قالت الملكة رانيا، زوجة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الجمعة، إنّ: “حجم الدمار الذي نشهده في قطاع غزة كارثي، والوحشية فيه واضحة ولا يمكن إنكارها”، وذلك في كلمة أمام طلبة الجامعات في المكسيك، خلال مؤتمر سيغلو المكسيك (القرن الواحد والعشرين).

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أضافت الملكة رانيا، بأنّ: “غزة اليوم تشكل العدسة التي تفرض علينا رؤية الأمور بوضوح أخلاقي، ويجب إعادة تقييم الأسس التي تبنى عليها معايير التحضر والقيادة للمجتمعات ليس بالنسبة للشرق الأوسط فقط، ولكن للكثيرين حول العالم”.

وتابعت: “منازل وتواريخ تسحق تحت الركام، وعشرات الآلاف من الأشخاص قتلوا، وإسرائيل تجوّع شعبا بأكمله تحت حصار يقطع عنه كل شرايين الحياة، وأطباء منهكون من الجوع يكافحون لعلاج المصابين وسط نقص حاد في الإمدادات، وصحفيون شجعان يغطون الأحداث من الخطوط الأمامية يُقتلون دون محاسبة”.

“غزة اليوم بالنسبة لكثيرين حول العالم، تشكل تحديا لوجهات النظر السائدة والافتراضات الأساسية والمسلَمات، وتدفع الناس للتساؤل حول الروايات التي تفرض كحقائق غير قابلة للنقاش، وتكشف كيف يمكن تحريف الحقائق وتبرير المعاناة التي لا توصف، وتجريد شعب بأكمله من إنسانيته” استرسلت الملكة رانيا.

وفي السياق نفسه، دعت خلال كلمتها، إلى: “وقفة تأمل صادقة لإعادة تقييم الأسس التي تبنى عليها القيم الأخلاقية في مواجهة ما ضعف الحس الأخلاقي الذي يطغى على عالم تعمه الفوضى والتشتيت والضجيج، وضرورة إعادة تقييم تعريف المجتمعات للتقدم والقيادة والأسس التي يبنى عليها ذلك”.

وأردفت: “فلا يوجد عالم يمكن فيه تبرير قصف المستشفيات، أو تجويع الأطفال، أو إطلاق النار على أناس يسعون إلى المعونة”، مبرزة أنه “في عالم يساوي بين القوة الاقتصادية والتفوق الأخلاقي، كثيرا ما يستهان بالدول النامية والناشئة، وهذا تضليل”.

ومضت بالقول إنّ: “التنمية لا تعني التحضر بالضرورة، وأن التحضّر لا يُقاس بالناتج المحلي، بل بكيفية تعاملنا مع الآخرين، خاصة في أوقات الشدة”، موردة بأنّ: “الأردن فتح أبوابه للملايين ممن شُردوا بسبب النزاعات، وتحدث باسم السلام، ووقف إلى جانب المهمّشين، والمكسيك أيضاً، سعت لفعل الخير، وقدّمت الملاذ والصوت لمن لا ملجأ لهم”.

وفي السياق ذاته، أبدت الملكة رانيا إعجابها بالشباب حول العالم، ممّن رفضوا الصمت أمام معاناة الفلسطينيين، ووصفت مواقفهم بأنه: “تجسيد للشجاعة الأخلاقية في عالم تائه”، مضيفة: “وسط المعاناة التي رأيناها في فلسطين، تأثرت بشدة بردود أفعال كثيرين حول العالم ممن رفضوا السكوت، أناس خاطروا بتعليمهم، بسمعتهم، وسبل معيشتهم ليُعطوا صوتاً لأُناس لم يلتقوا بهم قط.

وكيف أن الشباب، على وجه الخصوص، نهضوا وتكاتفوا لأنهم يرون بأعينهم أن هذه المعاناة الكارثية لا تمت للإنسانية بصلة”.

وبيّنت أنّ: “الحديث بصوت عالٍ حين يسود الصمت، هو جوهر ما يجعلنا بشرا في عصر يُختزل فيه الإنسان إلى مجرد أرقام وبيانات؛ بالنسبة لي، إيماني هو مرساي الأخلاقي، والإسلام يعلّمنا الرحمة، والعدل، والكرم، وكرامة الإنسان. وهذه ليست مجرد مبادئ، بل أفعال تُشكّل حياتنا اليومية”.

شاركها.