الظهر، وعالم يتفرّج.
ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل اغتيال بطيء للحياة، وحصار مزدوج جعل من الجوع سلاحًا. المجاعة هناك ليست كارثة طبيعية، بل قرار سياسي بالإعدام الجماعي، تُشارك فيه أنظمة بالصمت، وتغيب فيه الضمائر.
“نمنا جوعى يا عرب”، صرخة خرجت من غزة، فارتجّ لها الجدار… ولم يتحرّك الضمير.