أشار تقرير صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب اليوم، الإثنين، إلى أن “المشاهد القاسية في قطاع غزة واستمرار الحرب التي ترفض إسرائيل إنهاؤها ورفضها لأي مبادرة سياسية، وكذلك التصريح بنوايا حول ضم مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة وطرد فلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم، هي أسباب تسونامي الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية، انطلاقا من إدراك عالمي يتسع بأن الصراع المستمر والنازف بالإمكان تسويته فقط إذا تم دفع فكرة الدولتين”.
وذكّر التقرير بأن إسرائيل قامت بموجب قرار تقسيم فلسطين لدولتين، عربية ويهودية، في تشرين الثاني/نوفمبر العام 1947، وأنه “من ناحية القانون الدولي وموقف معظم دول العالم، حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير مطابق لحق الشعب اليهودي الذي على أساسه أقيمت دولة إسرائيل وتم الاعتراف بها. والدولة الفلسطينية لم تقم حتى اليوم، وحدود دولة إسرائيل غير متفق عليها رسميا”.
وأضاف التقرير أن مشاهد التجويع والدمار والحشود التي تتدافع إلى مراكز المساعدات حاملين أواني الطعام الفارغة والأطفال الذين يتضورون جوعا، “تؤدي إلى انهيار سياسي إسرائيلي، والفجوة بين شعور إسرائيل بأن العدالة معها وإلى جانبها وأن جيشها هو الأكثر أخلاقية في العالم مقابل المشاهد الآتية من غزة وعلى إثر الانتقادات الدولية الشديدة لها، لم تكن أعمق أبدا”.
وحسب التقرير، فإنه “على إثر ما يبدو أنه طريق مسدود بعد سنتين من الحرب، والمعاناة البشرية والدمار الواسع الحاصل خلالها، يتبلور في أوساط المجتمع الدولي موقفا بموجبه يجب سحب من أيدي إسرائيل وحماس قوة الفيتو على دفع تسوية للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني النازف”.
ولفت التقرير إلى أن “المجتمع الدولي يتعامل بجدية مع تصريحات وزراء إسرائيليين، ووأدها في مهدها، حول ضم مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة وتشجيع ’هجرة طوعية’ للفلسطينيين من هذه المناطق، والتي تعني إدارة الصراع إلى الأبد. وبنظر المجتمع الدولي ثمة طريقة عمل واحدة ووحيدة وهي العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل الاتفاق على شروط خطة الدولتين”.
واعتبر التقرير أن تبعات الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية متعلقة برد فعل إسرائيل. “فإذا قررت إسرائيل تنفيذ خطوات انتقامية، مثل ضم مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو تشجيع هجرة فلسطينيين من هذه المناطق، فإنها قد تواجه عقوبات دولية ومسا بالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول العربية والغربية، وتوسيع ’اتفاقيات أبراهام’ سيُجمد إلى حين تغير إسرائيل سياستها وتوافق على البحث في تسوية سياسية بموجب خطة الدولتين للشعبين”.
وحسب التقرير، فإن “معارضة إسرائيلية للاعتراف بدولة فلسطينية من شأنها أن تلجم مبادرة واستعدادا من جانب الدول العربية والمجتمع الدولي للعمل على استقرار وإعادة إعمار قطاع غزة من دون حكم حماس، وإنشاء ظروف لإيداع السيطرة في القطاع بأيدي سلطة فلسطينية بعد خضوعها لإصلاحات. وهذا يعني أن عبء السيطرة في القطاع المدمر كليا وعلى مليوني فلسطيني، سيلقى على كاهل إسرائيل”.
وتوقع التقرير أن “تستمر إدارة ترامب في دعم إسرائيل واستخدام الفيتو ضد قرار الاعتراف بدولة فلسطينية، في حال اتخاذه في مجلس الأمن الدولي، ولكنها ستواجه صعوبة في الوقوف إلى جانب إسرائيل لفترة طويلة مقابل معظم دول العالم، وخاصة إذا ردت إسرائيل بخطوات متطرفة تشمل جعل السلطة الفلسطينية تنهار اقتصاديا وتنفيذ الضم”.
وتابع أن “الحكومة الإسرائيلية تمنع تعزيز السلطة الفلسطينية وإعادتها للسيطرة في قطاع غزة، لأنها تعتبر ذلك رافعة لإقامة دولة فلسطينية. لكن اعترافا دوليا بدولة فلسطينية سيعزز المكانة الدبلوماسية للسلطة وسيسمح لها بالوصول إلى هيئات ومحاكم دولية، وبذلك سيزداد المحفز الإسرائيلي بالتسبب بانهيار اقتصادي ووظيفي للسلطة، مثلما يحدث حاليا من خلال منع تحويل مخصصات المقاصة وفرض قيود على نشاط البنوك. وبعني انهيار السلطة أن إسرائيل ستتحمل العبء على حياة السكان في الضفة”.
وخلص التقرير إلى أن “امتناع إسرائيل عن التوصل إلى تسوية الصراع مع الفلسطينيين سيؤدي إلى تسريع وتصعيد التسونامي السياسي ضدها، وبضمن ذلك تبعاته الأمنية والاقتصادية. وفي المقابل، إذا اختارت الحكومة الإسرائيلية تنديدا سياسيا بمبادرة دولية أحادية الجانب، ولكن من دون خطوات استفزازية، سيكون بإمكانها مواجهة تحديات دبلوماسية وأمنية متصاعدة، ومن خلال إدارة علاقات دولية معقدة”.