صوتت لجنة الكنيست في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، اليوم الإثنين، بالأغلبية مع استكمال إجراءات إقصاء النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير، وذلك رغم موقف المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية التي أبدت تحفظات قانونية جدية على القرار.
في تعقيبه شدد النائب عودة على أن ما يجري ليس استهدافًا شخصيًا له فحسب، بل تصعيد خطير ضد حرية التعبير لكل واحد من المواطنين العرب وضرب مباشر لما تبقى من الهامش الديمقراطي داخل الكنيست.
وقال “إن ما يحدث اليوم ضدي، قد يحدث غدًا ضد أي نائب عربي يرفع صوته وبالطبع ضد كل مواطن عربي”، وتابع “لا يمكن التراجع أمام هذا المسار الإقصائي لأن التراجع يعني فتح الباب أمام ملاحقة كل صوت حر. المعارضة التي كان من المفترض أن تشكل جدارًا أمام العنصرية والكهانية، اختارت أن تتحالف مع نتنياهو واليمين المتطرف. هذه ليست معارضة ديمقراطية، بل شراكة في مشروع التفوق اليهودي وقمع التعددية السياسية”.
وأكد عودة في ختام تصريحه أن المعركة ليست على شخصه أبدا، بل على الحق في التمثيل السياسي للعرب، وعلى حرية التعبير ككل، داعيًا القوى الديمقراطية داخل البرلمان وخارجه إلى الوقوف في وجه هذه السابقة الخطيرة، وأضاف: “إذا تراجعت سأضر بحرية التعبير لكل واحد من شعبي. صمودي هو دفاع عن شعبي وتراجعي خيانة لشعبي وهذا لن يكون”.
محكمة ميدانية
واعتبر زميله النائب الشيوعي اليهودي عوفر كاسيف أن ما جرى “ليس سوى محكمة ميدانية ومحكمة استعراضية صورية مخجلة وسريالية، هو إعدام سياسي منسق، حيث تنافس أعضاء الكنيست فيما بينهم: من يصرخ أكثر، من يحرض أكثر، من يكون أكثر تهجمًا، من يعربِد أكثر، ومن يفتري أكثر. ورئيس لجنة الكنيست؟ لكي يُرضي سيده من الأعلى ومركز حزبه الليكود من الأسفل، كان منحازًا طوال الوقت وأدار الجلسة ببلطجة وشعبوية”.
وعما جرى له شخصيا يضيف كاسيف: “تم إخراجي من اللجنة مرتين، في حين سمح رئيس اللجنة لأعضاء الكنيست وحتى للضيوف بشتمي ومهاجمتي شخصيًا دون أي تدخل، بل وتهديدي جسديًا. وزاد الأمر فظاعةً: بينما لم يمنع أحد الضيوف من مقاطعة حديثي، أخرجني عندما اضطررت للدفاع عن نفسي”.
وخلص النائب كاسيف للقول: “ليكن واضحًا: قرار عزل النائب عودة هو حلقة أخرى في انفلات الفاشية في إسرائيل، التي ستصل حتى إلى تلك الجهات في المعارضة التي انضمت إلى ائتلاف الدم بدعمها للملاحقة والعزل. سنواصل طريقنا بلا خوف. كلما تحدونا، سنزداد عددًا وتأثيرًا”.
إجراء غير قانوني وغير عادل
واعتبر مركز “عدالة” الحقوقي في حيفا داخل أراضي 1948 أن ما جرى إجراء شابه التحريض الشخصي والانتهاكات القانونية الصارخة وتجاهل لسوابق المحكمة العليا.
واستذكر أن الجلسة شهدت أجواء تحريضية عنيفة، حيث أطلق أعضاء من الائتلاف والمعارضة تصريحات عنصرية وتحريضية بحق النائب عودة والأحزاب ذات الغالبية العربية.
وصرح رئيس اللجنة، النائب أوفير كاتس (الليكود): “في دولة محترمة، يجب أن يتعفن أيمن عودة في السجن ولا يحمل الجنسية”. وتابع “عدالة”: “رغم هذا التصعيد، صوتت اللجنة لصالح الإقصاء، متجاهلةً موقف المستشار القانوني للكنيست الذي أكد أن التغريدة المعنية لا تفي بالمعايير القانونية للإقصاء وفق المادة 7(أ) من القانون الأساسي، وهو تقييم شاركه فيه ممثل النيابة العامة. وجاء هذا القرار بعد مداولات في اللجنة خلال جلستها الثانية المخصصة لمناقشة طلب الإقصاء، حيث اعتبر أعضاء في اللجنة أن مواقف عودة تتنافى مع ما أسموه بـ”ولائه للدولة والجيش الإسرائيلي”.
يشار إلى أن قرار الإقصاء يحتاج كي يُطبق إلى تصويت 90 عضوًا في الهيئة العامة للكنيست، بالإضافة إلى عدم إلغاء القرار لاحقًا من قبل المحكمة العليا.
وفي تعقيب للدكتور حسن جبارين، المدير العام لمركز عدالة: “لم تكن هناك أي بينة تشير إلى أن ما صرح به النائب عودة يخالف القانون أو يدخل تحت أي خانة جنائية. لذلك، ليس صدفة أن يتم فتح أي إجراء جنائي ضده، وليس صدفة أن المستشارة القضائية للكنيست وللحكومة أيدت موقفنا القانوني”.
وأضاف: “بالذات بسبب موافقة الأغلبية الساحقة من أعضاء الكنيست رغم عدم وجود مسوغات قانونية للإقصاء إشارة على الهبة العنصرية الفاشية ضد الأحزاب والنواب والقوائم العربية. وما حصل اليوم قد يكون صورة مصغرة لما هو آتٍ في الانتخابات القادمة إذ من المتوقع أن تكون هجمة شرسة من اليمين ضد كل القوائم العرب وممثليها. من هذا المنطلق نرى أن الإجراء ضد أيمن عودة كشخص هو إجراء عنصري يستهدف كل ما هو مختلف عن غالبية الكنيست”.