بروفيسورٌ إسرائيليٌّ يكشف سبب إطاحة ترامب القريبة بنتنياهو.. واشنطن لن تُهاجِم إيران خشية حربٍ جديدةٍ
رأى معهد دراسات الأمن القوميّ الإسرائيليّ أنّه “فيما يتعلق بقضية إيران، فإنّه يمكن للمرء أنْ يتوقع أنْ يُكثِّف ترامب الخطاب الذي يستخدمه البيت الأبيض تجّاه طهران ويستأنف فرض عقوبات اقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّه قد يأمر باستخدام القوة العسكرية الأمريكية ضدّ شخصيات إيرانية متورطة في أنشطة إرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ومع ذلك، فستمتنع إدارة ترامب عن العمل العسكريّ ضد القدرات النووية الإيرانية، خوفًا من تورط أمريكا في حربٍ جديدةٍ في الشرق الأوسط”، وفق ما جاء في دراسةٍ نشرها المعهد لتحليل توجهات السياسة الخارجيّة الأمريكيّة في عهد الرئيس العائد إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب.
وشدّدّ المعهد على أنّ “السياسة الخارجية الأمريكية ستتشكل وفقًا لنظرة ترامب التجارية للعالم ونفوره من الأدوات التقليدية التي استند إليها النفوذ الأمريكي في مختلف أنحاء العالم، ويشمل نهج (أمريكا أولاً) الذي يروج له التزامًا بتوسيع اتفاقيات التجارة وتنفيذ التعريفات الجمركية الحمائية، بحجة أنّ التجارة الحرّة أضرت بالعمال الأمريكيين والطبقة العاملة”.
أمّا المُحلِّل عوفر حداد، من القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ فقال إنّه “مع الإدارة الديمقراطية، لم يكن بنيامين نتنياهو خائفًا، وربّما حتى على استعداد لخوض المعركة من وقت لآخر، أمّا العمل ضدّ ترامب فإنّها لعبة جديدة، الديمقراطيون أحّبوا أنْ يضربوا، ولكن ليس أنْ يكسروا الأدوات، أمّا ترامب فليس لديه أدوات ولا قواعد، ونتنياهو يعرف ذلك جيدا أيضًا”، طبقًا لأقواله.
على صلةٍ بما سلف، قال البروفيسور الإسرائيليّ عيران يشياف، من الجامعة العبريّة في القدس المُحتلّة، إنّه “لدى الأمريكيين تعبير هو High maintenance person، يصفون فيه شخصًا يتطلب صيانة عالية، وأعتقد أنّ هذا هو السبب الذي من أجله سيطرد ترامب نتنياهو من الحكم، عاجلاً أم آجلاً، وسيتصرف ترامب بهذه الطريقة لسببين يعتمدان على اعتبارات اقتصادية”، على حدّ تعبيره.
وقال إنّ “السبب الأول، هو أنّ ترامب يرى في نتنياهو شخصًا يتطلب “صيانة عالية”. لقد حصلت إسرائيل من بلده على نحو 18 مليار دولار كمساعدة عسكرية في السنة الماضية. وترامب يفكر ويقول إنه لا يريد توظيف أموال أمريكية، لا في أوكرانيا، ولا في إسرائيل. والاستمرار في دفع الأموال في الشرق الأوسط ليس مطروحًا على جدول أعماله”.
ومضى قائلاً: “أمّا السبب الثاني، فهو أنّ ترامب يرغب، بشدة، في التوصل إلى اتفاق مع السعودية يجعله ثريًا، هو وعائلته، مثلما حدث في اتفاقات أبراهام. الشرط السعودي لمثل هذا الاتفاق هو دولة فلسطينية، لكن نتنياهو وشركاءه من اليمين أقسموا على معارضة إقامة دولة فلسطينية، والسعوديون سيطالبون برأس نتنياهو”.
وتساءل البروفيسور الإسرائيليّ: “هل لدى ترامب أيّ التزامات إزاء نتنياهو؟ الجواب هو “كلا”. لقد حقد ترامب على نتنياهو بسبب علاقته بجو بايدن. والآن، بعد أنْ تحرر من اعتبارات الانتخابات، لم يعد هناك أيّ أهمية للوعود الانتخابية. وفي جميع الأحوال، لن يُنتخب ترامب لولاية ثالثة. علاوةً على ذلك، يقلل ترامب، ظاهريًا، من إظهار عدائه وعداء عائلته للسامية، لكن سياسة والده في تأجير الشقق في نيويورك كانت طافحة بالعداء لليهود”.
وتابع يشيف: “كيف (سيطيّر) ترامب نتنياهو؟ في تقديري، هناك طريقتان: الأولى، أنْ يرسل رسالة إلى الأحزاب في إسرائيل، وعلى رأسها الأحزاب الحريدية، مفادها أنّ نتنياهو (أنهى مسيرته المهنية)، وهم سيفهون ذلك بسرعة كبيرة. والطريقة الثانية، استخدام الضغوط المالية، العصا والجزرة، على نتنياهو والليكود، وعلى قوى أُخرى”.
وخلُص الأكاديميّ الإسرائيليّ، صاحب الشهرة العالميّة، في مقاله بـ(هآرتس) العبريّة، والذي نقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، خلُص إلى القول إنّه “سيكون لمثل هذه الخطوة تداعيات مختلفة، من جهة، ستقدم مساعدة كبيرة للديمقراطية الإسرائيلية وأمن إسرائيل. نتنياهو هو المسؤول المباشر عن أكبر أزمة في تاريخ إسرائيل، وسيذكره التاريخ بأنّه من أكثر الذين خرّبوا الشعب اليهوديّ من الداخل”، على حدّ تعبيره.
وكان البروفيسور الأمريكيّاليهوديّ، جيفري ساكس قد قال لصحيفة (هآرتس) إنّ “المبدأ الذي يُوجّه السياسة الخارجيّة الأمريكيّة هو المصالح الاقتصاديّة والعسكريّة وأخرى، واشنطن قامت بتعيين ديكتاتوريين وقتلة في الحكم. ومنذ العام 1947 كانت واشنطن متورطةً في 80 محاولة انقلاب وتغيير الأنظمة الحاكمة في العالم، وقامت بذلك حتى ضدّ رؤساءٍ انتُخبوا بشكلٍ ديمقراطيٍّ، لا توجد لديهم قيم، بل مصالح”.
لم يكن نتنياهو زعيماً جيداً قط. لقد كان السياسي الذي نجح أكثر من الجميع في البقاء في منصبه لأنه اعتاد توزيع الوعود، ونسب الفضل لنفسه من دون أيّ علاقة بالواقع (على سبيل المثال، ازدهار قطاع الهايتك لم يكن بفضله، لكنه تباهى به) ونظراً إلى نجاحه في التهرب من تحمُّل المسؤولية عن الإخفاقات، حتى قبل 7 أكتوبر (فقد كان هو المسؤول عن التحريض الذي أدى إلى اغتيال رابين). وبمرور السنوات، ازدادت تطلعاته الاستبدادية، وأصبحت الفضائح والافتراءات أشد شراسةً، وإزداد التأثير السيئ لعائلته والمقربين منه. وأصبحت نرجسيته مرَضية.
من ناحية أُخرى، إيران وأذرعها منتبهون لتراجع التأييد الأميركي لإسرائيل، ومجيء زعيم أميركي، هو صديق فلاديمير بوتين، يساعد إيران.
سيواجه الذين سيخلفون نتنياهو ظروفاً جيو – سياسية صعبة. لقد سبق أن تسبّب ترامب بضرر استراتيجي عندما ألغى الاتفاق النووي مع إيران. ويمكن أن تكون الأضرار المستقبلية أخطر كثيراً.