اخبار

النزوح والجوع يلاحق المواطنين في قطاع غزة

أجبر المواطنون على النزوح من جديد في محافظة شمال قطاع غزة وبلدة القرارة شمال خان يونس جنوبا تزامنا مع موجة المجاعة التي تخيم على المواطنين وتحت قصف طائرات الاحتلال الحربية التي أذاقتهم مرارة التشرد والفقد والجوع معا.

يقول المواطن أبو حسين: كنت فوق ما تبقى من بيتي الذي تدمر جزء كبير منه في قصف سابق في بلدة القرارة شمال خان يونس وبدون سابق انذار بدأت الصواريخ والقذائف المدفعية تسقط على منازل الجيران وفي الشوارع ولم يكن أمامي إلا الهرب أملًا في النجاة فسقطت على الأرض وأصبت بجراح في قدمي التي أصابها النزيف لأنني مصاب بمرض السكري.

ويضيف: هربت نازحا تجاه الجنوب نحو بقايا مدينة الشيخ حمد، حتى احتمي من القصف الذي يلاحق الناس، ورغم كبر سني لم أجد وسيلة مواصلات وأجبرت على السير وقت الظهيرة والجوع ينهش في جسدي، حيث لم أتناوم الطعام منذ نحو 10 أيام.

ويتابع: انهكتنا الحرب والجوع والنزوح، وكل ذلك يلازم المواطنين في حطهم وترحالهم ولا يجدوا ما يأكلونه ولا يطعمونه لأطفالهم، وأجبر الناس على أكل خبز الأرز والعدس ولكن أنا كوني كبير في السن لم أتمكن من تناوله لأنه جاف ويابس ويصعب مضغه.

بينما يقول المواطن خالد فياض: لقد هربت وعائلتي بأعجوبة من شدة القصف الذي طال منطقة الفيايضة شمال شرق خان يونس أملًا مني في حماية نفسي وحمايتهم من الموت الذي يتربص بنا من كل جانب ولا نعرف كيف نحتمي منه.

ويردف: خلال رحلة نزوحنا والهروب من القصف، قصفت مُسيرة إسرائيلية المواطنين الهاربين والنازحين فأصابت جسد أحد أقاربي ففصلت جسده عن رأسه ولكن لم نتمكن من انتشاله وتركناه مسجى بدمه في الطريق من شدة القصف واستهداف كل من يحاول الاقتراب منه.

ويتابع فياض: شدة القصف غير المسبوق وبدون إنذار مسبق أجبرنا على ترك أمتعتنا يلتهمها القصف العشوائي والأحزمة النارية وخرجنا فقط بما نرتديه وبالكاد أخذ الواحد منا حقيبة مدرسة فيها بعض الملابس، والمجاعة تعتصر أمعاءنا وأصبحنا لا نقوى على المشي لمسافات طويلة حيث رحلة المسير قد تصل لثلاثة أو خمسة كيلو مترات بدون أدنى مقومات الإعانة على المشي من طعام وشراب.

بينما يقول الطفل يزن العبادلة (15 عامًا): تقطن عائلتي في منطقة كف القرارة وفجأة ونحن في البيت انهمرت القذائف المدفعية والصاروخية على البلدة، وأجبر الناس على النزوح وكل واحد منهم يهرب في تجاه دون أن يعرف القبلة التي يقصدها وتتعالى أصوات صراخ النساء والأطفال الهاربين من الموت والجوع يأكل أجسادهم.

ويتابع: لم يكن هذا النزوح الأول فقد نزح المواطنين في القرارة قرابة الخمس مرات كل مرة يزداد فيها حجم الألم والمعاناة والفقد، ونحن نازحون وجدنا شهداء من عائلة اليازوي في الشارع ولم يتمكن أحد من انتشالهم من شدة القصف وتركهم الناس على الأرض في مشهد لن أنساه في حياتي.

فيما تقول المواطنة انشراح عبد الله من مخيم جباليا شمال قطاع غزة: اعتقلت قوات الاحتلال زوجي خلال الاجتياح الأخير خلال تواجده في مستشفى كمال عدوان وتركوني وأطفالي الخمسة نصارع الحياة والجوع والنزوح، وها أنا أنزح بهم من جديد ولا أدري أين سأستقر بهم حيث القصف في كل مكان.

وتشير إلى أن بيتها هدم بشكل كامل وتعيش مع أطفالها في خيمة فوق ركامه تصارع الحياة والمجاعة، وتضيف، أنه في أحيان كثيرة يبيت أطفالي بلا طعام ولا خبز، إذ أن هذا حال الكثيرين بعد أن ضربت المجاعة والحرب كل بيت وشارع وزقاق في القطاع، متمنية أن تزول الغمة وتنهتي الحرب.

ووفقا لتقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الصادر عن الأمم المتحدة، فإن 470 ألف شخص في غزة يواجهون جوعًا كارثيًا “المرحلة الخامسة والأشد من التصنيف” خلال الفترة بين أيار/مايو وأيلول/سبتمبر 2025، بزيادة قدرها 250 بالمائة عن تقديرات التصنيف السابقة.

ويحدد التقرير أن السكان بأكملهم يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما يتوقع أن 71 ألف طفل وأكثر من 17 ألف أُم سيحتاجون إلى علاج عاجل لسوء التغذية الحاد. وفي بداية عام 2025، قدرت الوكالات أن 60 ألف طفل سيحتاجون إلى العلاج.

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين: “العائلات في غزة تتضور جوعًا بينما لدى البرنامج ما يكفي من الغذاء على الحدود لإطعام أكثر من مليون شخص لمدة أربعة أشهر، ومع ذلك لا يمكننا إيصاله إليهم بسبب تجدد الصراع والحظر التام للمساعدات الإنسانية المفروض في أوائل آذار/مارس”.

وأكدت ماكين على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لإعادة تدفق المساعدات إلى غزة، مضيفةً إذا انتظرنا حتى يتم تأكيد حدوث المجاعة، فسيكون الوقت قد فات بالفعل بالنسبة للكثير من الناس.

بينما قالت المديرة التنفيذية “لليونيسف” كاثرين راسل: “إن خطر المجاعة لا يأتي فجأة، وإنه يتكشف في الأماكن التي يتم فيها منع الوصول إلى الغذاء، حيث يتم تدمير الأنظمة الصحية، ويترك الأطفال دون الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة، وإن الجوع وسوء التغذية الحاد بمثابة واقع يومي للأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة.

وتابعت راسل، لقد حذرنا مرارًا وتكرارًا من هذا المسار، وقالت ندعو مرة أخرى جميع الأطراف إلى منع وقوع كارثة.

ويشار إلى أنه تم إغلاق المعابر الحدودية مع قطاع غزة منذ بداية مارس الماضي وهي أطول فترة إغلاق يواجهها المواطنين على الإطلاق ما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق إلى مستويات فلكية، وجعل الغذاء القليل المتاح بعيدا عن متناول معظم المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *