تحديات صاحبة الجلالة..وتوظيف أدوات العصر الذكي
»»
إن تطوير أدوات وآليات الصحافة بكافة روافدها الرسمية والخاصة وفقا لاحتياجات التحول الرقمي أصبح وأمسي مهمة تتطلب اتخاذ خطوات فاعلة نحو توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي وأساليب معالجة المعلومات البيانات،بهدف إحداث تغيير إيجابي وفاعل يسهم في تطوير الرسالة الإعلامية شكلا ومضمونا.
ويعتبر الذكاء الاصطناعى واحدا من أهم التقنيات التى تؤثر بشكل كبير على عمل الصحافة والصحفيين، وهو مجال يجلب معه فرصا كبيرة وتحديات متزايدة فى الوقت نفسه ،كما يستوجب الوعي بمتطلبات الحاضر نحو إعداد استراتيجيات جديدة للعمل الصحفى.
واعتقد أن نقطة الانطلاق في هذه المرحلة الفارقة ،إدراك تحديات مهنة الصحافة علي كافة مستوياتها ،وعلي رأسها المنافسة الشرسة مع منصات الإعلام الرقمي فائقة الذكاء بما تملكه من عقول موازية قادرة علي تقديم صحافة متطورة بمواصفات خاصة.
وهناك المنافسة مع “دخلاء المهنة” وصناع صحافة وإعلام الإثارة والتزييف والتعدي علي حرية الحياة الخاصة والمتاجرة بآلام وخصوصيات الناس ،وأحيانا الإجتراء علي قيم وثوابت المجتمع ،والهدف تحقيق أكبر قدر من المشاهدة وصولا ل “التريند”، ومن ثم تحقيق أرباح وأموال طائلة دون الالتفات للأبعاد الاجتماعية والتوعوية والأهداف السامية للإعلام.
ومن التحديات المهمة تجاوز إحباطات أجيال الشباب بعد تفشي شائعات تصفية الإصدارات القومية،وهو ما نفاه رئيس الهيئة الوطنية للصحافة في فعاليات ومناسبات عديدة ،مؤكدا أن الهدف هو إعادة الهيكلة وتوظيف الأصول والاستفادة من الكفاءات والمقدرات.
ولعل من المؤشرات الإيجابية في هذا الشأن، أن هناك مؤسسات تجاوزت أزمة الديون، ونجحت في وقف نزيف الخسائر.
واعتقد أن هناك محاولات جادة لعبور المحنة ، وهناك بعض الإنجازات لتطوير المواقع والمنصات الالكترونية ونسخ ال” Pdf” لتعويض توقف الاصدار الورقي لبعض الاصدارات.
كما بدأت الهيئة الوطنية للصحافة مبكرا فى تحفيز المؤسسات الصحفية نحو استخدام الذكاء الاصطناعى خلال عمليات ومراحل انتاج الصحفية بصورتها الورقية أو الاليكترونية ،وتوفير حزم تشجيعية ومادية للمؤسسات لمواكبة التطور التكنولوجى.
وتدفعنا بشريات التفاؤل للمزيد من بذل الجهد البناء والتخطيط وفقا لآليات عصرية لإدراك كافة الآمال والمبتغيات.
أتصور من أهم محددات تطوير الرسالة في الشكل والمضمون توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير غرفة صناعة المادة الصحفية، أوما يطلق عليه أهل المهنة “المطبخ الصحفي”، وتجاوز الطرق التقليدية في إعداد المادة الصحفية في صورتها النهائية للنشر، حيث تتيح التطبيقات والبرامج الذكية خيارات هائلة ومتعددة في كتابةوصياغة المادة الصحفية وكتابة عناوينها بصورة جذابة ومعبرة،وتجنب الصياغات المخادعة والزائفة، كما تتيح أنماط قابلة للتعديل والتطوير لقوالب وطرز الإخراج الصحفي وتصميم صفحات وواجهات المواقع والمنصات الالكترونية.
كما تتيح التقنيات الذكية أيضا صناعة محددات التميز في المادة الصحفية
تنقية الاخبار والتقارير المنقولة والمكررة ،ومراعاةحدود الاقتباس وحقوق الملكية الفكرية للآخرين.
كما تسمح بالإسهام في تدشين منصات لتوزيع النسخ إلكترونية ذكية بصورة عاجلة فور صدورها ،وإتاحة الحصول علي رودد أفعال وتعليقات ثرية حول مضمون المواد الصحفية.
كما تحمل تطبيقات الذكاء الاصطناعى صور مختلفة من أوجه الاستفادة أرشيف المؤسسات الصحفية سواءا للصور أو للأعداد القديمة أو المواد المنشورة عبر مواقعها الصحفية الرقمية.
ومن تحديات الصحافة فى عصر الذكاء الاصطناعى تطوير
آليات التواصل الفعال مع الجمهور أو مستقبل الرسالة من خلال إتاحة برامج وتطبيقات تضمن المشاركة بالتعليق والرأي وإرسال ما لديه من صور وربما مؤثرات الصوتيه ووسائط المتعددة بما يضمن الحصول علي التغذية المرتدة في صورتها المثالية ،وهو ما يكفل إثراءوتجويد الرسالة الإعلامية ،وإضفاء نوع من العمق والشمول وتصحيح بعض عناصرها إن لزم الأمر.
ومن تحديات المهمة في هذا الشأن كيفية تطوير مهام القائم بالاتصالا وتطوير أدواته وصولا إلي فكرة “الصحفي الشامل” الذي يمتلك قدرات ومهارات فائقة تجمع بين إدراك وامتلاك الأسس العلمية والخبرات المهنية، وفهم السياسات التحريرية ومتطلبات الواقع والمواءمات والتوازنات الاجتماعية والوطنية ،علاوة علي مهارات التكيف الإيجابي مع العقول الموازية والتقنيات الذكية فائقة التطور.
واعتقد أن الأمر يحتاج إلى إرادة حقيقية لدى الصحفيين لإعادة قراءة المشهد بعقلانية وحكمة وتعزيز برامج التدريب والإعداد لمواكبة التطور التكنولوجى الكبير،والتعايش مع احتياجات سوق العمل.
وتأتي أيضا علي القائمة الاستفادة من تقنيات الكشف عن الأخبار والتقارير الزائفة،
فى ظل انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة،عبر المواقع والمنصات الالكترونيةوظهور آليات لمكافحة هذا النمط من الاخبار.
و لعل هذا ما أشارت
إليه مؤخرا دراسة تطبيقية،للباحث عبداللاه خليفة المدرس المساعد بقسم الإعلام جامعة اسيوط وحصل بها علي درجة الدكتوراه بعنوان:دور الآليات الصحفية الالكترونية فى التحقق من الاخبارمن الاخبار الزائفة.
وقد تناولت الدراسة،الاخبار الزائفة وانواعها،ومواصفاتها،
وأسباب انتشارها،وتأثيرها على المجتمع،واليات،التحقق منها،وتقنيات التضليل والتزييف الحديثة،وعصر ما بعد الحقيقة،وتقنيات الذكاء الاصطناعي والأخبار الزائفة،وعرضت الدراسةنماذج لتجارب عالمية وعربية،ومصريةفى التحقق من الاخبار الزائفة.
وأتصور أن المؤسسات الصحفية باعتبارها القلاع الآمنة للإعلام المصري يجب أن تضطلع بمهمة التطوير التقني في العصر الرقمي متسارع الخطوات من خلال إعداد برامج تدريبية لصناعة جدارات وكفاءات متميزة تسهم في تطوير عناصر ومحددات العمل الصحفي وتلبية احتياجات المجتمع ومتطلبات تطوير مهنة ، “صاحبة الجلالة” كي لا تغادر مكانتها وتظل علي العرش، المصدر الأصيل للخبر الصادق والتحليل الموضوعي المتوازن.
ولا ريب أن مردود الغرس التعليمي الإيجابي في هذا الشأن سيصب في صالح تصميم هذا الاستراتيجيات الفاعلة عن طريق إعداد مواد علمية شاملة بمختلف كليات وأقسام الإعلام وفق برامج محددة..
إنها مسؤولية تتطلب شراكات قوية بين كافة أطراف النظرية والتطبيق..
والقادم أفضل بإذن الله.
إخلاء مسؤولية إن موقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
“جميع الحقوق محفوظة لأصحابها”