يشير تصاعد حملات الاعتقالات التي ينفذها الاحتلال خلال الأسابيع الأخيرة في الضفة الغربية، مع تزايد اعتداءات المستوطنين بصورة غير مسبوقة، والواقع الاقتصادي المنهار، وكراهية الفلسطينيين للسلطة الفلسطينية، إلى وصول الضفة لنقطة غليان وحدوث انفجار وشيك في الأوضاع.

أمير بار شالوم محرر الشؤون العسكرية في موقع زمان إسرائيل، ذكر أنه بينما تعمل دولة الاحتلال بين ساحتي قطاع غزة ولبنان “الصاخبتين، يواصل الجيش نشاطه المكثف نسبيا في القطاع الصاخب الآخر، وهي الضفة الغربية، فالواقع الذي برز فيها خلال العام الماضي هو نسخة طبق الأصل من أجزاء من قطاع غزة وجنوب لبنان، وبات مناطق خالية من اللاجئين”.

وأضاف في مقال ترجمته “عربي21” أنه “في أغسطس 2024، بدأ الجيش عملية ‘المخيمات الصيفية’ في شمال الضفة الغربية، حيث داهم ثلاثة مخيمات للاجئين: جنين، ونور شمس، وطولكرم، وهي منطقة تعرف في الجيش باسم ‘مثلث العمليات المسلحة’، إبان خوض حرب ‘السيوف الحديدية’، وكان القتال في غزة ولبنان على أشده، حيث قرر الجيش اتباع نمط عمل مماثل لما اتبعه في الساحتين الأخريين: إخلاء مخيمات اللاجئين من سكانها، ثم دخولها ومقاتلة المسلحين المتبقين فيها بشراسة”.

وأشار أنه “منذ ذلك الحين، وبعد عام ونصف، أصبحت هذه المخيمات خالية إلى حد كبير من سكانها، تماما مثل لاجئي جنوب لبنان المتمركزين شمال الليطاني، أو سكان رفح وخان يونس المتمركزين في منطقة المواصي، ويصف ضابط كبير في القيادة الوسطى الوضع قائلا إن ما رأيناه في الماضي من بنى تحتية منظمة على شكل كتائب لم يعد موجودا، حيث تفرقت مراكز العمليات المسلحة، وتعمل اليوم في مجموعات صغيرة غير منظمة بشكل خاص، واليوم تغير شكلها وسلوكها بشكل مختلف”.

وأوضح أنه “في الوقت نفسه، يحدد الجيش باستمرار محاولات في الضفة لتقليد المقاومة في غزة، فبجانب الخلايا المسلحة، كان هناك جهد ملحوظ في العام الماضي لتطوير أسلحة الصواريخ. كان أحد المرافق التي تم اكتشافها قبل شهرين في رام الله في مرحلة متقدمة نسبيا من إنتاج الصواريخ، بما في ذلك تجربة إطلاق نار أجريت على الطريق 443، وبعد إطلاق النار بدأ تحقيق ‘الشاباك’، ثم تم اكتشاف المنشأة، وهي مختبر قرب رام الله، وتم العثور على 15 صاروخا في مراحل مختلفة من الإنتاج”.

وأشار أن “هذا الكشف يشير إلى احتمال حدوث احتكاك حاد، صحيح أنها حادثة معزولة، لكنها مثيرة للقلق بالتأكيد، وجاءت دون معلومات استخباراتية، وتبين أنها بنية تحتية تعمل في دائرة محدودة ومغلقة، مما قد يشير إلى حدث قد يغير قواعد اللعبة في لحظة واحدة، لأن إطلاق الصواريخ سيناريو تأخذه القيادة الوسطى للجيش بعين الاعتبار، خاصة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر”.

وأضاف أن “الحمم المشتعلة في الضفة لا تغذيها فقط حرب غزة، والإعجاب بحماس، بل ينبع جزء كبير منها أيضا من كراهية السلطة الفلسطينية، حيث تشير مصادر استخباراتية لفجوة متزايدة بين الشارع الفلسطيني وقيادة السلطة، فجوة توجَّه فورا لقناتين: دعم حماس والتحريض على المقاومة، وقد أمضى رئيس محمود عباس وقيادة السلطة شهري أغسطس وسبتمبر خارج رام الله، راكبين موجات الاعتراف الدولي بالدولة”.

ونقل عن مصدر عسكري أنه “من وجهة نظر الشاب الفلسطيني، فإنه يرى القيادة الفلسطينية تقضي وقتا في الخارج، بينما لا يستطيع هو الذهاب للعمل في الداخل المحتل، ويواجه نقاط تفتيش عسكرية، ويعاني البعض على أيدي المستوطنين، وهذا هو الواقع الذي يتعامل معه، وهذا الغضب خطير، فهو يخلق ما نسميه ‘مقاومة من الأسفل’، ليس النوع الموجه من الخارج، بل النوع الذي يخلق على الأرض، مع نشوء ظاهرة هامشية في هذه المرحلة، لكنها مقلقة، وهي خطر تسرب المقاومين من أجهزة الأمن الفلسطينية، صحيح أنه لا تزال هذه الظاهرة هامشية، ولكن مع تدهور الوضع الاقتصادي، فقد تتفاقم”.

وأشار أنه “في الوقت الحالي على الأقل، يستمر التنسيق بين أجهزة الأمن الفلسطينية والاحتلال، وكثيرا ما يرسل الجيش للمناطق التي تواجه فيها السلطة صعوبات، ويطلب المساعدة سرا، وقد يفيد هذا الوضع على المدى القصير في مكافحة العمليات المسلحة، لكنه يثير تساؤلات حول قدرة السلطة على دخول قطاع غزة، والعمل هناك ضد عناصر حماس الأقوى بكثير من عناصر الضفة الغربية”.

وتطرق إلى “ظاهرة جديدة في الأسابيع الأخيرة، فقد أضيف عامل زعزعة استقرار آخر للمنطقة، حيث تجري شعبة الضفة استعدادات سنوية خاصة لهذه الفترة، لكن في الأسابيع الأخيرة، ازدادت حالات المضايقات من قبل المستوطنين المتطرفين، وبحلول أكتوبر سجِّلت زيادة بنسبة 25 بالمئة في حوادث العنف التي ارتكبوها مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وهذا يصعِّب على الجيش الأمور للغاية، بل ينشأ وضعٌ معقَّدٌ جدا، ولا يمكن التنبؤ به مسبقا، وقد تنتهي أي عطلة نهاية أسبوع بعملية إعدام خارج نطاق القانون من قِبَل أحد الطرفين.

شاركها.