منذ سنوات كتبت مقالا حول، فتح الفكرة الوطنية وفتح التنظيم، مشيرا بأن الخلل كان في فتح التنظيم وليس فتح الفكرة الوطنية، وما زال الأمر كذلك.
منذ تأسيسها وحركة فتح تتعرض لمحاولات اضعافها فكرا وتنظيما وشق صفوفها ليس فقط من منشقين عنها تقف وراءهم دول وحكومات، وبالرغم من كل ما أصاب حركة فتح من ترهل وضعف تنظيمي إلا أنها بقيت حارسة الوطنية الفلسطينية ولم تنجح اية حركة او حزب على الحلول محلها حتى الآن، وعندما نقول حركة فتح نعني أيضا منظمة التحرير الفلسطينية، ليس فقط لأنها عمودها الفقري بل لأنه لم يتبق عمليا في المنظمة غير حركة فتح بفكرها الوطني الجامع وتاريخها النضالي الذي استنهض الهوية والكينونة السياسية الوطنية.
ولكن الخوف على حركة فتح الآن أكبر من أي وقت سابق، وما نخشاه أن تنجح حركة حماس، فيما فشلت فيه دول وحكومات، وتقسم حركة فتح كما قسمت السلطة والشعب والنسيج الوطني.
ومن هنا يأتي انتقادنا الحاد لتنظيم حركة فتح وبعض قياداته الحالية، وأن ننتقد الواقع التنظيمي للحركة لا يعني اي إساءة لحركة فتح، الفكرة الوطنية والتاريخ النضالي.
لو كان تعارض المواقف الحالي بين قيادات حركة فتح يدخل في إطار توزيع أو تقاسم الأدوار كما كان يحدث في عهد الزعيم الراحل أبو عمار، لتفهمنا الأمر، ولكن لا يبدو أن الأمور تسير بهذا الاتجاه بعد أن وصلت التعارضات لدرجة التشكيك والتخوين مما يسيء لحركة فتح.
مثلا: الرئيس يصف حركة حماس بـ (أولاد الكلب) ويطالب بخروجهم من المشهد السياسي ويشاطره في ذلك غالبية أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، بينماأعضاء في المركزية والثوري يؤيدون حماس ومقاومتها وطوفانها ويقولون إنها جزء من النسيج الوطني ويؤكدون على ضرورة المصالحة معها!
وعضو في المجلس الثوري لحركة فتح يتهم من ينتقد حركة حماس أنهم عملاء لإسرائيل وينتمون للفرقة ٨٢٠٠دون قدرة على التمييز بين حركة حماس كجماعة إسلامية تابعة للإخوان المسلمين وتتبع أجندة خارجية وتطرح نفسها كبديل لمنظمة التحرير من جانب ،والمقاومة الوطنية كحق مشروع للشعب الفلسطيني من جانب آخر، ويرد عليه فتحاويون بغضب ويصفونه بأقذع الصفات بل وصفه أحد إعلاميي فتح بأنه (صرماية)، بل وصل الأمر لانقسام حاد ما بين فتحاويين قطاع غزة وفتحاويينالضفة، واحساس الأولين أن الأخيرين يستهينون بدماء اهل غزة حاضنة الوطنية الفلسطينية ويتعاملون باستعلاء مع فتحاويين القطاع وكل سكان القطاع.
وأخيراً، الفتحاوي أشرف دبور سفير السلطة في لبنان سابقاً وسفيرها حالياً في عُمان يزعم وجود شبهة فساد أو تلقى رشوة أو كمسيون بمبلغ نصف مليون دولار لتمرير صفقة عقارية في لبنان والوسيط او المتهم عضو لجنة مركزية!
هذا بالإضافة الى الفضائح المرتبطة بملف فساد نظمي مهنا، وحالة قلق فيما يتعلق بمرحلة ما بعد ابو مازن وتساؤلات لكثير من أعضاء مركزية فتح ومجلسها الثوري والقواعد الشعبية حول تعيين حسين الشيخ خليفة للرئيس في كل الرئاسات بعد اعتقاد أننا تجاوزنا مرحلة رئيس كل الرئاسات – المنظمة والدولة والسلطة وحركة فتح-٠ بغض النظر عن شخص الرئيس.
ليس هذا نشراً للغسيل الوسخ أو تشويهاً لحركة فتح التي انتمى لها وأنا عضو في المجلس الاستشاري للحركة، بل دعوة ومناشدة للرئيس أبو مازن والأخ محمود العالول لسرعة التحرك لوضع حد لحالة الميوعة والتسيب التنظيمي والفكري لإنقاذ حركة فتح واعادتها لدورها الريادي وخصوصا أن معركتنا مع العدو الصهيوني ما زالت طويلة وما أنجزته إسرائيل في الميدان قي غزة والضفة لا يعني أنه انتصر على شعب فلسطين أو أن القضية انتهت، فهناك دائما ما يمكن عمله.
