في عمق الصحراء الغربية، يقبع سجن الوادي الجديد؛ مكان لا تُطبَّق فيه القوانين ولا تصل إليه العدالة. ليس سجنًا بالمعنى المعتاد، بل “مقبرة أحياء” تُدفن فيها الأرواح قبل الأجساد. هناك، يُعاقب الناس لا على جريمة، بل على رأي، ويُدفنون في زنازين لا ترى الشمس.
زوجة أحد المعتقلين، الذي أمضى قرابة عشر سنوات خلف جدرانه، وصفت السجن بأنه “السجن الملعون”، مؤكدة أن ما يُسمّى “السجون النموذجية” ما هو إلا أكذوبة لتلميع وجه النظام. فالحياة داخله جحيمٌ من الإذلال: منعٌ من الحمام، ماء ملوث أسود اللون، وانقطاع متعمد عقوبة لمن يشتكي.
كل تفصيلٍ هناك يحمل القهر: الشراء من الكانتين إجباري، العقاب الجماعي روتين يومي، والمشاجرة الصغيرة تكفي ليُحرم مئات من الشمس لأشهر. الحرارة قاتلة، والهواء ممنوع، والحديث مراقب، ومن يرفع صوته يُساق إلى زنازين التعذيب. إنه نظام صُمم لا لحبس الجسد فقط، بل لطمس الكرامة.
سجن الوادي الجديد ليس مؤسسة عقابية، بل وثيقة إدانة كاملة لنظامٍ بنى شرعيته على القهر والخوف. خلف أسواره يتجلّى وجه الدولة العاري؛ دولة تقتل أبناءها باسم القانون وتُشرعن التعذيب تحت لافتة “الانضباط”. هناك في الصحراء، لا يُسمع صوت العدالة… بل صدى أنينٍ يُدفن كل يوم.