منذ تأسيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في كانون الأول 1987 كانت قياداتها السياسية والعسكرية هدفاً لاغتيالات نفذها الاحتلال الإسرائيلي داخل وخارج فلسطين المحتلة.
واعتبرت إسرائيل أنّ اغتيال قادة «حماس» وسيلة فعّالة لإضعاف الحركة وخلخلة بنيتها التنظيمية. فنوعت هذه الاغتيالات التي نجح بعضها وفشل بعضها الآخر بين عمليات دقيقة استهدفت رموزاً بارزة مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وأخرى موسعة خلال الحروب على غزة، طالت قادة ميدانيين في الجناح العسكري لحركة «حماس».
أبرز أسماء قادة «حماس» الذين اغتالتهم إسرائيل
صلاح شحادة
في تموز 2002، استهدفت غارة إسرائيلية منزل المؤسّس الفعلي لكتائب «عز الدين القسام» الجناح العسكري في حركة «حماس»، صلاح شحادة، بحي الدرج شرقي مدينة غزة؛ ما أدى إلى استشهاده و18 شخصاً بينهم زوجته ومرافقه القيادي في كتائب القسام زاهر نصار.
وشحادة هو من مواليد شباط 1952 بمخيم الشاطئ في غزة، وسافر في شبابه إلى مصر ليدرس في معهد الخدمة الاجتماعية بالإسكندرية، وبعد أن حصل على درجة البكالوريوس، عاد إلى غزة وعمل في منصب مفتش الشؤون الاجتماعية للقطاع.
أسّس في العام 1984، وقبل ثلاث سنوات من إعلان تأسيس الحركة، جهازاً عسكرياً باسم «المجاهدون الفلسطينيون»، كان عبارة عن خلايا سرية نفذت سلسلة عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقد ظل على رأس قيادة التنظيم إلى أن تحول إلى كتائب عز الدين القسام في العام 1991، واعتقلته إسرائيل بين العامين 1988 و2000.
الشيخ أحمد ياسين
في 22 آذار 2004، اغتالت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين إثر إطلاق مروحيات الاحتلال 3 صواريخ عليه، أثناء خروجه على كرسيه المتحرك من مسجد المجمّع الإسلامي بحي الصبرة جنوبي مدينة غزة.
وكان الشيخ ياسين قد تعرض لحادث في شبابه أصابه بالشلل.
كرس الرجل المولود في العام 1938 حياته للدراسات الإسلامية، قبل انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنه لم يشتهر إلا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حين أصبح رئيسًا لتنظيم إسلامي جديد، وهو حماس.
اعتقله الاحتلال عام 1989، وأصدر بحقه حكمًا بالسجن مدى الحياة، ثم أطلق سراحه عام 1997، في عملية تبادل تم بموجبها إطلاق عميلين إسرائيليين، كانا قد حاولا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في حينه خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان.
وفي 6 أيلول 2003، تعرض ياسين لمحاولة اغتيال إسرائيلية، حين استهدفت مروحيات الاحتلال شقة سكنية في غزة كان داخلها برفقة هنية، وأصيب خلالها بجروح طفيفة في ذراعه الأيمن.
عبد العزيز الرنتيسي
بعد تولي الطبيب والسياسي عبد العزيز الرنتيسي قيادة حماس، خلفًا للشيخ أحمد ياسين، تمكنت إسرائيل من اغتياله في 17 نيسان 2004، إثر إطلاق مروحية إسرائيلية صاروخاً على سيارته بمدينة غزة.
الرنتيسي، أبرز قادة حماس، كان قد نجا من الاغتيال صيف العام 2003، تولى مناصب عدة مثل عضوية الهيئة الإدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني.
كما عمل محاضراً في الجامعة الإسلامية بغزة منذ افتتاحها عام 1978، وتعرّض للاعتقال لفترات متباينة بسبب أنشطته المناهضة لإسرائيل.
وكان الرنتيسي ناطقاً باسم المبعدين إلى مرج الزهور جنوبي لبنان عام 1992، واعتقل فور عودته من مرج الزهور عام 1993، حيث ظل قيد الاعتقال حتى أواسط 1997.
نزار ريان
عام 2009، وخلال حرب «الرصاص المصبوب» التي شنّتها إسرائيل مطلع كانون الثاني على غزة، اغتال الاحتلال القيادي في حماس نزار ريان بقصف منزله في مخيم جباليا شمالي القطاع.
ريان كان قد اشترك في العمل العسكري مع كتائب القسام، وشغل عضوية المكتب السياسي لحماس لدورات متتالية حتى اغتياله.
وخلال سنوات ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، قاد ريان حملة شعبية منظمة هدفت إلى منع استهداف إسرائيل للمنازل الفلسطينية بالصواريخ عبر تشكيل دروع بشرية.
فكان ريان يصعد مع مئات المواطنين إلى أسطح البنايات المهددة بالقصف، مرددين التكبيرات.
محمود المبحوح
ولد في 14 شباط 1960، في مخيم جباليا بقطاع غزة، ويعتبر أحد قياديي كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس. يعده الاحتلال مسؤولاً عن خطف وقتل جنديين إسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
اعتقل سنة 1986 لمدة عام من قبل قوات الاحتلال التي أودعته سجن السرايا بغزة بتهمة حيازته السلاح وانتمائه للحركة الإسلامية. خرج محمود من السجن سنة 1987 لدى اندلاع الانتفاضة الأولى، وعاود نشطاته المقاومة للاحتلال بسرية وتكتم.
لم يتوقف عن عمله الجهادي، وازدادت علاقته بالشيخ المؤسس أحمد ياسين وبالشيخ المؤسس لكتائب عز الدين القسام صلاح شحادة، وكان عضواً في المجموعة العسكرية الأولى التي أسسها القائد محمد الشراتحة. عمل بعد خروجه من السجن على تشكيل «الوحدة 101» التي تخصصت بخطف الجنود، بإيعاز من الشيخ صلاح شحادة القائد في حماس.
اغتالت إسرائيل محمود المبحوح في دبي، حيث أعلنت شرطة دبي عام 2010 أن 11 شخصاً يحملون جوازات سفر بريطانية وأيرلندية وألمانية وفرنسية، قد نفذوا عملية الاغتيال، وعرضت صور المتهمين، مستندةً بتسجيلات الكاميرات العالية التقنية.
أحمد الجعبري
في تشرين الثاني 2012، اغتالت إسرائيل أحمد الجعبري، أبرز قادة حماس، في غارة جوية بمدينة غزة، وهو الذي كان يعد «ثالث ثلاثة» في المجلس العسكري للحركة مع شحادة ومحمد الضيف.
الجعبري مولود عام 1960، وبدأ حياته السياسية في حركة فتح، وتعرف خلال وجوده في السجن على مؤسس حماس أحمد ياسين، فتوطدت علاقته بقادة الحركة، التي انضم إليها بعد خروجه من السجن عام 1995. وفي العام 2000، أصبح ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام، إلى جانب الضيف وشحادة.
وبعد إصابة الضيف بجروح بالغة في محاولة اغتيال عام 2003، بات الجعبري القائد الفعلي لكتائب القسام، باعتباره نائباً للضيف وبات يحمل لقب رئيس أركان حماس والرقم الصعب، حسب وصف القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
ولعب الجعبري دوراً مهماً في تنظيم وتنسيق الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل، وأشرف على عملية تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندي جلعاد شاليط عام 2011.
رائد العطار
في 21 آب 2014، اغتالت إسرائيل في غارة جوية استهدفت منزلًا بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، من كان يصفه جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشاباك» بأنه أحد أقوى قادة القسام، رائد العطار.
العطار كان عضو المجلس العسكري لكتائب القسام، وأحد مؤسسيها. وكان العطار المسؤول عن منطقة رفح عسكرياً بكاملها، واتهمه إسرائيل ببناء منظومة أنفاق حماس تحت الأرض.
كذلك، خطط العطار للهجوم الذي شنته كتائب القسام في منطقة كرم أبو سالم عام 2006، وقُتل فيه جنديان إسرائيليان وجرى أسر الجندي جلعاد شاليط. وحمَّلته إسرائيل مسؤولية قتل الضابط في جيشها هدار غولدن خلال حربها على غزة في 2014 والاحتفاظ بجثته.
وانخرط العطار في صفوف كتائب القسام عام 1994، حيث شارك في الهجوم على موقع عسكري إسرائيلي على الحدود بين مصر وإسرائيل، قُتل فيه ضابط إسرائيلي.
جميلة الشنطي
مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تمكنت إسرائيل من اغتيال أول وزيرة في حكومة حماس وهي جميلة الشنطي، بغارة استهدفت منزلها في مدينة غزة في 18 تشرين الأول.
وبرز اسم الشنطي في 3 تشرين الثاني 2006، حينما نجحت مسيرة نسائية بقيادتها في كسر حصار فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مسجد في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، كان يضم عشرات المقاومين.
وفي العام 2006، تم انتخابها عضوة في المجلس التشريعي عن كتلة «الإصلاح والتغيير» ممثلة عن حماس.
وعُيّنت الشنطي عام 2013 وزيرة للمرأة في حكومة حماس، التي كانت تدير قطاع غزة. ووصلت إلى عضوية المكتب السياسي لحماس عام 2021 بوصفها أول سيدة في المكتب.
أيمن نوفل
في 17 تشرين الأول الماضي، شنت إسرائيل غارة جوية على مخيم البريج وسط قطاع غزة، مستهدفةً القيادي في حماس أيمن نوفل، الذي يعد أحد أبرز القادة الأمنيين والاستخباريين في حماس، وعضو المجلس العسكري العام لكتائب القسام وقائد لواء المحافظة الوسطى، والذي صنفته تل أبيب سابقاً في المركز الرابع لقائمة المطلوبين للاغتيال.
نوفل من الرعيل الأول في كتائب القسام، وممَن قادوا العمل العسكري إبان الانتفاضتين (الأولى 1987 والثانية 2000). واعتقل 3 مرات عام 1991 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولدى السلطة الفلسطينية عام 1997.
وقاد نوفل جهاز الاستخبارات في كتائب القسام لسنوات، قبل توليه قيادة العمليات العسكرية فيها، وكانت محطته الأخيرة في قيادة لواء محافظة الوسطى بالكتائب.
صالح العاروري
في 2 كانون الثاني 2024، نفذت طائرة مسيّرة إسرائيلية غارة جوية استهدفت مبنى يضم مكتباً لحماس، في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، واغتالت صالح العاروري؛ نائب رئيس المكتب السياسي للحركة منذ تشرين الأول 2017 وأبرز قادة حماس، والذي أُعيد انتخابه في 31 تموز 2021، مع توليه رئاسة الحركة في الضفة الغربية.
ويعد العاروري المولود عام 1966 في بلدة عارورة قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، الرجل الثاني في حماس.
وكان الشهيد قد أسهم في تأسيس كتائب عز الدين القسام، وقضى 18 عاماً في السجون الإسرائيلية، كذلك قاد العمل الطلابي الإسلامي في جامعة الخليل منذ العام 1985 حتى اعتقاله عام 1992.
والتحق بحماس بعد تأسيسها أواخر العام 1987، واتهمته تل أبيب في 2014 بالتخطيط لخطف وقتل 3 إسرائيليين في الضفة الغربية.
إسماعيل هنية
يعد إسماعيل هنية أحد أبرز القادة السياسيين الفلسطينيين ومن رموز حماس، إذ شغل منصب رئيس الحكومة الفلسطينية بين عامَي 2006 و2007، وأعلنت الحركة اغتياله في غارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته بطهران، في 31 تموز من عام 2025.
وفي 2021، أعيد انتخاب هنية رئيساً للمكتب السياسي لحماس للمرة الثانية على التوالي لدورة تنتهي في 2025.
وكان هنية قد بدأ نشاطه السياسي داخل “الكتلة الإسلامية”، الذراع الطلابية لجماعة الإخوان المسلمين، والتي انبثقت عنها حماس لاحقًا، وتعرض أكثر من مرة للاعتقال ومحاولة الاغتيال من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
يحيى السنوار
يعد يحيى السنوار، الذي ولد في قطاع غزة عام 1962، أبرز قادة حماس في عملية طوفان الأقصى. كان زعيم حماس في غزة، وأصبح رئيس المكتب السياسي لحماس بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران في تموز الماضي 2024.
انضم السنوار إلى حركة حماس في سن مبكرة، وأسس جهاز أمن تابع لحماس، أطلق عليه اسم «مجد»، والذي يدير شؤون الأمن الداخلي، ويحقق مع العملاء المشتبه بارتباطهم بإسرائيل، ويتعقب ضباط المخابرات والأمن الإسرائيليين.
اعتقلت إسرائيل السنوار ثلاث مرات، وحُكم عليه بعد اعتقاله الثالث في عام 1988 بالسجن مدى الحياة أربع مرات.
وعلى الرغم من ذلك، كان من بين 1027 سجيناً فلسطينياً أفرج عنهم الاحتلال الإسرائيلي، وعاد السنوار إلى منصبه كزعيم بارز في حماس وتولى رئاسة المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة في عام 2017.
واستشهد السنوار خلال اشتباكه مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في 16 تشرين الأول عام 2024.
محمد الضيف
كان محمد الضيف رئيس الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، ويعد الضيف شخصية غامضة، عُرِف لدى الفلسطينيين باسم «العقل المدبر»، ولدى الإسرائيليين باسم «القط ذو السبعة أرواح».
كان الضيف أحد أكثر الشخصيات المطلوبة لدى إسرائيل، سجنته في عام 2000، لكنه هرب في بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وفي إحدى محاولات اغتياله في عام 2002، نجا الضيف لكنه فقد إحدى عينيه، وقالت إسرائيل إنه فقد أيضاً إحدى قدميه ويده، وإنه كان يعاني من صعوبة في الكلام.
وفشلت إسرائيل مرة أخرى في اغتيال الضيف خلال هجوم على قطاع غزة في عام 2014، لكنها قتلت زوجته واثنين من أطفاله.
وفي تموز 2024 أعلنت إسرائيل من جانبها أنها اغتالت الضيف في غارة جوية على مجمع في خان يونس. ولم تؤكد حركة حماس استشهاد الضيف حتى نهاية كانون الثاني عام 2025.
اغتيال قادة «حماس» هدف مستمر لإسرائيل
في 9 أيلول، أفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن إسرائيل استهدفت مسؤولين من حماس في قطر، وفي حين ذكرت مصادر إعلامية أسماء قادة حماس وهم خليل الحية وزاهر جبارين وخالد مشعل ونزار عوض الله، نفت مصادر مقربة من حماس لـ«رويترز» نجاح العملية.
تأتي هذه العملية بعد أنّ هدّد رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، في 31 آب الفائت، بتصفية قيادات حركة المقاومة الإسلامية حماس في الخارج، في ظل استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة.
وقال زامير مهدداً: «معظم قادة الحركة المتبقين يجلسون في الخارج، وسنصل إليهم أيضاً»، مضيفاً أن الجيش «يعمل بشكل هجومي، آخذًا زمام المبادرة وبالتفوق العملياتي في جميع الساحات وفي كل وقت»، على حد قوله.
وكانت إسرائيل قد نفذت اغتيالات طالت قيادات بالحركة في الخارج منذ بداية العدوان على قطاع غزة، منها اغتيال صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
وقبل ذلك بسنوات، اغتال الاحتلال الإسرائيلي أيضاً القيادي بحركة حماس محمود المبحوح عام 2010.