اخبار

حملة “حماية وطن” في جنين: معالجة سنوات من الفوضى وضمان أمن المواطنين

16 ديسمبر 2024Last Update :

صدى الاعلام_بعد أيام من انطلاق الحملة الأمنية الوطنية “حماية وطن” في مدينة جنين ومخيمها، بدأت ملامح التأثير الإيجابي لهذه الحملة تظهر تدريجيا، وسط ظروف معقدة وأوضاع أمنية واقتصادية واجتماعية متدهورة.

الحملة جاءت كاستجابة ضرورية بعد سنوات من الفوضى التي طالت مختلف جوانب الحياة في جنين، وهدفت إلى إعادة الأمن والاستقرار وإنقاذ حياة المواطنين من الفلتان الأمني المتزايد.

واقع صعب يتطلب تدخلاً عاجلاً

وقد تدهورت الأوضاع الأمنية في جنين ومخيمها بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مع انتشار ظواهر الفلتان الأمني ووجود المسلحين الخارجين على القانون في المدينة والمخيم. وتفاقمت هذه الحالة نتيجة اقتحامات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة التي زادت تعقيد الوضع.

نائب محافظ جنين، منصور السعدي، أوضح لـ”وفا” أن الفوضى الأمنية أثرت بشكل مباشر في حياة المواطنين، قائلاً: “جنين عانت الاقتحامات الإسرائيلية التي أدت إلى القتل، والتدمير، وتعطيل الحياة بالكامل. وحملة (حماية وطن) جاءت لحماية أمن المواطنين، وحقنا للدم الفلسطيني، ولضمان إعادة الحياة الطبيعية التي حُرم منها الناس على مدار أشهر طويلة”.

السعدي أشار أيضاً إلى أن الاضطرابات الأمنية كانت سبباً في تعطيل الحياة اليومية في جنين بشكل غير مسبوق، موضحاً: “حُرمت جنين من زيارة أهلنا من داخل أراضي الـ48، ما أدى إلى تدهور اقتصادها بشكل كبير. حتى المؤسسات الحيوية، كالصحة والتعليم والأسواق، تعطلت بسبب انعدام الأمن والأمان”.

المستشفى الحكومي بين خطر السلاح وتهديد الاحتلال

أحد أبرز التحديات التي دفعت إلى إطلاق الحملة، كان وجود المسلحين في محيط مستشفى جنين الحكومي، المستشفى الوحيد في المحافظة، ما جعله عرضة للاعتداءات.

المدير العام للمستشفيات بوزارة الصحة، هيثم الهدري، تحدث لـ”وفا” عن خطورة الوضع قائلاً: “تعرض المستشفى لإطلاق نار مباشر من المخيم، ما هدد حياة الطواقم الطبية والمرضى. الرصاص الحي وصل إلى الغرف الخلفية المخصصة لتخزين الأدوية والمستلزمات الطبية، ما أدى إلى اشتعال النار فيها وإتلاف مخزون إستراتيجي يكفي لثلاثة أشهر”.

وأضاف: “طالبنا مراراً بتحييد المستشفى عن أي نشاط مسلح، لكن استمرار وجود المسلحين أعطى ذريعة للاحتلال لاقتحامه عدة مرات. كان لا بد من تدخل أمني لضمان سلامة المستشفى وتوفير بيئة آمنة للمرضى والكادر الطبي”.

شلل اقتصادي وخسائر فادحة

تأثرت الحركة الاقتصادية في جنين بشكل كبير نتيجة الإغلاقات المتكررة والفلتان الأمني، ما أدى إلى خسائر تُقدّر بمليار دولار شهرياً.

مدير الغرفة التجارية في جنين، محمد كميل، قال لـ”وفا”: “تكرار الإغلاقات منذ بداية العام وحتى اليوم وصل إلى 54 يوماً، إضافة إلى إغلاقات أيام الجمع والعطل الرسمية والاقتحامات، ما يعني أن الأسواق أُغلقت لما يقارب 150 يوماً. هذا الشلل تسبب في خسائر فادحة للتجار الذين يضطرون إلى إغلاق محلاتهم رغم التزاماتهم المالية كالإيجارات واستيراد البضائع”.

وأضاف كميل: “مع توقف دخول أهلنا من داخل أراضي الـ48 وتعطل حركة العمال، تضرر القطاع الخاص بشكل كبير. حتى مؤسسات الغرفة التجارية اضطرت إلى الإغلاق خلال الاقتحامات المكثفة، في حين نقلت بعض الوزارات مكاتبها إلى مواقع أكثر أماناً”.

تعليق خدمات “الأونروا” والتعليم في خطر

في مخيم جنين، علّقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” خدماتها بسبب الاشتباكات العنيفة.

مدير شؤون “الأونروا” في الضفة الغربية رولاند فريديتش أعرب عن قلقه من الوضع في مخيم جنين قائلاً: “سكان المخيم محرومون من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما فيها التعليم والرعاية الصحية. المخيم يعاني حلقة مفرغة من العنف والتدمير جعلته غير صالح للسكن تقريباً. آن الأوان لضمان استئناف الحياة الطبيعية”؟

وأضاف: “التعليم كان من أكثر القطاعات تضرراً، إذ أُغلقت المدارس وتعطلت العملية التعليمية، ما يهدد مستقبل الطلبة في المنطقة”.

الكهرباء تحت الضغط المستمر

إحدى المشكلات الرئيسية التي واجهتها جنين كانت الاعتداءات المتكررة على شبكة الكهرباء.

مدير شركة توزيع كهرباء الشمال فرع جنين، ناصر أبو عزيز، أوضح لـ”وفا” أن طواقم الشركة تعرضت لضغط هائل لإصلاح الأضرار المتكررة قائلاً: خلال 14 ساعة فقط، تعرض محول الكهرباء في ساحة المخيم لثلاثة اعتداءات. هذا المحول، الذي تصل تكلفته إلى 70 ألف شيقل، هو واحد من 14 محولاً تعرضت للتلف هذا العام، ما كبّد الشركة خسائر بملايين الدولارات”.

وأشار أبو عزيز إلى أن استمرار هذه الاعتداءات يعطل حياة المواطنين، ويضع طواقم الشركة في مواجهة أخطار كبيرة أثناء العمل على إعادة التيار الكهربائي في أسرع وقت، مؤكدا أنه من الضروري عودة الهدوء والأمن إلى مدينة جنين، حتى تتمكن الطواقم من إصلاح الأعطال الكهربائية.

ولفت إلى أن التيار الكهربائي انقطع عن مناطق عدة بالمدينة منها الطريق المؤدي إلى مستشفى جنين الحكومي.

رسالة الحملة: استعادة الأمن والنظام.. ونحو مستقبل أكثر استقراراً

على الرغم من التحديات، أكدت حملة “حماية وطن” التزامها بإعادة الاستقرار وضمان حياة كريمة للمواطنين في جنين وسائر محافظات الضفة الغربية.

الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب أكد في بيان، الأحد، أن جهود الأجهزة الأمنية متواصلة في فرض النظام، وبسط سيادة القانون، وملاحقة الخارجين على القانون في جميع أنحاء الضفة الغربية بكافة عناوينهم ومسمياتهم، موضحا أنه تم اعتقال العديد من الخارجين على القانون، الذين اختطفوا مخيم جنين تحت سطوة البلطجة، والمال المشبوه، وبترهيب السلاح.

وشدد على أن العملية الأمنية ستستمر حتى تحقيق أهدافها كافة، وفي مقدمتها اعتقال المطلوبين وتقديمهم للعدالة، وفرض النظام والأمن وبسط سيادة القانون، وإزالة كل ما يعكر صفو الحياة اليومية للمواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *